بيروت - لبنان

اخر الأخبار

14 شباط 2019 06:15ص 14 عاما على استشهاد الرئيس رفيق الحريري... «اللــواء» تنشر حوار «سنة أولى سياسة» مع سعد الحريري

مسيرة شهيد لبنان والعرب حيَّة في نهج الإستقرار والإعمار

حجم الخط

مفاصل الأوضاع لم تتغيّر.. والمشاكل والإشكالات تدور في حلقة مفرغة
لا مساومة على المحكمة الدولية ودم الرئيس الشهيد ولن أهدي دمي للمجرمين
الحوار مع حزب الله مستمر رغم الإشكالات بيننا.. والوحدة الوطنية حصن لبنان في صراعات المنطقة


هذا الحوار اجرته «اللواء» مع الشيخ سعد رفيق الحريري في العاصمة السعودية في مثل هذه الأيام، بمناسبة الذكرى الأولى لجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
مرّت ثلاث عشرة سنة، ومفاصل الأوضاع في البلد لم تتغيّر، وكلام الحريري عام 2006 يبدو كأنه قاله اليوم، لأن المشاكل والإشكالات ما زالت تدور في حلقة مفرغة منذ تلك الفترة، من دون التوصّل إلى الحلول الحاسمة لها.
«لا مساومة على المحكمة الدولية ودم الرئيس الشهيد. الحوار مع حزب الله مستمر، رغم ان الكثير من الأمور هي موضع أخذ ورد، والمحكمة الدولية شكلت إشكالية مع الحزب. الأولوية دائماً للحوار حول سلاح حزب الله، والحفاظ على الاستقرار. امام لبنان فرصة ذهبية للاستفادة من الحماس الدولي لمساعدته. حماية لبنان وتحييده عن الصراعات الإقليمية والدولية يكون بتعزيز الوحدة الوطنية».
وهذا نص الحوار المنشور في عدد خاص لـ«اللواء» عن الذكرى الأولى لاغتيال الرئيس الشهيد في 14 شباط 2006.
«ص...»
تلقاه بعد فترة غياب، تجد نفسك وكأنك أمام شخص آخر: أكثر تحفزاً، أكثر حماساً، أكثر نضوجاً، وأكثر تمسكاً بثوابت المسيرة التي رواها والده الشهيد الكبير بدمائه الزكية...، وهو دائماً على تفاؤله بالغد الواعد للوطن وأهله، وبالوصول إلى الحقيقة والعدالة مهما طال الزمن.
سعد رفيق الحريري لم يعد «مشروع زعيم» كما كان الحال فور تسلمه الأمانة، وهبوط المسؤولية الوطنية الكبيرة على كتفيه فجأة إثر الرحيل المفجع للقائد الملهم، وعشية الانتخابات النيابية التي حقق فيها اكتساحاً مشهوداً في العديد من المناطق، وخرج منها بأكبر كتلة نيابية في تاريخ البرلمان اللبناني.
سعد رفيق الحريري استطاع الإمساك بزمام القيادة السياسية والزعامة الشعبية في فترة زمنية قياسية، رغم الظروف الأمنية الصعبة والمعقدة التي اضطرته للإبتعاد عن أرض الوطن في هذه الفترة: فهو دائم الحركة.. زيارات ولقاءات ومحادثات على مستوى القادة الكبار في الدول العربية وفي عواصم القرار الدولية، وإذا دخل إلى مجلسه، في المكتب أو حتى في المنزل، تشتعل «جبهة التلفونات على مختلف المستويات: اللبنانية منها والعربية وصولاً إلى الاتصلاات الإسلامية والدولية، والهدف متابعة أدق التطورات بأكبر قدر ممكن من تفاصيل المعلومات والمعطيات، بدءاً من أحداث لبنان إلى انتخابات فلسطين، إلى المشاورات الخلفية في مجلس الأمن، إلى الاتصالات الناشطة في مطابخ القرار الدولي، إلى تداعيات موجة الغضب الإسلامي على الحملة الكاريكاتيرية المسيئة للاسلام وللرسول العربي الكريم (ص).
وتراه في حركة مشاورات مستمرة، وأحياناً على مدار الساعة، مع الحلفاء في قوى 14 آذار، ومع الأخوة والأصدقاء في حركة «امل» وحزب الله، إلى التيار العوني في بعض الأحيان، والهدف دائماً واحد واضح: تمتين الجبهة الداخلية بمواجهة محاولات الشرذمة وزرع الخلافات والفتن من جهة، ونزع ألغام العرقلة والتفجير من أمام العمل الحكومي من جهة ثانية.
ويبدو ان التجارب المريرة لـ «سنة أولى سياسة»، وما حفلت به تجاذبات ومعاناة على مختلف المستويات، دفعته إلى «الطريق السريع» لاكتساب صفات أيوب! والتحلي بالصبر والحكمة والحنكة اللازمة للتغلب على الأزمات الطارئة، وما أكثرها، ولتجاوز الأزمات المزمنة وما أعقدها!!
وعلى طريقة الوالد الكبير الكبير، يحرص الزعيم الشاب على أن لا تفارق الابتسامة شفتيه، مجسداً عقيدة المؤمن بالعدالة الإلهية على قاعدة «إن الله يمهل ولا يهمل...»، وإن الحق يعلو في النهاية ولا يُعلى عليه!!
* * * 
ليس سهلاً أن تخطف من سعد الحريري الوقت اللازم لإجراء حديث صحفي في مناسبة هي الأهم في حياته، وتبقى الأعز على قلوب الملايين الملايين من اللبنانيين والعرب والمسلمين الذين عرفوا رفيق الحريري قائداً فذاً في الدفاع عن قضاياهم في المحافل الدولية.
وتتأرجح المواعيد بين مشرق ومغرب، من الرياض إلى باريس، ومن لندن إلى القاهرة، ومن واشنطن إلى نيويورك حيث جداول المحادثات حافلة باللقاءات الرسمية المهمة، ولا تترك برهة لإلتقاط الأنفاس.
وكم يكون شعورك محرجاً بعدما يستقر بك اللقاء في منزله في الرياض، بأنك تشاطر العائلة: الزوجة السيدة لارا العظم، والأولاد حسام وشقيقته لولوة والصغير ابن الأشهر الأربعة عبد العزيز، وقتهم المخطوف مع رب العائلة الذي كرس حياته، وليس وقته وحسب، لمتابعة المسيرة التاريخية التي أطلقها الوالد الكبير شهيد الوطن والعروبة والاسلام.
رغم تلك الأجواء الضاغطة حاولنا ان يكون هذا الحديث بمثابة وقفة وفاء متجدّدة لرفيق الحريري، وتحية تقدير لجماهير 14 آذار التي تجدد البيعة اليوم في الذكرى الأولى لاستشهاد باني بيروت ولبنان الحديث، أبو الطائف ومؤسس الوفاق الوطني الجديد.
وهذا نص الحوار الذي جرى على امتداد أكثر من جلسة.
{ عام بعد رفيق الحريري: أين كنّا وأين أصبحنا؟
- شخصياً ما زلت اشعر أني اعيش اللحظة التي اغتالوا بها والدي الرئيس الشهيد. الوالدة وأنا وإخوتي وكل العائلة بل كل رفاق الرئيس الشهيد الذين عرفوه عن كثب ربما لا يستطيعون مغادرة هذه اللحظة. إن 14 شباط جرح عميق جداً، كانت له تداعيات كثيرة على كل صعيد.
مرّت عليه سنة، كأنها لم تمر. يُقال ان كل مصيبة تبدأ كبيرة ثم تصغر. في هذه الحالة، ما يحدث هو العكس. الوجع يكبر، والشعور بغيابه يتعاظم امامنا يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة.
الشيء الوحيد الذي يواسي وجعنا هو رؤية اللبنانيين يتحدون ويقفون شعباً واحداً وصفاً واحداً ويداً واحدة. هذه الوحدة حققت الكثير في 14 آذار حققت ما لم يكن في الحسبان، وخصوصاً في حسبان القتلة الذين ارتكبوا هذه الجريمة، حاولوا دفع الشعب اللبناني إلى اليأس، لكنه انتفض عليهم وعلى اليأس، وكان 14 آذار. يوم تاريخي في حياة لبنان، نقل هذا الوطن المظلوم وشعبه من حال إلى حال يكفي ان نتذكر ما حصل في 14 آذار، وكيف خرج النّاس من بيوتهم وجاءوا إلى بيروت من كل المناطق، من الجنوب والشمال والبقاع، وعكار، واقصى القرى ليجتمعوا حول كلمة واحدة: الولاء للبنان والوفاء لرفيق الحريري.
لبنان في مواجهة مفتوحة
ويتابع بعد نفس طويل من السيجار الذي بيده:
بعد 14 آذار، أصبح لبنان في مكان آخر، داخلياً وإقليمياً ودولياً حقق الشعب اللبناني انسحاب القوات السورية، وحقق إسقاط النظام الأمني، وتغيير ديمقراطي بانتخابات نيابية جاءت بمجلس نيابي صُنع في لبنان للمرة الأولى منذ أكثر من 30 سنة، وحققت أيضاً قيام ائتلاف وطني اخرج فلول النظام الأمني من السلطة.
لا أريد ان اتحدث كأن العام كان فقط عام إنجازات، لأن لبنان واجه خلال هذا العام حملات منظمة للانقلاب على كل ما تحقق في 14 آذار أدوات التخريب لم تتوقف عن العمل، وهي في بعض الحالات التقطت الأنفاس وشنّت حرباً على رموز 14 آذار، وهي حرب إرهابية، مدروسة، ومموّلة من جهات خارجية معروفة، لا تريد أن تكتمل سيادة لبنان ولا تريد لنظامه الديمقراطي أن يستمر. فبعد سلسلة انفجارات تركّزت على المناطق المسيحية وتبيّن الهدف منها واضحاً في احداث الأشرفية يوم الأحد الأسود، كانت عملية الاغتيال التي أودت برموز وطنية وديمقراطية استقلالية واستهدفت حرية التعبير وصانعي الرأي لإسكات الأصوات الحرة الشريفة وإرهاب الرأي العام. لقد قتلوا سمير قصير وجورج حاوي وحاولوا قتل مي شدياق بهذا الهدف. ثم اغتالوا جبران تويني، في رسالة موجهة إلى أعرق صحف لبنان، وللصحافة اللبنانية عموما بمثل ما حاولوا قبل ذلك قتل وزير الدفاع الياس المرّ لتحويل الأنظار عن الأهداف الحقيقية لجرائمهم. كل هذا المسلسل وضع لبنان في مواجهة مفتوحة مع المعتدين عليه، وهي مواجهة لم تتوقف حتى الساعة.

دعم التحقيق الدولي
ويتابع: صحيح ان مجريات التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أسفرت عن تطورات نوعية، أهمها تشكيل لجنة التحقيق الدولية وإعلان المجتمع العربي والدولي تضامنه مع اللبنانيين وإصداره قرارات في مجلس الأمن ترغم المشبوهين على المثول أمامه، أياً كانوا. ومن النتائج ان 4 من رموز النظام الأمني المتهم باغتياله باتوا في السجن وان الكثير من المشبوهين يُشار إليهم حالياً بأصابع الاتهام، سواء كانوا داخل لبنان أو خارجه، ولدينا ثقة أن المجتمع العربي والدولي سيواصل دعمه لهذا الاتجاه. وان الحقيقة ستظهر وان القتلة سنالون العقاب الذي يستحقون.
تماسك قوى 14 آذار
{ ثمة قلق على تماسك قوى 14 آذار: لماذا غياب البرنامج السياسي المرحلي طوال هذه الفترة؟
- ليس صحيحاً ان البرنامج السياسي غائب. بل هو واضح والجزء الأكبر منه تضمّنه البيان الوزاري الذي نالت الحكومة الثقة على أساسه من البرلمان الذي تشكّل قوى 14 آذار الأكثرية النيابية فيه. وعلى أي حال ان العنوان الرئيسي في برنامج 14 آذار هو استرداد الاستقلال وتشكيل سلطة بديلة للنظام الأمني. الاستقلال بات واضحاً للعيان وهو حقيقة قائمة رغم كل العقبات. وإن كنت اعترف ان السيادة تتعرض لخروقات مستمرة. وعلينا ان ندرك ان تكتل 14 تعرض لحملة مضادة إرهابية عنيفة بعد أيام قليلة من انتصار انتفاضة الاستقلال. وهذه الهجمة لها مع الأسف أدوات داخلية، معظمها من المتضررين من قيام لبنان الجديد المستقل، وبعضها متضرر من خروج القوات السورية من لبنان.
قيام جبهة وطنية
{ كيف ستواجه الأكثرية هذه الهجمات المضادة؟
- المطلوب من الأكثرية ان تعيد تنظيم صفوفها، وهذا عمل يحتاج إلى جهد، قد بدأ بالفعل. يحتاج إلى تواصل. نحن الآن على أبواب الذكرى الأولى لـ14 آذار، وعلينا ان نستفيد من تجربة العام الذي مضى وان نضع النقاط على الحروف ونحدد الأماكن التي احرزنا فيها التقدم وتلك التي تراجعنا فيها. علينا ان نعيد النظر ببعض الأخطاء التي ارتُكبت وان نبادر إلى قيام جبهة سياسية وطنية حقيقية تُعيد احياء مفهوم 14 آذار وتجدد ثقة اللبنانيين بقدرتهم على بناء دولة مستقلة. إن هجمات المتضررين لن يمكن ان تؤثر على هذا المسار إذا كان التماسك محصناً بين 14 آذار.
صعوبات أمام السنيورة
{ يعتبر البعض ان الأداء الحكومي متعثر رغم الجهود المميّزة التي يبذلها الرئيس السنيورة؟
- ان رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة يقوم بدور كبير، وهو خلال فترة توليه المسؤولية أثبت حكمة عالية في إدارة شؤون البلاد، وهو يحظى بثقتنا الكاملة وثقة حلفائنا في 14 آذار. الكل يعلم الصعوبات التي واجهته داخل الحكومة وخارجها كما يعلم الجميع ان الحكومة تتحرك في ظل أوضاع سياسية لم تكتمل فيها عوامل التغيير. لا تنسوا ان فؤاد السنيورة على رأس حكومة في بلد ما زال رئيس جمهوريته اميل لحود، ونحن نعتبر ان الخرق الدستوري للحياة السياسية اللبنانية ما زال قائماً. وما زالت البلاد تبحث عن مخرج لهذا المأزق.
لا للتغيير الحكومي
{ هل تعتبر الظروف الحالية مناسبة للتغيير الحكومي على الأقل لاجراء تعديل وزاري؟
- إن المرحلة الحالية هي مرحلة تماسك حكومي والدعوة إلى أداء حكومي أفضل. الدعوات إلى تغيير الحكومة تأتينا من المتضررين من قيامها وأحد أهداف الحملة الإرهابية القائمة هي اسقاطها، وحوادث الأشرفية الأخيرة أحد الأدلة الساطعة على ذلك.
الشغب لإسقاط 14 آذار
{ هل انعكست احداث الأحد الأسود سلباً على قوى 8 آذار؟
- إن الذين خططوا لهذه الأحداث أرادوا إشعال فتنة مسيحية إسلامية وتحالف 14 آذار هو تعبير عن روح التضامن بين المسلمين والمسيحيين في لبنان. يعني انهم أرادوا إسقاط 14 آذار على مقربة من ساحته، ساحة الحرية. لذلك سبق ان اعتبرت ان الاعتداء على أبناء الأشرفية هو اعتداء على روح رفيق الحريري. ونحن نحمد الله ان وعي اللبنانيين كان أكبر من المؤامرة التي خططوا لها.
تقصير أم إهمال
{ ماذا حصل: تقصير أو إهمال من القوى الأمنية أم من المنظمين؟
- سبق لوزير الداخلية ان أعلن ان الجهات المختصة تحقق في هذا الأمر. وإذا ثبت ان هناك أي تقصير فإنه سيعالج في إطار الأنظمة والقوانين المرعية. وأنا من جهتي أعلنت بعد حوادث الأشرفية مباشرة اننا لن نقوم بتغطية أي مقصّر.
موقف السبع شجاع
{ هل يتحمل وزير الداخلية وحده المسؤولية وهل من مجال لرفض استقالته؟
- الوزير حسن السبع اتخذ موقفاً شجاعاً، وحمى في صدره وحده الحكومة ومنع المصطادين في الماء العكر من الدخول على الخط على أي حال، لم يتصرف الوزير حسن السبع كما تصرف أركان السلطة بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. هل يعقل ان يتم اغتيال رفيق الحريري ولا نسمع عن استقالة وزير الداخلية في حينه أو أي مدير أو ضابط في أي جهاز؟ إن الشعب اسقطهم جميعاً، وهو اليوم يقدر للوزير السبع تصرفه الديمقراطي المسؤول. اما بشأن السؤال حول تبعات استقالته، فالامر الآن في عهدة رئيس مجلس الوزراء، ونحن لن نقدم على أي خطوة الا بالتشاور مع الحلفاء.
العلاقة مع حزب الله ونصر الله
{ كيف تقوّم علاقتك بالسيد نصر الله و«حزب الله»؟
- نحن دخلنا معه في حوار صادق. لقد بنى رفيق الحريري هذه العلاقة، ونحن صادقون في حماية ما بناه الرئيس الشهيد. العلاقة الصادقة مبنية على ثوابت. كان الرئيس الشهيد يكرّس الكثير من جهده وعلاقاته لحماية المقاومة، وهذا ما نفعله نحن. ونريد ان نكمل هذه الطريق من خلال صيغة وطنية جامعة، على أساس اتفاق الطائف وليس على أساس أية اتفاقات بديلة أخرى.
هناك الكثير من الأمور التي هي موضع أخذ ورد مع الأخوة في «حزب الله»، ومع الأسف الشديد بعضها يحتاج الى مزيد من عوامل الثقة لدى الرأي العام اللبناني. اللبنانيون يسألون عن المسار المتعلق بمجريات التحقيق الدولي والمحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الكل يعلم ان هذه شكّلت إشكالية مع «حزب الله» في الحكومة وان المواقف الإعلامية الملتبسة في بعض الأحيان لم تُعزّز الثقة المطلوبة، وطرحت سؤالاً حول الصيغة الوطنية الجامعة التي كنا وما زلنا نأمل أن نراها تتشكل لحماية المقاومة. وفي كل الأحوال الحوار لم ينقطع وهو مستمر مع حزب الله وسيتواصل في المستقبل لأننا كنا وما زلنا نعتبر هذا الحزب جزءاً لا يتجزأ من المجتمع السياسي اللبناني.
{ لقاء عون - نصر الله يفتح أبواب الحوار الداخلي أم يُشكّل خلط أوراق سياسية واصطفافاً جديداً للقوى الطائفية والحزبية؟
- أترك التعليق على هذا السؤال على ما يكتب ويقال من تحليلات حالياً. هناك من هو مع، ومن هو ضد، وأنا أتابع واقرأ كل الاحتمالات.
أولوية الحوار والاستقرار في واشنطن
{ هل تفهّم الأميركيون أهمية الحوار اللبناني حول سلاح «حزب الله» وهل يُساعد ذلك في وقف السجال حول أن «المقاومة ليست ميليشيا»؟
- لقد قلنا في واشنطن اننا شرحنا أهمية هذا الحوار وأولوية الاستقرار في لبنان وآخر تصريحات المسؤولين الأميركيين أشارت إلى أن الإدارة الأميركية مع اتاحة المجال للحكومة اللبنانية كي تواصل هذا الحوار بهذا الشأن. أما السجال حول هذه النقطة فقد وضع الرئيس السنيورة المخرج الملائم له. وأعتقد انه توقف.
مع مبادرة برّي
{ مبادرة برّي الحوارية في مجلس النواب؟
- لقد أعلن دولة الرئيس برّي انه أوصى على طاولة مستديرة، ونحن ننتظر الاطلاع على حجم الطاولة والجهات التي ستدعى إليها، نحن في المطلق مع هذا الحوار ومع جهود الرئيس بري، المهم الا يكون في عداد المدعوين جهات سياسية مفخخة من الخارج.
لا تراجع للاهتمام العربي والدولي
{ ألا تلاحظ بعد زيارتك لباريس وواشنطن، أن الاهتمام الدولي بلبنان يتراجع بعد بروز الملف النووي الإيراني ووصول حماس إلى السلطة في الأراضي الفلسطينية؟
- على العكس تماماً، إن كل الزيارات التي قمت بها أثبتت أن الاهتمام العربي والدولي بلبنان لم يتراجع.
فرصة ذهبية لن تتكرر
{ هل الحماس الدولي لانعقاد مؤتمر مساعدة لبنان ما زال موجوداً؟
- قلت وأكرر ان أمام لبنان فرصة ذهبية لن تتكرر بوجود الإرادة العربية والدولية لمساعدته سياسياً واقتصادياً. الحماس موجود ومتزايد ولكن المهم ان تواصل الحكومة تنفيذ برنامجها الاصلاحي وان تستمر بالتواصل مع بعض الهيئات العربية والدولية والحكومات الصديقة لإنجاح هذا المؤتمر.
الوحدة الوطنية هي الحصن
{ هل يستطيع لبنان أن يحيد نفسه عن الصراع الدولي - الإقليمي؟
- نعم وبشكل واضح، بواسطة الحفاظ على الوحدة الوطنية، وحدها هي التي تحصن لبنان في مواجهة ما يحدث في المنطقة. وان بعض من يطرح هذا السؤال يريد تبرير عودة الوصاية إلى لبنان وابقائه في دائرة الاشتعال الإقليمي، لقد عانى هذا البلد طويلاً، ولم يعد هناك من مبرر لتعليق مصيره على مشاكل المنطقة.
لا خوف على الحقيقة
{ الكل يريد الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لكن ثمة خوفاً على هذه الحقيقة في خضم الصراعات الإقليمية والدولية المحتدمة؟
- لا خوف على الحقيقة. ونحن قلنا من البداية أننا سنتقبل نتائجها مهما كانت. لكن يبدو ان هناك من لا يريد الوصول إليها. وهي جهات تُعرّقل التحقيق، أو على الأقل متهمة من اللبنانيين ومن دول عربية وأطراف دولية بأنها لا تتعاون مع التحقيق.
لا مساومة على دماء رفيق الحريري
{ هل أنت مستعد لتسوية في هذا المجال؟
- هنا أريد أن أقول شيئاً واضحاً. لن تكون هناك أي مساومة على الحقيقة والعدالة مع أي جهة كانت. وإذا كان البعض يعتقد انه خارج دائرة الضلوع في الجريمة، فما هو داعي خوفه من التحقيق؟
إن المساومة على دماء رفيق الحريري غير واردة لدى عائلته، وحتى لو اعتقد الخائفون من التحقيق انها قد تصبح واردة، فإن قرارات مجلس الأمن وتشكيل المحكمة الدولية ومجرد وجود التحقيق الدولي يجعل «الأمر مستحيلا». يُضاف إلى ذلك ان الموضوع لم يعد موضوعاً شخصياً. ماذا سيفعلون مع زوجة باسل فليحان وطفليها؟ ومع زوجة سمير قصير وأولاده؟ ومع عائلة جورج حاوي؟ وماذا سيقولون لغسان تويني وعائلة الشهيد جبران تويني؟ ولزوجة وأولاد يحيى العرب وكل الشهداء الذين سقطوا على طريق الحرية؟ المسألة أكبر مما يتصورون بكثير. وأخيراً، فإن رفيق الحريري، كان زعيماً وطنياً وعربياً وإسلامياً. ودماؤه بهذا المعنى هي أمانة في أعناق كل الشرفاء في لبنان وفي الأمة العربية والإسلامية وفي العالم. مشكلتهم هي مع كل هؤلاء.
{ وأخيراً، كان لا بدّ من السؤال الذي يشغل بيروت ومعها كل الوطن، متى العودة إلى بيروت؟
- العودة في الوقت الذي احدده. وسبق ان قلت: لن اقدّم دمي هدية إلى المجرمين.