بيروت - لبنان

12 تشرين الثاني 2018 12:02ص المديونية العامة مستمرّة في اتجاهها التصاعدي

الليرة مستقرّة والأسواق هادئة ولا نيّة بتغيير سياسة الصرف

حجم الخط
استمر النمو الاقتصادي في الفترة المنصرمة من 2018، بفعل النمو الحاصل في نشاط عدد من القطاعات الاقتصادية الرئيسية، لاسيما القطاع المصرفي 13%، وقطاع التجارة الخارجية 4.7% للأشهر الثمانية الأولى، وقطاع التصدير 4.3% للأشهر الثمانية الأولى، وقطاع الطيران الجوي 7.1%، وقطاع السياحة 3.9% لكن أداء عدة قطاعات إقتصادية شهد تراجعاً مثل القطاع العقاري 16.8%، والتجارة الداخلية قيمة الشيكات المتقاصة تراجعت 1.2%، وزادت قيمة الشيكات المرتجعة 10.5%، والقطاع الفندقي إشغال الفنادق تراجع من 65.4% إلى 63.6%، وحركة النقل البحري عبر مرفأ بيروت كمية البضائع تراجعت 7.1%.
وفي مقابل تفاوت النمو بين القطاعات سجلت المديونية العامة ارتفاعاً ملحوظاً، إذ وبحسب تقرير فرنسبنك الدوري عن أداء الاقتصاد اللبناني للأشهر التسعة الأولى من العام الحالي بالمقارنة مع ذات الفترة من العام الماضي، فإن المديونية العامة حافظت على إتجاهها التصاعدي، حيث إرتفع الدين العام الإجمالي بنسبة 5.2% وذلك من مستوى 79.6 مليار دولار في نهاية آب 2017 ليصل إلى نحو 83.7 مليار دولار في نهاية آب 2018، بحيث يشكل حاليا نحو 150% من الناتج المحلي الإجمالي، وقد إزداد الدين العام الصافي بنسبة مماثلة إلى 72.9 مليار دولار خلال الفترة ذاتها، وشكل الدين الداخلي نحو 57.7%، فيما شكل الدين الخارجي 42.3% من الدين العام الإجمالي.

ونظراً لارتفاع العجز المالي وبالتالي ارتفاع المديونية العامة وتزايد المخاوف على استقرار الليرة، أكد حاكم ​مصرف لبنان​ ​رياض سلامة​ أن «الليرة اللبنانية مستقرة، والأسواق هادئة، ولا نية لدى الدولة اللبنانية، أو البنك المركزي، بتغيير سياسية صرف الليرة»، مشيراً إلى أن «تقرير البنك الدولي يشير ويطالب بإصلاحات تخفض العجز في ​القطاع العام​، وهذا الأمر نوافق عليه ومفيد للبنان، ونضم صوتنا لصوت البنك الدولي، ونحن بحاجة لتقليص العجز في القطاع العام والذي يؤثر على النهوض الاقتصادي».
وتمنى سلامة في حديث تلفزيوني أنْ «تكون هناك حكومة في لبنان بأسرع وقت لأن وجودها يعني وجود حل سياسي في البلد وهذا يريح الأسواق»، مؤكداً أن القطاع المصرفي لن يتأثر بالعقوبات الأميركية المفروضة على إيران، وضمنها حزب الله. ولبنان ليس بحاجة للقيام بأي مبادرة جديدة لمواجهة هذا الأمر».
في جانب آخر، صنّفت وكالة «موديز» في تقريرها حول نظرتها العالمية فيما خصّ ​الديون​ السيادية العالمية، لبنان بين الدول التي تواجه ضغوطات سوقية وعجز في الموازنة وفي ​الميزان التجاري​. بالتوازي، اعتبرت «موديز» ان لبنان يندرج ضمن الدول ذات الوضع الائتماني الذي سيكون اكثر تأثّراً بزيادة كلفة الاقتراض نظراً لمستوى ​الدين العام​ المرتفع، والقدرة الضعيفة على تحمّل كلفة الاستدانة الباهظة. كما صُنّف لبنان ضمن الدول الاكثر عرضة لارتفاع علامات المخاطر وتلك التي سجلت النمو الاكبر في الهوامش، من منظار اكثر ايجابية، لفت تقرير «موديز» الى ان مخاطر السيولة في لبنان تبقى محدودة نظراً لتواضع حصّة الديون المعنونة بالعملة الاجنبية من اجمالي الدين العام.
وفي ما يخص القطاع الخارجي، أوضح تقرير فرنسبنك أن ميزان المدفوعات سجل عجزاً في الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي حيث بلغ 1.3 مليار دولار بالمقارنة مع عجز قدره 190 مليونا في الفترة ذاتها من العام الماضي، كما أنه سجل عجزا في الأشهر الثمانية الأولى من 2018 حيث بلغ 1.1 مليار دولار بالمقارنة مع عجز قدره 600 مليون دولار للفترة ذاتها. 
وقد جاء هذا العجز في ميزان المدفوعات، في الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، بسبب زيادة العجز التجاري بنسبة 4.8% إلى 11.7 مليار دولار (نتيجة نمو المستوردات 4.8% إلى 13.7 مليار دولار ونمو الصادرات 4.3% إلى ملياري دولار)، وثبات التدفقات المالية الخارجية إلى لبنان عند مستوى 10.6 مليارات دولار.
إن النمو الاقتصادي الحقيقي المتوقع في لبنان للعام 2018، إستنادا إلى المعطيات الراهنة عن نشاط القطاعات الاقتصادية وتقديرات المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، سيتراوح بين 1-1.7%، بعدما كانت التقديرات السابقة تضعه عند مستوى 1.5-2%. وإن هذا النمو الاقتصادي يبقى أقل من المسجل على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (4.5%)، ودول المشرق (4.8%)، والدول الناشئة والمتقدمة (4.7%)، وحتى الاقتصاد العالمي (3.7%)، وفق تقديرات صندوق النقد الدولي.
كما أنّ آفاق النمو الاقتصادي في لبنان ستكون أفضل في المرحلة القادمة، خصوصا إذا تم تشكيل حكومة جديدة في القريب العاجل وبدأت بتطبيق إصلاحات مؤتمر سيدر القطاعية والمالية والاقتصادية. 
جهد لبنان في سبيل استعادة دوره، كوجهة سياحية أساسية على ساحل البحر الأبيض المتوسط. ويحاول منذ العام 2011 جذب السياح الخليجيين، الذين تعتمد كل القطاعات السياحية عليهم، نظراً لحجم إنفاقهم المرتفع، مقارنة بغيرهم من السياح العرب والأوروبيين. لكن هذه المحاولات لا تسجل تقدماً ملحوظاً، نظراً لاستمرار الأزمات التي تعصف بدول المنطقة، والتي تنعكس على الحياة السياسية اللبنانية، وكذلك على الحركة السياحية، غير أن بعض الإنفراجات السياحية، كسرت الجمود المسيطر إذ أكدت منظمة السياحة العالمية، أن «الإنفاق السياحي في لبنان للعام 2017 بلغ 7 مليارات و600 مليون دولار أميركي بينما كنا نعتقد أن الرقم هو بحدود 4 مليارات و500 مليون دولار. واحتل لبنان المرتبة 32 بين 150 دولة في الإنفاق السياحي»، حسب ما قاله وزير السياحة أواديس كيدانيان، الذي أشار أثناء افتتاحه النسخة الثامنة من مهرجان بيروت للطهي، والنسخة الخامسة من معرض الشوكولا، يوم الخميس 8 تشرين الثاني، أن «الأرقام السياحية في شهر تشرين الأول الفائت، سجلت نمواً بنسبة 17في المئة، مقارنة مع الشهر ذاته من العام الماضي، وهذا رقم كبير، حين استقبل لبنان أكثر من 160 ألف سائح»، متوقعاً أن «يصل عدد السياح لهذا العام إلى مليوني سائح».
وأظهر مؤشر مدراء المشتريات للبنان BLOM PMI الذي ارتفع من 45.8 نقطة في أيلول 2018 إلى 46.2 نقطة في تشرين الأول الفائت، تباطؤاً في تدهور الأوضاع التجارية في القطاع الخاص خلال الشهر الفائت، وكان التراجع قويًا لكنه كان الأقل منذ شهر أيار 2018.
وقد استطاع مؤشر PMI بلوم أن يسجل زيادة طفيفة من 45.8 نقطة في أيلول إلى 46.2 نقطة في تشرين الأول في ضوء تراجع الانكماشات في الإنتاج والطلبات والصادرات الجديدة، ولكن مستوى الـ PMI لا يزال يشير الى نمو 1% في الناتج المحلي، وهو مستوى من غير المرجح أن نتجاوزه في العام 2018، بحسب تعليق المحللة الاقتصادية في بنك «بلوم إنفست» روى ضوّ.
ووفق المؤشر، تراجعت وتيرة انخفاض الأعمال التجارية وتباطأ معدل التراجع للشهر الثالث على التوالي وأشارت البيانات إلى أقوى تراجع في الانكماش منذ شهر شباط، إلا أن الهبوط ظل حاداً في المجمل، واستمر تراجع أعداد العاملين في الشركات اللبنانية في شهر تشرين الأول، وربطت كثير من الشركات المشاركة في الدراسة بين تراجع أعداد الموظفين وتراجع الأعمال الجديدة.
وظلت الشركات اللبنانية متشائمة في شأن الإنتاج في العام المقبل، وربطت كثير من الشركات المشاركة في الدراسة بين التشاؤم والمشكلات السياسية القائمة التي لم تُحل.