بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 أيلول 2019 12:25ص دردشة على الهاتف ... مع نوال صليبا رئيسة جمعية «بيت ريتا»

نوال صليبا نوال صليبا
حجم الخط
البعض يختار في هذه الحياة أن ينعزل عن المجتمع ليكرّس وقته لأبنائه وأسرته الصغيرة معتقداً ان البُعد عن النّاس غنيمة وفضيلة ومثالية.

ولكن فجأة يحدث ما لم يكن بالحسبان، فتنقلب حياته رأساً على عقب ليكتشف بأن طاقته كانت أسيرة خزائنه، وبأن الفرح الحقيقي هو في إطلاقها ونشر حركتها حول المجتمع بكافة أطيافه وأحواله وألوانه.

وفي «بيت ريتا» ندخل إلى حزن وفرح نوال صليبا، وظروف تأسيس الجمعية ونشاطاتها. تقول صليبا: لم يكن تأسيس جمعية خيرية من من مخططاتي... كانت رسالتي في الحياة، تربية أبنائي الثلاثة والاهتمام بهم، والحفاظ على أسرة سعيدة. كنت أعتقد ان هذا فرحي الوحيد.

ولكن يشاء القدر أن أحمل رسالة ابنتي ريتا التي كانت سبباً في تأسيس الجمعية.

{ وكيف ذلك؟

- كانت ريتا منذ صغرها مختلفة عن شقيقها وشقيقتها، فمنذ أن بلغت الخامسة عشرة من العمر كانت تدخّر مصروفها لتشتري به هدايا للأطفال خاصة الفقراء منهم وتوزعها دون تفرقة بين الأديان. وفي عمر السابعة عشرة كانت تزور قرى الأطفال «SOS» وتقوم بالذي اعتبرته واجباً دون علمي. حتى انها تبنّت ثلاثة صغار وكانت تصرف عليهم من مصروفها الخاص، وعندما علمت بالأمر نَهيْتها عن ذلك لأنني لم أكن بهذا الجو أبداً.

وما أن دخلت ريتا الجامعة أقنعت عدداً من أصدقاء وصديقات الدراسة بتكريس وقت فراغهم لخدمة الفقراء ومساعدتهم.

{ تقولين «كانت»... لماذا؟.. ماذا حلَّ بريتا؟

- كنت خارج لبنان مع والدتي وأخي عندما وصلتنا رسالة من زوجي يطلب فيها منا العودة سريعاً إلى لبنان لأن ريتا تعرّضت لحادث سيارة. ولسبب أجهله، وربما هو قلب الأم، حدث معي في الطائرة ما يشبه الانخطاف للحظات رأيت خلالها ابنتي ريتا وقد توفاها الله. أخبرت والدتي وأخي بذلك، وبالفعل لدى وصولنا إلى مطار بيروت علمنا ان ريتا قد رحلت إلى جوار ربها في عيد ميلادها الـ 23.

ولك، أن تتخيّلي مدى الحزن العميق الذي أصابني، وأصاب كل من عرف ريتا تلك الصبيّة الجميلة قلباً وقالباً.

{ كيف توفيت؟

- بعد تخرّجها من الجامعة بشهرين عام 2005، ولدى عودتها إلى البيت مساء بسيارتها تعرّضت لملاحقة شاب بسيارته وأخذ يزعجها، وعندما حاولت الابتعاد عنه اصطدمت بعامود فتكسّرت سيارتها، ولم يحتمل جسدها الرقيق الصدمة، فأدخلت المستشفى لتفارق الحياة بعد ثلاثة أيام.

{ وهل تأسّست الجمعية في أجواء الحزن هذه؟

- بعد وفاتها، وبينما كنت في غرفتها أقلّب أغراضها، وجدت في درج مكتبها وصولات التبرّع وأوراق التبنّي لثلاثة صغار في الـ «SOS». عندها شعرت وكأنها تدعوني لمتابعة مسيرتها.. اختلطت عليَّ الأمور والأفكار، فغادرت البيت إلى دير مار شربل شفيع ريتا، وبقيت فيه حوالى عشرة أيام، وأبونا ينصحني بالعودة إلى عائلتي والبقاء معها.

كنت بحاجة للقوة كي أستمر.. والقوة وجدتها في عالم ريتا.

رحيلها القاسي أرشد قلبي لعالم الأيتام والأرامل والمعوزين، عالم ريتا الإنساني، المنفتح على الفقراء بروح المحبة والخير والعطاء دون منَّة وتمييز.

ريتا كات سبباً رئيسياً في تأسيس الجمعية لذلك أسميتها «بيت ريتا»، وافتتحنا مقرّها في الزلقا بعد أربعين يوماً على رحيلها.

{ ما هي مهام ونشاطات الجمعية؟

- سارت الجمعية على نهج ريتا وما تحب احتراماً لروحها الطاهرة، فقد خصّصنا معظم مشاريعها المادية ونشاطاتها التعليمية والترفيهية لقرى الأطفال «SOS»، لتشمل فيما بعد دور الأيتام والمسنين لكافة الطوائف.

هدايا ريتا تصل الجميع، وحالياً يبلغ عدد دور العجزة التي نُعنى بها التسعة، إضافة إلى أيتام الـ «SOS» و16 ديراً ومركزاً للأطفال. ونقدّم منحاً دراسية لثلاثة أبناء سنوياً نتابعهم حتى المرحلة الجامعية والتخرّج مع تقديم مساعدات إنسانية فردية لهم ولعائلاتهم، وحتى الآن خرّجت الجمعية 4 أفواج. وقد أجرينا حوالى 15 عملية زرع قرنية، ونقوم حالياً بزيارة البيوت ومساعدة العائلات المتعففة، وطبعاً الحالات الصعبة تجرُّ بعضها. كما نهتم بإلقاء محاضرات بالأديرة لتوجيه الفتيات بطلب من الراهبات. ويساعدني في ذلك جيل مثقف من الشابات المتعلّمات. ومرتان في الأسبوع نوزع ملابس جديدة غير مستعملة للفقراء. نحن نحترم الفقير ولا نهينه ونرفض أية مشاركة بملابس مستعملة، والمساعدات تقدّم بسريّة تامة.

{ هل تتلقون مساعدات مالية من أية جهة؟

- كلا، حاولنا مع وزارة الشؤون الاجتماعية ولكن لم نتلقَّ أية مساعدة.

{ كيف يتم تمويل كل هذه النشاطات؟

- أنا لا أؤمن بالصبحيات، بل أصرف على الجمعية من حصتي وحصة ريتا في شركة مساهمة عائلية، وزوجي يساعدني بالكلف المدرسية والجامعية التي تصل إلى 60 ألف دولار.

{ هل للجمعية أي دور في إعلاء صوت المرأة بالنسبة لحقوقها سواء لجهة إعطاء الجنسية لأبنائها من غير اللبناني أو في القضايا التمييزية ضدها؟

- نحن بالتأكيد مع إعطاء المرأة حقوقها بالكامل، ولاحقاً سننسّق مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية حول المواضيع التي تخصّ المرأة.

 { كلمة أخيرة؟

- شكراً لـ «اللواء» التي ألقت الضوء على رسالتنا التي هي رسالة عطاء وفرح بدأتها ريتا ونواصلها نحن طالما بقي قلب ينبض بالحياة.