بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 حزيران 2023 12:00ص الصراع المسيحي - المسيحي منذ 1932 حتى اليوم أضعف موقع الرئاسة (7)

إنقلابات وحروب وتصفيات متواصلة في ثمانينات القرن الماضي.. فكان الحلّ بالطائف

حجم الخط
234 يوما مرّوا على الشغور الرئاسي في لبنان، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق، وبعد 12 جلسة انتخابية لم تسفر عن أي نتيجة، في وقت يواصل الدولار ألاعيبه وتحليقه، مترافقا مع ارتفاع جنوني في الأسعار وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية، وهو ما دعا «المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان» لأن يشير في بيان له «الى أن الانهيار الذي تشهده الليرة مقابل الدولار الأميركي في بيروت كبير جداً ويستدعي التوقّف عنده»، مشدّدا على أن «المسؤولية الكبرى تقع على الحكومة وعلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الملاحق في العديد من دول العالم بتهم الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتزوير واستعمال المزوّر».
بشكل عام يتواصل الشغور الرئاسي ويستمر عداد فراغ الكرسي الأولى بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي، كان يطلق عليه فيما مضى «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع باسم الرئيس العتيد، ولأن «كلمة السر» الحاسمة بشأن الانتخابات الرئاسية لم تصدر بعد، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا»، وليستمر التنافس المسيحي - المسيحي وخصوصا الماروني - الماروني على الكرسي الأولى منذ زمن الانتداب حتى اليوم، وهو اتخذ في أحيان كثير حد الاحتراب، والتصفيات الجسدية إبان الحرب الأهلية وما بعدها، هذا ما بُيّن بعض تفاصيله على سبع حلقات.

في 14 آب 1985 توفي مؤسس حزب الكتائب بيار الجميّل، فانتخب خلفاً له إيلي كرامي في رئاسة الحزب، كما تم الانقلاب على فادي افرام، وتعيين فؤاد أبو ناضر قائداً للقوات اللبنانية بدلاً منه، فغدا الرئيس أمين الجميّل ممسكاً بكامل ورقة ما كان يسمّى «المنطقة الشرقية»، وإثر قرار بإزالة حاجز البربارة في العام 1985، بدأ التحضير سرياً لانتفاضة علي قيادة القوات اللبنانية، وعند فجر 2 آذار 1985، حصلت هذه الانتفاضة فأقصي أبو ناضر، وشكّل هيئة طوارئ بقيادة سمير جعجع وإيلي حبيقة، وفي 9 أيار انقلب حبيقة على جعجع وتسلّم قيادة القوات. في هذه المرحلة، بدأت مرحلة جديدة تجلّت في مفاوضات بوشر فيها في دمشق بين «القوات» وحركة «أمل» والحزب التقدمي الاشتراكي، وبعد مفاوضات وحوار طويلين أمكن التوصل الى «الاتفاق الثلاثي» الذي وقع في أواخر كانون الأول 1985 في دمشق، وسط حضور سياسي لبناني كثيف في عاصمة الأمويين، لكن هذا الاتفاق ما لبث أن أطيح به في انقلاب قاده سمير جعجع بالاتفاق مع الرئيس الجميّل في 15 كانون الثاني 1986 فسقط الاتفاق الثلاثي وأخرج حبيقة من المنطقة الشرقية، ولم يمر الحدث بهدوء، ذلك لأن من الكثير الشباب أُعدمت وجرى تصفيتها بعد خروج إيلي حبيقة من مبنى جهاز الأمن ولمدة أشهر بعد خروجه.
في 10 آب 1986وقع تمرّد داخل «القوات اللبنانية» استمر يوماً واحداً، وأدّى الى أزمة ثقة عميقة بين أمين الجميل وسمير جعجع، وفي 27 أيلول فشلت محاولة إيلي حبيقة لاقتحام الشرقية، وفي 28 أيلول وقع الخلاف بين الجيش والقوات، ما أدّى الى مقتل ضابطين من القوات، تبعه اغتيال قائد اللواء الخامس في الجيش اللبناني العقيد خليل كنعان فكان أن نشأت حالة من الشك بين العماد عون وجعجع. وجاء العام 1987، وكل أبواب الحوار كانت مغلقة، في ظل مزيد من الانقسامات. ومن الصراعات الداخلية خصوصاً بين حركة «أمل» و«الأحزاب» مع ازدياد في تدهور الوضع الاقتصادي وتراجع مذهل في قيمة الليرة اللبنانية. ومع ازدياد تدهور الأوضاع الأمنية في غربي العاصمة، كانت الاستعانة بالقوات السورية التي عادت للتمركز في بيروت ثم في الضاحية. وفي الأول من حزيران اغتيل الرئيس الشهيد رشيد كرامي بتفجير الطوافة التي كانت تقلّه من طرابلس الى بيروت.
وهكذا أطلّ العام 1988 وسط انقسام حاد على مستوى لبنان، بشكل عام في كل من شطري العاصمة. ورغم أن موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية كان يقترب إلّا ان كل شيء كان يدلّ على انه ليس هناك نيّة في هذا الشأن، وحدّد رئيس مجلس النواب حسين الحسيني، يوم 8 آب لانتخاب رئيس جديد، وكان الوحيد الذي أعلن ترشيحه هو الرئيس الأسبق سليمان فرنجية، لكن نصاب الجلسة لم يكتمل، حيث عمل كل من الجميّل وعون وجعجع مع اختلاف كل واحد في حساباته على منع عقد هذه الجلسة، فراح الجميّل وجعجع يعملان لمنع النواب من الوصول الى هذه الجلسة، بحيث انه جاء وقتها ولم يكتمل النصاب، وسجل هنا للنائب الراحل ألبير مخيبر موقفه المميّز، حيث رفض كل التهديدات التي وجّهت له، وأصرّ على الحضور، وهو الموقف نفسه الذي كان اتخذه في آب حيثما رفض النزول الى مجلس النواب لانتخاب الرئيس بشير الجميّل، رغم كل التهديدات التي كانت وجّهت إليه أيضاً.
فشلت كل محاولات انتخاب رئيس جديد للجمهورية وفق الـ49 من الدستور في العام 1988، وكان أبرزها اتفاق الأسد - مورفي الذي قرر ترشيح النائب مخايل الضاهر. وهكذا انتهت المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أيلول، وفي الدقائق الأخيرة من عهده، شكّل الرئيس الجميّل حكومة عسكرية برئاسة العماد عون، تاركاً «الوضع في ظل حكومتي» لتشهد البلاد مزيداً من الانقسامات والشرذمة، لم تفلح كل المحاولات لرأبها وكان أبرزها المحاولة العربية التي دعت رئيسي الحكومتين سليم الحص وميشال عون الى تونس، لكنها لم تتوصل الى نتيجة عملية، وفشلت اللقاءات والمبادرات الحوارية للوصول الى حل وكان أبرزها في 17 آذار 1989، حيث عقد لقاء في بكركي ضم حشداً كبيراً من النواب والسياسيين.
إلى أن جاء الحل المنتظر من العرب، وخلال مؤتمر الطائف في العام 1989...

الحلقة الأخيرة