بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 آذار 2023 12:00ص 133 يوماً على الفراغ الرئاسي.. 9 عهود استقلالية من 13 انتهت بأزمات (3)

سركيس يرفض طلباً أميركياً بتمديد ولايته والجميّل يُُراهن حتى اللحظة الأخيرة

إلياس سركيس إلياس سركيس
حجم الخط
133 يوما على الشغور الرئاسي في لبنان، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق قريبا، وبعد 11 جلسة انتخابية لم تسفر عن أي نتيجة، تستمر الحكومة الميقاتية الثالثة التي تعتبر مستقيلة منذ بدء ولاية مجلس نواب في 22 أيار 2022 الفائت في مهام تصريف الأعمال، في وقت يواصل الدولار ألاعيبه وتحليقه، مترافقا مع ارتفاع جنوني في الأسعار وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية، يتواصل الشغور الرئاسي ويستمر عداد فراغ الكرسي الأولى بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي، كان يطلق عليه فيما مضى «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع باسم الرئيس العتيد.
بأي حال، فإن «كلمة السر» الحاسمة بشأن الانتخابات الرئاسية لم تصدر بعد، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، وبالتالي سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا» ويدخل اليوم 133 على شغور الكرسي الأولى، ولبنان أمام استحقاقات دستورية هامة أبرزها الانتخابات البلدية والاختيارية التي تنتهي ولايتها في 31 أيار المقبل، في وقت تتواصل معه مرارات اللبنانيين التي باتت تطال كل تفاصيل حياتهم اليومية، ويبدو أننا في لبنان درجت العادة أن يختتم كل عهد رئاسي بأزمة حادّة تهدّد المصير الوطني، مما يؤشر بوضوح الى أن ثمة أزمة نظام واشكاليات دستورية، طبعا باستثناء نهاية عهدي الرئيسين فؤاد شهاب وإلياس الهراوي اللذين مرّت نهايتهما بسلام.

سركيس يرفض تمديد ولايته
 مع اقتراب ولاية الرئيس الاستقلال السادس الرئيس إلياس سركيس من نهايتها، كان الاجتياح الإسرائيلي الذي بدأ في مطلع حزيران 1982، وكما هو معلوم فان عام 1982 كان عام الانتخابات الرئاسية، لكن لبنان الذي صار على خط الزلزال، لم يلغِ الاهتمام بالاستحقاق الرئاسي الذي ظل له حضوره، وبدأ طرح الأسماء التي ستخلف الرئيس سركيس. ويؤكد العميد غابي لحود انه في مطلع ذلك العام قال السفير الأميركي للرئيس سركيس: «أتمنى عليك أن تفكر مجدداً في موضوع ولايتك، فربما تحتاج البلاد إلى وجودك سنة إضافية أو اثنتين على أمل أن تساعد التطورات على تحريك الحل في لبنان. فردّ سركيس: «أنتم تريدون شخصي أم تريدون سياستي؟ أما سياستي فهناك من يستطيع أن يكملها كما لو ان إلياس سركيس مستمر، وهو غابي لحود». ظلت التطورات في لبنان إلى تصاعد، ووقع الزلزال فعلاً في الرابع من حزيران، حينما بدأت إسرائيل عدوانها الواسع على لبنان. كان واضحاً ان مسار انتخاب رئيس الجمهورية بدأ يتغيّر، ويشير غابي لحود إلى انه عندما حصل الاجتياح الإسرائيلي وبلغ حدود بيروت، طلبت من الرئيس سركيس أن يطوي صفحة التفكير به للرئاسة، فالمعطيات انقلبت، وكان رأيه متفقاً مع رأي الرئيس سركيس. وهكذا ذهبت الرئاسة الى بشير الجميّل، وبعد اغتياله قبل تسلّمه، كان البديل شقيقه أمين.
أمين الجميّل يدشّن عهود الفراغ الرئاسي
يمكن القول ان عهد الرئيس أمين الجميل كان في معظمه انتفاضات وتغيّر تحالفات، سواء في ما كان يُسمّى المناطق الشرقية، أو فيما كان يسمى المناطق الغربية، حيث كانت انتفاضات بيروت والضاحية والجبل، وبشكل عام فالرئيس أمين الجميّل فهو تماماً كما يصفه كريم بقرادوني: «لقد حالف الحظ أمين منذ بداية حياته، وكان قدره أن ينجح حيث يفشل الآخرون، ورث النيابة عن خاله موريس الجميل، الموسوعة الفكرية المشدودة إلى التجديد والعصرنة والذي توفي قبل أوانه في عام 1970، فخلفه أمين نائباً عن المتن الشمالي عن عمر يناهز الثامنة والعشرين، وكان أصغر النواب سناً، وورث الزعامة عن أبيه بيار، الذي أسس أكبر الأحزاب اللبنانية واقتطع في أمين مكانة مرموقة، وحوّل منطقة المتن إلى إمارة خاصة به، وورث أخيراً الرئاسة في 21 أيلول 1982 عن شقيقه بشير الذي اغتيل في 14 أيلول 1982 رئيساً للجمهورية، فخلفه وهو في الأربعين من العمر، فصار أصغر رئيس جمهورية يحكم». وعند اقتراب ولاية الجميّل من نهايتها، وعند تحديد رئيس مجلس النواب الراحل حسين الحسيني موعد جلسة الانتخاب الرئاسية في 18 آب عمل رئيس الجمهورية آنئذ أمين الجميّل، وقائد القوات اللبنانية سمير جعجع وقائد الجيش العماد ميشال عون على منع عقد الجلسة، وإن كان لكل واحد حساباته.
فراح الجميّل وجعجع يعملان لمنع النواب من الوصول إلى مجلس النواب للحؤول دون اكتمال النصاب، وفي ليل الجلسة المقررة للانتخابات، وزعت القوات اللبنانية مسلّحيها في كل مكان كان يسمّى «المناطق الشرقية» لمنع النواب من الخروج من منازلهم والحؤول دون الوصول إلى المجلس النيابي.
وتعاون معهم رئيس الجمهورية في هذا السعي ولو لأهداف مختلفة.
فالجميّل كان يأمل بأن يكون الرئيس الجديد صديقاً له يتعاون معه كرئيس ويعطيه كرئيس سابق دوراً في الشأن العام، والقوات كانت تريد تكريس أمر واقع تعيشه البلاد.
أما قائد الجيش فكانت له حساباته أيضاً، وعند يوم الانتخاب توزعت حواجز «القوات اللبنانية»، في كل مكان فعملت على خطف النواب أو منعهم من متابعة سيرهم نحو مبنى مجلس النواب. (راجع «اللواء» 6 آذار 2023).
وفي عام 1988 انتهت ولاية أمين الجميل عند منتصف ليل 22 أيلول، فغادر القصر الجمهوري من دون وجود رئيس للجمهورية، ليستمر الفراغ في الكرسي الأولى مدة 409 أيام، لتبدأ بعدها مرحلة الطائف.
(يتبع حلقة عن الفراغ الرئاسي بعد الطائف)