بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 حزيران 2023 12:00ص الصراع المسيحي - المسيحي منذ 1932 حتى اليوم أضعف موقع الرئاسة (4)

حين حذّر ريتشارد مورفي القادة المسيحيين.. مخايل الضاهر أو الفوضى

مخايل الضاهر مخايل الضاهر
حجم الخط
227 يوما مرّوا على الشغور الرئاسي في لبنان، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق، وبعد 11 جلسة انتخابية لم تسفر عن أي نتيجة، وتحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري الجلسة الـ12 لانتخاب الرئيس اليوم، حيث يتوقع أن تلحق هذه الجلسة بسابقاتها، في وقت يواصل الدولار ألاعيبه وتحليقه، مترافقا مع ارتفاع جنوني في الأسعار وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية، وهو ما دعا «المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان» لأن يشير في بيان له «الى أن الانهيار الذي تشهده الليرة مقابل الدولار الأميركي في بيروت كبير جداً ويستدعي التوقّف عنده»، مشددا على أن «المسؤولية الكبرى تقع على الحكومة وعلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الملاحق في العديد من دول العالم بتهم الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتزوير واستعمال المزوّر».
بشكل عام يتواصل الشغور الرئاسي ويستمر عداد فراغ الكرسي الأولى بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي، كان يطلق عليه فيما مضى «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع باسم الرئيس العتيد، ولأن «كلمة السر» الحاسمة بشأن الانتخابات الرئاسية لم تصدر بعد، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا»، وليستمر التنافس المسيحي - المسيحي وخصوصا الماروني – الماروني على الكرسي الأولى منذ زمن الانتداب حتى اليوم، واتخذ في أحيان كثير حد الاحتراب. هذا ما سنحاول تفصيله في أكثر من حلقة.

مع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان يوم الأحد في 13 نيسان 1975 التي استمرت مدت 15 عاما، مرَّت حقبات مختلفة ولم تكن مجرد قتال  بين طوائفه، بل أيضاً كانت واجهة أو أداة، للقضاء على الهوية الوطنية التي تناثرت كما جثث اللبنانيين.
في هذه الحرب القذرة قتل واغتيل قيادة، على ان ما يعينا هو هذا الصراع المسيحي - المسيحي وتحديدا الماروني - الماروني الذي أدّى الى إضعاف وقع رئاسة الجمهورية.
بعد اغتيال الرئيس المنتخب بشير الجميّل في 14 أيلول 1982، صعد وزير الدفاع الإسرائيلي ارييل شارون، كما يقول كريم بقرادني: «في 16 إلى بكفيا لتقديم التعازي بوفاة بشير ولأخذ الضمانات بأن أمين ملتزم بسياسة بشير. واختلى شارون مع بيار وأمين الجميل اللذين أكدا له انهما اطّلعا على محضر آخر اجتماع بينه وبين بشير، وانهما يلتزمان بمضمونه. وقد أدّت هذه الضمانات إلى اتخاذ موقف سريع من الحكومة الإسرائيلية بتأييد أمين. وقرّ الرأي الأميركي على دعم الجميل بدلاً من شمعون بعد أن أجرى فيليب حبيب اتصالات مكثفة مع مختلف الأطراف المعنية، وقرّر الرئيس رونالد ريغان إيفاد القوات المتعددة الجنسية إلى بيروت مجدداً وتمسكه بالمبادرة الأميركية لحل أزمة لبنان والشرق الأوسط.
وتحركت فرنسا من جهتها، وأوفدت مبعوثاً اقترح التمديد للرئيس سركيس ولو لفترة عامين، وتأليف حكومة اتحاد وطني، لكن سركيس رفض هذا العرض بحزم، وأبلغ الجانب الفرنسي انه لن يبقى دقيقة واحدة بعد انتهاء ولايته في 23 أيلول».
أما بالنسبة لسوريا، فقد تصرفت إزاء هذا الاستحقاق بكثير من المرونة والرويّة، فلم تعلن عن تأييدها لهذا المرشح أو ذاك، وإن كانت قد أبقت الأبواب مفتوحة امام أمين الجميل دون أن تعلن عن ذلك، «وحتى لا تتحمّل وزر الموافقة عليه».
أما على الصعيد الإسلامي، فإن أوّل المبادرين كان الرئيس صائب سلام الذي أعلن باسم التجمع الإسلامي عن تأييده لأمين الجميل، وكذلك فعل رئيس مجلس النواب كامل الأسعد وكتلته النيابية.. وهكذا بدا ان النائب أمين الجميل هو الأوفر حظاً للوصول الى سدة رئاسة الجمهورية.
في يوم 18 أيلول، عيّن رئيس مجلس النواب كامل الأسعد يوم 21/9/1982 موعداً لانتخاب رئيس للجمهورية خلفاً للرئيس المنتخب بشير الجميل. وذلك قبل يومين من انتهاء ولاية الرئيس الياس سركيس.
في العشرين من أيلول، أعلن الرئيس كميل شمعون عزوفه عن ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية وأوضح ان سبب عزوفه هو «ما سوف يفرض على من يشغل رئاسة الجمهورية من صلح منفرد يحرم لبنان من كل تعاون مع دول الجامعة العربية ويجعله معزولاً عن الشرق العربي».
دخل العام 1988، الذي يفترض أن يشهد انتخاب رئيس جمهورية جديد، في ظل استمرار التدهور المخيف في سعر الليرة اللبنانية.
ومع ان أكثر من جهة لبنانية، وخصوصاً في المنطقة الشرقية، كانت قد لفتت نظر الرئيس أمين الجميل إلى ضرورة الاعداد لتأمين خلف له، خشية الوقوع في فراغ دستوري، لكن وكما يؤكد كريم بقرادوني فقد «كان الجميل يعيش تجاذباً بين رغبة وواقع: رغبة في التمديد وواقع استحالته».
في حزيران 1988 التقى الرئيسان، حافظ الأسد وأمين الجميل، على هامش مؤتمر القمة العربية الذي عقد في الجزائر، فاتفقا كما يُؤكّد كريم بقرادوني: «على أن يقترح الرئيس اللبناني على الرئيس السوري بعض الأسماء التي يراها مناسبة لتولي منصب رئاسة الجمهورية».
ويقول بقرادوني: «بعد اسبوع من القمة أوفد أمين الجميل الوزير جوزيف الهاشم إلى العاصمة السورية لاستكمال البحث في انتخابات رئاسة الجمهورية، وتم الاتفاق على أن يعود الوزير اللبناني لاحقاً إلى دمشق، حاملاً لائحة بأسماء أربعة مرشحين أو خمسة تقوم سوريا باختيار واحد منهم، لكن أمين الجميل ارتأى ان يجتمع بسمير جعجع في القطارة قبل أن يتابع المفاوضات مع دمشق».
في 9 تموز، عقد لقاء في مقر إقامة سمير جعجع في القطارة حضره إلى الرئيس الجميل وجعجع، كريم بقرادوني ونادر سكر، وتم في هذا اللقاء كما يتناوله كريم بقرادوني: «استعراض للأوضاع السياسية المحيطة في انتخابات رئاسة الجمهورية. كما درسوا أسماء المرشحين اسماً اسماً، حيث تمّ بسرعة الاتفاق على الأسماء التي تمّ استبعادها ووضع عليها فيتو وهي ثلاثة: سليمان فرنجية وريمون إده وميشال عون وبدأ البحث بالاتفاق على الأسماء المقبولة لرئاسة الجمهورية، فراحت الأسماء تتساقط اسماً تلو اسم، فالشخص الذي لا يعترض عليه امين يلقى معارضة سمير، والاثنان يعترضان على معظم المرشحين.. وفي ختام الاجتماع تم الاتفاق على ثلاثة مرشحين هم: رينيه معوض، ميشال إده، وبيار حلو».
ويقول كريم بقرادوني ان التعليق النهائي لأمين في هذا الاجتماع كان: «لست مستعجلاً في فتح بازار انتخابي مع القيادة السورية ولست مستعداً للتفرّد باللعبة، بل أريد إشراك الإدارة الأميركية فيها. لن ارسل الأسماء دفعة واحد بل اسماً اسماً، واتركوني أتفاوض في النهاية من الرئيس الأسد مباشرة».
كان موعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل يقترب بسرعة وفي كل يوم تقريباً كان الرئيس يبحث مع مستشاريه الأسماء الثلاثة التي سيرسلها إلى الرئيس الأسد بواسط الجنرال غازي كنعان. غير ان هذه الأسماء كانت تتغيّر كل يوم، كذلك. وفي باريس كان الحريري يجري تقييماً للمرشحين. ثم يتقدّم برأيه الى السوريين والأميركيين.
وأبلغ الأميركيون الرئيس الجميل ان سليمان فرنجية «لن ينتخب» فيما قال الجميل للأميركيين ان ريمون إده وميشال عون لن يسمح لهما بالوصول إلى الرئاسة. ولعله بذلك قصد ان القوات اللبنانية، بدعم منه على ما يرجح، ستعارض انتخابهما.
وهنا طلع جعجع باقتراح وطلب منا ان ننقله إلى الرئيس الأسد بواسطة مورفي. وفيه دعا أن يختار الرئيس ثمانية أسماء، وبذلك تنعكس العملية التي كان يدعو إليها الرئيس السوري، ثم نقوم نحن، أي الرئيس الجميل والقوات اللبنانية والزعماء في المنطقة الشرقية باختيار ثلاثة من بين الثمانية. بعد ذلك يكون للرئيس الأسد أن يختار مرشحاً من الثلاثة. ورفض الأميركيون حمل الاقتراح. وفي هذه الأونة كان التنسيق بين الجميل وجعجع كاملاً، يضاف إلى ذلك ان الأميركيين كانوا يرفضون نقل اسم أي مرشّح إلى دمشق ما لم يكن مقبولاً للرئيس الجميل وسمير جعجع على اعتبار انه لا الجميل وحده يمثل المسيحيين. ولا جعجع وحده يمثل المسيحيين. وفي الرابع من آب اجتمع مورفي بالرئيس الجميل في بيروت، وأصدر بياناً أكد فيه أهمية إجراء الانتخابات، ووجوب التقيّد بالدستور، ومسؤولية اللبنانيين في «اختيار رئيسهم الجديد».
وفي منتصف شهر آب أعلن الرئيس سليمان فرنجية ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية. وعيّن رئيس مجلس النواب حسين الحسيني يوم 8 آب. موعداً لانتخاب رئيس الجمهورية، لكن نصاب المجلس لم يكتمل حيث عمل كل من الجميل وجعجع وعون مع اختلاف كل واحد في حساباته، على منع عقد هذه الجلسة. فراح «الجميل وجعجع يعملان لمنع النواب من الوصول إلى مجلس النواب للحؤول دون اكتمال النصاب. وفي الليل وزعت القوات اللبنانية مسلحين في المنطقة الشرقية لمنع النواب من الوصول إلى المجلس. وتعاون معهم الجميل وعون في هذا السعي، ولو لأهداف مختلفة. الجميل يأمل بأن يكون الرئيس الجديد صديقاً له يتعاون معه ويعطيه كرئيس سابق دوراً في الشأن العام أما عون فشارك في الحؤول دون الانتخاب خشي أن يكتمل النصاب وينتخب المجلس سليمان فرنجية. لقد كان يريد تأجيل العملية ريثما يشعر انه له فرصة جيدة لترشيح نفسه واحتمال انتخابه رئيساً».
ويروي الوزير السابق إيلي سالم: «ويوم الانتخاب، خطف بعض النواب الذين تجرأوا على تحدي الحواجز، حتى الظهر حين أعلن إلغاء الجلسة بسبب عدم اكتمال النصاب. وحين زرت أحد النواب في وقت لاحق لتهنئته بالافراج عنه، راح يروي قصته أمام الزائرين قائلاً بتأثر: فيما كنت أتوجه بسيارتي إلى المجلس، أوقفني المسلحون، وطلبوا مني هويتي فقلت لهم انني نائب ذاهب إلى المجلس للقيام بواجبي الوطني.. ها.. ها.. أجاب المسلحون.. نائب يا له  صيد ثمين».
وفي 31 آب اجتمع  البطريرك الماروني بطرس صفير بالنواب الموارنة، وأصدر بياناً دعا فيه إلى انتخاب الرئيس قبل موعد 23 أيلول. والتعاون مع سوريا والدول الأخرى، لضمان نجاح العملية الانتخابية، وإجراء الإصلاحات. غير ان الإصرار السوري على فرنجية زاد تأكيد ان الانتخابات الرئاسية لن تجري. وحتى الآن تعاون الجميل وجعجع وعون فيما بينهم على رفض فرنجية، ثم أنه لم يكن هناك أي دليل على إمكان اتفاق الثلاثة مع سوريا على مرشّح واحد.
كان موعد انتهاء ولاية الرئيس الجميل في 23 أيلول يقترب دون ان تلوح في الأفق بادرة أمل في انتخاب رئيس جديد للبلاد، فانتاب لبنان والمنطقة تخوف من فراغ دستوري، وتحرك السفير الأميركي جون كيلي فطلب من القيادات المسيحية التفاهم على لائحة من ثلاثة أو أربعة مرشحين لكي يتم عرضها على الإدارة الأميركية والرئيس حافظ الأسد، ويؤكد كريم بقرادوني هنا، ان كيلي اشترط ان تحظى هذه اللائحة بموافقة الرئيس الجميل والقوات اللبنانية.
وقضى الرئيس الجميل الأسبوعين الأخيرين من عهده وهو يحاول ايجاد حل للانتخابات الرئاسية، أو إقامة حكومة انتقالية في حال عدم اجراء الانتخابات واتجه التفكير الى الرئيس السابق شارل حلو كرئيس للحكومة الانتقالية، واتجه ايلي سالم وسيمون قسيس، بناء على تكليف من الرئيس، لاستكشاف الموضوع عنه. وبعد ان انهى سالم كلمته التمهيدية، فقال له الرئيس حلو: انني اعرف ماذا تريدون؟ تريدون مني أن أكون رئيس حكومة. ذلك ما لا استطيع القيام به. انني متقدّم في السن، وزوجتي مريضة، فقد قمت بما يتوجب علي، واليكم اسماء من أطرحهم لهذا المنصب. اقترح غسّان تويني: لديه صحيفة كبيرة وهو لا يفتقر إلى الخبرة. صحيح انه  يتكلم كثيراً ولكن كلامه له معنى أكثر الوقت. واقترح أيضاً ايلي سالم : صحيح انه جديد في السياسة، ولا ريب ان امامه اشياء كثيرة يتعلمها. ولكن لم لا؟ وماذا بشأن جوزيف الهاشم؟ هو، بخلاف ايلي سالم، لا يتقن الصمت. وماذا بشأن عبده عويدات؟ هو نائب جيد ولو انه بدا لي في المرة الأخيرة التي لقيته فيها مسنّاً. وماذا بخصوص الجنرال عون؟ لا، لا. أرجو شطب الاسم من اللائحة. لا تقولوا للرئيس انني اقترحت اسمه. وماذا بشأن فرنجية؟ هو رجل دولة مجرب ولكن أعداءه كثر في شرق بيروت. وماذا بشأن ميشال إده؟ هو كبير إلى حدّ كاف. انه يتمتع بكافة الاوصاف، الا انه لا يعرف كيف يتوقف عن الكلام. وهكذا واصل الرئيس شارل حلو سرد الأسماء ليعود فيذكر العيوب أو نقاط الضعف فيها. ومن الواضح انه مهتم بالموضوع. لقد أراد عرض المنصب عليه لكي تكون له، على الأقل، كلمته في العملية. هو رجل معتدل، وموثوق به من قبل الجميل وجعجع غير ان اسمه استبقي احتياطياً للحظة الأخيرة.
في 13 أيلول 1988، أعلن عن وصول مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ريتشارد مورفي الى لبنان وسوريا للعمل على إيجاد مرشّح تتفق عليه دمشق والقيادات المسيحية.
ويقول كريم بقرادوني، انه في «يوم وصول مورفي إلى الشرق الأوسط، عقد اجتماع ضم الرئيس الجميل، وسمير جعجع وكريم بقرادوني، ومدير الاستخبارات في الجيش العقيد سيمون قسيس، وتم الاتفاق على تزويد مورفي بالأسماء الثلاثة المتفق عليها أي: رينيه معوض، ميشال إده وبيار حلو.. وفي اليوم التالي، أي في 14 أيلول أبلغت اللائحة إلى السفير كيلي، و«ان الدكتور إيلي سالم مستشار الرئيس الجميل أعطاه لائحة مغايرة تضم كلا من بيار حلو، ميشال إده ومانويل يونس بدلاً من رينيه معوض»، فأصرّ بقرادوني على اللائحة المتفق عليها، وأصرّ كيلي على عدم تسلّمها فسارع بقرادوني للاتصال بالرئيس الجميل وسمير جعجع، وبعد مراجعات مضنية تمّ الاتفاق على إبلاغ كيلي أربعة أسماء ليحملها مورفي إلى دمشق وهي: حلو واده ويونس ومعوض.
يوم 18 أيلول 1988 وصل مورفي إلى بيروت قادماً من دمشق، فاجتمع بالرئيس الجميل وأبلغه الاتفاق على النائب مخايل الضاهر كمرشح لرئاسة الجمهورية وكان ديفيد نيوتن مساعد مورفي، مجتمعاً في الوقت نفسه مع العماد عون الذي رفض ما أسماه بـ«التعيين»، ثم اجتمع نيوتن مع جعجع وبقرادوني في منزل القائم بالأعمال الأميركي دانيال سمسون، فأبلغاه رفضهما للضاهر على أساس انه مخالف للمبادرة الأميركية.
ويقول بقرادوني في هذا الصدد: ان «الديبلوماسي الأميركي شرح لنا ان المفاوضات مع دمشق كانت شاقة وطويلة، وقد عقد مورفي خمسة اجتماعات مع خدام كادت ان لا تصل إلى نتيجة حتى اللحظات الأخيرة، وكان المفاوض السوري في غاية التصلب، يطالب بالموافقة على الإصلاحات قبل الانتخابات والاتيان بسليمان فرنجية رئيساً للجمهورية. وبعد 18 ساعة وافق المسؤولون السوريون على ان يستبدلوا سليمان فرنجية بمخايل الضاهر كمرشح إجماع، وان يرجئوا البت بالاصلاح السياسي إلى ما بعد الانتخابات «.. وختم الدبلوماسي كلامه بالقول: «حاول مورفي ان يحصل من دمشق على اسم مرشّح ثانٍ فلم يوفّق، نعرف ان ما نعرضه عليكم صعب، ولكن أنصحكم بالقبول.. اما مخايل الضاهر واما الفوضى».
في مساء ذاك اليوم عقد اجتماع موسّع في منزل الرئيس الجميل في بكفيا حضره فريق عمله المؤلف من جوزيف الهاشم وإيلي سالم وغسان تويني وسيمون قسيس وجميل نعمة، ورفيق شلالا وجوزيف أبو خليل وسمير جعجع وكريم بقرادوني وداني شمعون ونبيل كرم، ومارون حلو.
وتحدث الجميع فرفضوا نتائج محادثات مورفي في دمشق كما يُؤكّد كريم بقرادوني ما عدا جوزيف أبو خليل، الذي اقترح على الحضور التريث في الرفض وان يدرسوا إمكانية القبول بالضاهر.
وتردد ان القيادة والفاعليات المسيحية، التي كانت قد اجتمعت في بكركي، أوكلت إلى البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير مهمة اعداد لائحة أسماء مارونية تصلح لرئاسة الجمهورية، كان من بينها اسم النائب مخايل الضاهر. 
هكذا انتهت عهد أمين الجميل من دون رئيس في ظل حكومة عسكرية  برئاسة العماد ميشال عون سرعان ما انسحب منها المسلمون . وليشهد لبنان أول رئاسي استمر حتى إقرار اتفاق الطائف في 1989.