لم يستطع التحسّن البسيط في القطاع السياحي، حجب تدهور النمو الاقتصادي، الناتج عن الركود الشديد في القطاع العقاري، فقد ترافق انخفاض اسعار العقارات مع توقيف البنك المركزي دعمه لقروض الاسكان، ما ادى الى انخفاض عدد تراخيص البناء وقيمتها، في المقابل، بقي الانفاق السياحي منخفضا فلم يعوّض عن حجم تردي الاوضاع في القطاع العقاري.
والنتيجة أن النمو الإقتصادي تدهور سريعاً بفعل عوامل عديدة، إلا أن الوضع المصرفي لا يزال سليماً، وهو ما أكده نائب رئيس جمعية المصارف ورئيس مجلس إدارة «بنك لبنان والمهجر» سعد أزهري حين قال: «وضع القطاع المصرفي اللبناني سليم كما وضع الليرة اللبنانية، استناداً إلى احتياطات مصرف لبنان الكبيرة»، لكنه حذّر من إنْ لم تتشكّل حكومة جديدة وتباشر بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة من مؤتمر «سيدر»، فإن وضع الاقتصاد برمّته سيكون في دائرة التأثيرات المباشرة، حيث ستكون الأوضاع صعبة أكثر على المواطنين».
العجز والدين العام
وفي نظرة لمجموعة بنك لبنان والمهجر الى بعض المؤشرات الإقتصادية فإن غياب سياسة مالية واضحة لضبط العجز وايجاد خطة لخفض الدين العام ونسبته من الناتج المحلي ساهم في تدهور ثقة المستثمرين بالاقتصاد اللبناني، كما ساهمت بيئة النمو الاقتصادي المنخفض وارتفاع اسعار الفائدة في تفاقم كلفة الاستدانة، وتردي عجز الموازنة، واقصاء القطاع الخاص.
طرق المعالجة
يحتاج لبنان الى منظومة متكاملة من الاصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية لتحفيز النمو وخفض العجز والدين العام على مستوى الاقتصاد الكلي لاستعادة ثقة المستثمرين، فلم تعد الانجازات السياسية وحدها كافية لتحفيز النمو إلا انها تبقى شرطا اساسيا لذلك، خصوصاً في ما يتعلق بتشكيل حكومة من اشخاص يوحون بالثقة.
ولبنان في حاجة ماسة الى اصلاحات اقتصادية ملموسة لرفع مصداقية السلطات وجذب رأس المال ومن اهمها: -الشراكة بين القطاعين العام والخاص، يمكن اعتمادها في معظم الاصلاحات التي هي بحاجة الى تمويل وتساهم في زيادة فعالية هذه الاصلاحات كما تساعد على عدم زيادة الدين العام وعجز الخزينة.
- إصلاح قطاع الكهرباء من خلال زيادة الطاقة الانتاجية ورفع تعرفة الكهرباء لإنهاء العجز في هذا القطاع الذي يستنزف ميزانية الدولة، مع العلم ان المعالجة قد توفر 2.5 الى 3% من GDP.
-ضبط رواتب وتعويضات القطاع العام وتوقيف التوظيف نهائياً واعادة النظر في النظام التقاعدي (35.44% من اجمالي نفقات 2017 رواتب، وهي إلى ارتفاع في 2018 من خلال السلسلة). يصل عدد موظفي القطاع العام الى 250 الف اي حوالي 20% من مجمل اليد العاملة.
-تحسين بيئة العمل وتعزيز سهولة ممارسة الاعمال التجارية في لبنان، عبر تبسيط اجراءات وبيروقراطية فتح واغلاق الشركات واختصارها، الى جانب اعادة هيكلة قانون التجارة لتشجيع الاستثمار وخفض كلفة انشاء الشركات.
-تحسين شبكة الاتصالات والانترنت حتى يصنَّف لبنان كرائد في مواكبة التطور التكنولوجي الذي اصبح جزءاً لا يتجزأ من بيئة الاعمال في القرن الـ 21.
-إعادة تأهيل البنى التحتية (بالشراكة مع القطاع الخاص) خصوصاً في ما يتعلق بقطاع المواصلات: تحسين شبكة الطرقات والمواصلات كي تزيد فعالية القطاع الخاص وترفع من انتاجيته.
-تطوير اسواق المال اللبنانية لتشجيع الشركات التجارية على دخول البورصة وادراج اسهمها، الامر الذي من شأنه ان يفتح آفاقاً واسعة ويطور اساليب عملها وذلك من خلال اعادة النظر في قانون التجارة واتخاذ بعض الاجراءات التي تدفع الشركات الى دخول البورصة.
-معالجة ازمة النفايات والصرف الصحي من خلال ايضا الشراكة مع القطاع الخاص للمساهمة في تحفيز القطاع السياحي، والمحافظة على ما تبقى من بيئة نظيفة للأجيال المقبلة.
تكمن اهمية هذه الاصلاحات في النتائج النهائية والملموسة التي يمكن ان تؤول اليها، وعلى رأسها: تحسين النمو من خلال دعم وتطوير قاطراته، خفض عجز الموازنة مع خفض او إلغاء عجز الكهرباء وترشيد الانفاق، خفض نسبة الدين العام الى الناتج المحلي.
مبيع السيارات
وأعلنت جمعية مستوردي السيارات الجديدة انخفاض مبيع السيارات الجديدة خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري بنسبة 7 في المئة، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.
وعزت الجمعية هذا التراجع إلى «الوضع الاقتصادي والسياسي الدراماتيكي في غياب حكومة، وقرارات المصارف فرض دفعة أولى بقيمة 25 في المئة ورفع قيمة الفائدة من 9.3 في المئة الى 25.6 في المئة على قروض السيارات، إضافة إلى زيادة الفوائد على الشركات ما يعطّل نموّها».
وبلغ عدد السيارات الجديدة التي بيعت خلال الأشهر الثمانية من العام الجاري 645.23 سيارة، بينما بلغت خلال الفترة ذاتها من العام الماضي 363.25 سيارة، ويعود السبب الى تراجع مبيع السيارات الكورية بنسبة 82 في المئة ترافق مع انكماش مبيع السيارات الأوروبية بنسبة 31.9 في المئة وتدنّي مبيع السيارات الأميركية بنسبة 88.5 في المئة، الأمر الذي طغى على ارتفاع مبيع السيارات اليابانية بنسبة 71.2 في المئة وزيادة مبيع السيارات الصينية بنسبة 79.1 في المئة.
حركة المطار
وسجّل عدد الركاب في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت خلال شهر أيلول الفائت 849 ألفا و299 راكباً، رافعاً بذلك المجموع العام للركاب منذ مطلع العام الحالي وحتى نهاية الشهر التاسع إلى ستة ملايين و851 ألفاً و339 راكباً مقابل ستة ملايين و398 ألفاً و570 راكباً في الفترة نفسها من العام السابق، اي بزيادة نسبتها 7%.
ودلّت الاحصاءات إلى ارتفاع حركة الطيران من لبنان وإليه خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام لتسجل 52791 رحلة تجارية بزيادة قاربت 4%.
وبلغ مجموع عدد الركاب في المطار خلال شهر أيلول الفائت 849 ألفاً و299 راكباً (مقابل 860 ألفاً و835 راكباً في أيلول 2017، أي بتراجع نسبته 1.45%) إذ بلغ عدد الوافدين إلى لبنان 379 ألفاً و789 راكباً (نسبة التراجع 0.05%)، وبلغ عدد المغادرين 469 ألفاً و68 راكباً (بتراجع 2.62 في المئة). أما ركاب الترانزيت فبلغ عددهم 442 راكباً (بزيادة 127.8%).
الرحلات التجارية
أما مجموع الرحلات التجارية لشركات الطيران المستخدمة مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت من وطنية وعربية واجنبية فبلغ خلال أيلول الفائت 6379 رحلة (بتراجع 0.98%) منها 3164 رحلة وصول إلى لبنان (بتراجع 1.34 في المئة) و3156 رحلة اقلاع من لبنان (بتراجع 1.71 في المئة) و59 رحلة عبور (بزيادة 145%).
مؤشر مديري المشتريات
وبقي مؤشر بلوم بنك لمديري المشتريات Blom PMI لشهر أيلول 2018 في نطاق الانكماش، رغم ارتفاعه إلى أعلى مستوى في ثلاثة أشهر مسجلاً 45.8 نقطة.
ووفق النتائج الرئيسية لاستبيان شهر أيلول 2018، فإن الشركات أشارت إلى استمرار صعوبة بيئة العمل، إذ لفت كثيرون إلى حال عدم اليقين السياسي ومشكلات التدفق النقدي باعتبارهما من الأسباب التي أدت إلى انكماش معدل الطلبيات الجديدة خلال شهر أيلول.
ورغم أن معدل تراجع الأعمال الجديدة ظل حاداً في المجمل، فقد سجل أبطأ معدلاته منذ شهر حزيران، كما استمر هبوط مبيعات التصدير بسبب عدم استقرار مجمل المنطقة، إلا أن معدل الانكماش كان متواضعاً وكان الأبطأ منذ شهر أيار.
وانعكس تراجع الطلب على السلع والخدمات على تراجع آخر في حجم إنتاج القطاع الخاص، وكما كانت الحال مع الطلبيات الجديدة، كان معدل تراجع النشاط التجاري في شهر أيلول هو الأضعف في ثلاثة أشهر، لكنه ظل حاداً في مجمله.
كذلك أدى نقص الطلبيات الجديدة الواردة، إلى تراجع آخر في حجم الأعمال غير المنجزة وأدى بالشركات إلى تقليص كلٍ من معدلات التوظيف والشراء لديها. وشهد شهر أيلول انخفاض حجم القوى العاملة للشهر السابع على التوالي وبأقوى معدل منذ شهر حزيران.
وفي ظل التوقعات باستمرار العديد من المشكلات التي تواجه البلاد حالياً، ظلت الشركات بشكل عام متشائمة في شأن مستقبل الإنتاج في العام المقبل، إضافة إلى ذلك كان مستوى التشاؤم أعلى بقليل مما كان عليه في شهر آب.