يطرح عضو الهيئة الادارية في رابطة الاساتذة المتقاعدين في الجامعة اللبنانية الدكتور نزيه خيّاط في حديث مع «اللواء» عدة حلول للخروج من الازمة الاقتصادية، من بينها تطبيق القوانين النافذة منها «الاثراء غير المشروع» او قانون «من اين لك هذا؟»، او رفع السرية المصرفية عن العاملين في الوظيفة العامة، ويعتبر ان تخفيض الرواتب يعني فعلياً انكماشا اقتصاديا، ويقدم اقتراحات يمكن الاستفادة منها عند تطبيق مشاريع «سيدر» مثل الاكتتاب في هذه المشاريع بدل فرض رسوم على الودائع المصرفية او تخفيض الرواتب .
وعمّا يشاع عن تخفيض لرواتب المتقاعدين قال: رسمياً لم يصدر اي موقف سلباً او ايجاباً تجاه تخفيض الرواتب للمتقاعدين بشكل عام من ضمنهم اساتذة الجامعة اللبنانية المتقاعدين، لكن بالمبدأ الراتب التقاعدي هو حق مقدّس لدرجة انه لا يمكن المس به، معطياً مثل عدم قانونية ايقاف راتب تقاعدي لأحد العملاء، حتى في النزاع القضائي لا يمكن للمحكمة وضع اليد على راتب المتقاعد، وتساءل كيف يعامل المتقاعد كالعامل الفعلي، ومن جهة اخرى يتوقف راتب المتقاعد عند ما يتقضاه وليس هناك تدرّج مثل العاملين فيعتمد المتقاعد فقط على زيادات المعيشة التي تقرّها الدولة، ولا يلحظ المتقاعد في غلاءات المعيشة دائماً .
لا يحق للدولة تعديل الراتب
وحول ما يُثار عن ضريبة الدخل على الراتب التقاعدي، اوضح ان الاستاذ منذ أن يبدأ الوظيفة العامة بالتعليم او غيره، يقتطعون منه حسومات تقاعدية اضافة الى ضريبة على الدخل بالتالي فإنّ الضريبة اخذت منه مسبقاً كمتقاعد وكعامل في الدولة اللبنانية والادارات المختلفة، واعتبر انها قرصنة حقيقية لحقوق المتقاعدين، مؤكداً انه عندما يخيّر المتقاعد بين تعويض نهاية الخدمة او المعاش التقاعدي فالاختيار يتم بصيغة تعاقدية بين الموظف والدولة عند نهاية الخدمة فلا حق للدولة تعديل الراتب.
لتوحيد روابط المتقاعدين
وحذّر من ردّات الفعل في حال أقرّت الحكومة تخفيض الرواتب او فرض ضريبة على المعاش التقاعدي عبر ما يسمّى الشطور على الراتب، فالموضوع دقيق جداً ويحاولون تجنّب الكأس المرّة والبحث عن مداخل اخرى، فلماذا لا يبحثون في موضوع الضرائب على الكسارات او قطاع الكهرباء الخاص او الاملاك البحرية والنهرية، وتساءل لماذا لم تتم مناقشة كل قطاع في المواضيع الاصلاحية؟.
واعتبر ان الموضوع تقني رقمي حسابي ونقطة على السطر، وعلى روابط المتقاعدين وروابط العاملين كافة التوحّد لأن كل موظف مشروع متقاعد والنصيحة عدم التفكير بالأنا، فإذا تم المس بهذا الراتب سيطال ذلك الجميع. ونصح بعدم الاعتماد على مراجعهم السياسية بل ان يحتموا ببعضهم البعض ويشكلوا نواة صلبة مع بعضهم وتوحيد هذه الروابط.
وأطلَّ على موضوع الجامعة اللبنانية ككل وموضوع الإصلاح فيها، فلماذا لا يقدم مجلس الجامعة مشروع اصلاحي، مقترحاً إدارة لامركزية وقوننة الواقع اللامركزي حتى لا نُعيد تجربة الفروع الاولى والثانية، وتكون فروعا متكاملة في ما بينها. وتقديم استراتيجية جامعية اكاديمية تواجه تحديات الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي التي هي فرض العمل حتى 2050. الآن هي فرصة للاصلاح مقترحاً الا طلاع على الاستراتجية التي وضعت في العام 2005 والتي شخّصت الوضع في القطاع التعليمي، والتي للاسف لم تنفذ، مشدّدا على ضرورة تطبيق قانون التفرغ من اجل العدالة بين الاساتذة وكضرورة في عملية الاصلاح.
انكماش اقتصادي
وتطرق الى موضوع الاصلاح الذي ترفعه الحكومة وان الهدف من التقشف هو زيادة عجلة النمو وتحقيق دورة اقتصادية،متسائلاً اليس المواطنين هم اداة النمو؟ حيث تشكل الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود الثقل في عملية ما يسمى «الانفاق الاستهلاكي»، وعندما يتقلص الراتب تتقلص القدرة الشرائية بمعنى اخر ان الانفاق الاستهلاكي سيتأثر وبالتالي ستحصل عملية انكماش اقتصادي داخل البلد لأن قدرات الشريحة الكبرى من اللبنانيين ستصبح محدودة ، مما يعني ان الهدف الذي وضعته الحكومة لزيادة النمو سيؤدي الى مزيد من الانكماش، واعطى مثلاً عن اليابان التي تمر بمراحل انكماش اقتصادي فيضخون الاموال ويعطون اشهر اضافية للعاملين والموظفين ويطلقون عليم»الانفاق الاستثماري» ليشجعوا الناس على الاستهلاك مما يؤدي الى دورة جديدة في عملية .
الاكتتاب في مشاريع «سيدر»
وتساءل اليس في «سيدر» مشاريع تسمح ان يشارك الرأسمال الوطني، اي المواطنون من خلال اكتتابهم بهكذا مشاريع تشكل عائدية لهم، ويكونون بنفس الوقت مساهمين بالنمو الاقتصادي، مثل تجربة مصر في قناة السويس الجديدة من خارج الموازنة، حيث اعلن الاكتتاب فساهم الشعب المصري بإنجاح المشروع مع استفادة كلية، كذلك الامر في تركيا عندما اعلن رئيسها الاكتتاب لبناء الجسر الجديد فوق البوسفور.
واستذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري عندما طرح امكانية انشاء شركة ثالثة للخليوي «ليبان سال» لمنع الاحتكار وسيكون اللبنانيون شركاء في هذه الشركة بمعدل 45% والدولة 55%، متسائلاً: لماذا لم يعمل بهذا المشروع؟ ليكون مشروعاً إنمائياً إصلاحياً لهذا القطاع في هذه المرحلة.
كما تساءل: لماذا لا يعتمد الاكتتاب بدل فرض رسوم جديدة على الودائع، لافتا الى ان هذه المشاريع هي التي تعيد ثقة المواطنين بالسلطة السياسية، لأنه حتى الآن مهما طرحوا من عناوين لن تكون هناك ثقة بهذه الطبقة السياسية ولإعادة الثقة على القوى السياسية ان تبدأ بمحازبيها في مسألة الثراء غير المشروع، ومن ان اين لك هذا؟. عليها ان تطبّق ذلك لتقديم نموذج يحتذى به في الشفافية ومكافحة الفساد بدءاً من داخل الاحزاب. وطالما انهم المسببون للازمة الاقتصادية فلن يكونوا الحل لها اذا لم يغيروا منهجية عملهم كلها، ويقوموا بابتداع مشاريع تعيد الثقة بهم. وإلا فإن هناك عملية تعمية حقيقية على امكانية النجاح في الانقاذ.
واعتبر ان هذه الاجراءات الحكومية ترقيعية لأن هذه الطبقة السياسية التي ادت الى تراجع الاوضاع وانهيارها هل تستطيع ان تكون المنقذة ؟
من اين لك هذا؟!
ولفت إلى ان ما تقوم به الحكومة من ملاءمة مالية من خفض رواتب وزيادة ضرائب غير مباشرة، ليس الحل لأن المشكلة الاساسية ليست في الرواتب بل في الفساد والمافيات وفي التوظيف السياسي والحزبي داخل الادارات فهم من ارتكب الخطأ ويريدون تحميله الى الناس.
وأضاء على قانون من عهد الرئيس فؤاد شهاب ولم يلغ «من اين لك هذا؟»، لماذا لا يتم وضعه موضع التنفيذ، كل شخص يدخل في الوظيفة العامة سواء كان رئيساً او وزيراً او نائباً او مدير عام اوغيره عليه ان يخضع لهذا القانون.
وطالب بتطبيق هذا القانون او رفع السرية المصرفية عن العاملين في الوظيفة العامة، او تطبيق القانون النافذ حول الاثراء غير المشروع، وإذا رفضت السلطة ذلك فإنها كما يقال «كاد المريب ان يقول خذودني».