بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 آذار 2019 06:00ص سفيرة كندا لـ«اللـواء»: اللبنانيون يلهموننا بإبداعهم وكرمهم

السفيرة إيمانويل لامورو السفيرة إيمانويل لامورو
حجم الخط
لدى لقائك بها للمرّة الأولى، تجد نفسك أمام امرأة عفوية، غير متكلّفةٍ، كأنّك تعرفها منذ سنوات. هي لم تتأثّر بمنصبها، بالرغم من علاقاتها مع العديد من الشخصيات الدولية والمحلية.
تكرّس حياتها لدورين أساسيين: الأوّل كأمٍ، والثاني كسفيرة لكندا في لبنان.
هي تعتبر العمل الدبلوماسي في لبنان مثيراً جداً، لذلك تهتم كثيراً بالتحدث مع الجميع دون استثناء لمعرفة نبض البلد، إذ برأيها لا يوجد سبب لتقييد النساء ببعض المناصب، والرجال بمناصب أخرى، فالمهم كفاءة كل شخص، تبعاً لملفه الشخصي ومهارته.
وبالنسبة إليها، فإنّ لبنان وكندا يشكّلان شراكة فريدة من نوعها، وذلك من خلال العلاقات المتميزة بينهما.
لتسليط الضوء أكثر على هذه السيدة، التقتها «اللواء»، فكان حواراً صريحاً من القلب إلى القلب مع سفيرة كندا في لبنان إيمانويل لامورو.

بطاقة هوية
{ مَنْ هي السفيرة إيمانويل لامورو؟
- «دبلوماسية كندية وُلِدَتْ في مدينة «كيبيك»، إذاً فرنكوفونية. ولبنان هو مهمتي الرابعة في الخارج، لكن مهمتي الأولى كانت كرئيسة للبعثة. متزوجة ولدي ثلاثة أطفال، تتراوح أعمارهم بين 15، 12 و6 سنوات».
{ ما الذي دفعك للإنخراط في مجال السلك الدبلوماسي؟، وما الصعوبات التي واجهتها؟
- «لقد أحببت السفر خلال طفولتي، التي كانت بدوية نوعاً ما بسبب عمل والدي. لكنّني كنت أميل إلى الصحافة، إلا أنّني اتجهت نحو العلاقات الدولية في أوائل العشرينات من عمرين وخضت مسابقة الخدمة الخارجية الكندية، عندما كنت في السادسة والعشرين من عمري. فعملت بجد بالطبع، لكنني لم أواجه الكثير من العقبات، بما في ذلك كإمرأة، لكن ربما كان التحدي متمثّلاً في إدارة مهنتين، لاسيما أن زوجي هو أيضاً دبلوماسي كندي والحياة العائلية ناشطة».
{ ما أبرز الدول التي عملت بها؟
- «حتى الآن كانت لديَّ أربع مهام: جنيف، باريس، تونس، والآن بيروت».
علاقات ممتازة
{ هناك جالية لبنانية كبيرة وفاعلة في كندا، كيف تنظرين إلى دور هذه الجالية لجهة تعزيز الروابط؟
- «تتمتّع كندا ولبنان بعلاقات ممتازة، وذلك منذ سنوات عديدة، إذ تشير التقديرات إلى أنّ 70 ألف كندي يعيشون في لبنان، في حين أنّ الجالية اللبنانية في كندا تضم أكثر من 200 ألف شخص، بالإضافة إلى أربعة من أعضاء البرلمان الكندي، هم من أصل لبناني، ويقومون بزيارات منتظمة إلى لبنان. الكنديون الذين يعيشون في لبنان، والذين يحمل العديد منهم جنسية مزدوجة، هم أعضاء فاعلون في المجتمع اللبناني ويلعبون دورا مهما في نموه، كما يساهمون في ترسيخ القيم وتعزيزها مثل الشفافية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وهي قيم أساسية في كندا. أما بالنسبة إلى اللبنانيين في كندا، فهم يلهموننا بديناميكيتهم وروح المبادرة وكرمهم.
باختصار، لبنان وكندا يشكّلان شراكة ممتازة، من خلال العلاقات المتميزة».
تعزيز الإلتزام الكندي
{ لا شك في أنّ قضية النازحين السوريين من أبرز التحديات التي يواجهها لبنان، وهناك تقصير دولي في دعمه تجاه هذه القضية، فما رأيك بهذا الموضوع؟ 
- «لا شك في أنّ كندا تشارك مخاوف لبنان في ما يتعلق بتأثير النزاع السوري عليه، ولهذا السبب، عزّزت التزامها في لبنان منذ العام 2015، وأعطته مركز البلد المستهدف في استراتيجيتها للشرق الأوسط ، لذلك قامت كندا باستثمار أكثر من 2 مليار دولار كندي في المنطقة لتوفير المساعدة الإنسانية والمساعدة الإنمائية والأمن والإستقرار. وفي لبنان، نحن نُعتبر أحد أكبر 5 دول مانحة. إذا أخذنا في الاعتبار عدد السكان الكنديين، وهو أقل بكثير من المانحين الرئيسيين الآخرين، فمن الواضح أنّ كندا تقوم، حسب نصيب الفرد، بحصتها للبنان.
كندا هي بلد الهجرة وترحّب، بحوالى 300 ألف كندي جديد كل عام، بما في ذلك العديد من اللاجئين من جميع أنحاء العالم. ومن بين هؤلاء، استقبلت كندا منذ العام 2015 أكثر من 60 ألف لاجئ سوري الأكثر ضعفاً، وأكثر من ثلثهم جاءوا من لبنان. وبالطبع فإنّ السياق الذي نقوم به يختلف عن السياق السائد في لبنان، لكنه يساعدنا على فهم التحدي المتمثل بالترحيب بأكثر من مليون لاجئ، والضغط الذي يمثّله وجودهم على المجتمع، والبنية التحتية والمؤسسات اللبنانية.
العمل الدبلوماسي مثير للإهتمام
{ كيف تجدين العمل في لبنان؟، وهل تربطك علاقات جيدة مع السياسيين؟
- «العمل الدبلوماسي في لبنان مثير جدا للاهتمام، لكنني أقول أحيانا بأنّني أود أن يكون أقل من ذلك بقليل. أنا أتمتع بعلاقات جيدة مع الطبقة السياسية اللبنانية. كما أعطي أهمية كبيرة لعلاقاتي مع القطاع الخاص، ولكن أيضا مع المجتمع المدني، وخاصة النساء والشباب. لقراءة نبض البلد، يجب التحدث إلى الجميع».
{ مَنْ هم أصدقاؤك من السياسيين؟
- «لدي علاقات ودية لكن مهنية مع السياسيين اللبنانيين. أتمنى لأعضاء الحكومة الجديدة كل النجاح في ولايتهم، خاصة الوزيرات الأربع. إنّ نجاحهن مهم بشكل خاص بالنسبة لي، لأنّهن يمهّدن الطريق أمام نساء وفتيات أخريات، فآمل أن يأخذن مكانهن الصحيح في الحكومة وفي المؤسسات الديمقراطية في لبنان».
{ كيف تقيّمين عمل المرأة اللبنانية في المجال السياسي؟
- «تؤمن كندا إيمانا راسخا بأن الديمقراطية والحكم المسؤول والتعددية السليمة وحقوق الإنسان هي أمور بالغة الأهمية للسلام والتنمية. لذلك يشكل دعم المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات جزءا لا يتجزأ من السياسة الخارجية والداخلية الكندية. ولهذا السبب تدعم كندا الحوكمة الشاملة من خلال الاستثمار في الدفاع عن حقوق المرأة، ومشاركتها السياسية، وتعزيز قوتها القانونية والوصول إلى العدالة، والمساعدة في جعل البيئة أكثر شمولاً لتعزيز مشاركة المجتمع المدني.
وهنا أود الاشارة إلى أنّنا عملنا مع زملائنا في السفارة الكندية في القاهرة، لتنظيم اجتماع للبرلمانيات والقادة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الفترة من 3 إلى 7 شباط، وتمكنت المشاركات، بما في ذلك 4 من البرلمانيات اللبنانيات الـ6، من تبادل الأفكار حول مواضيع مختلفة، تتراوح من الإقتصاد إلى القضايا الأمنية، كجزء من برنامج التشبيك وتبادل المعلومات وتعزيز القدرات».
{ هل تشعرين بأنّها تنال حقها كاملاً؟، أم برأيك يجب أنْ تُعطى فرصة أكبر في هذا المجال؟
- «المرأة اللبنانية بعيدة كل البعد عن اكتساب كل حقوقها، سواء بموجب القانون أو في المجتمع. إن تطوّر التكافؤ بين الرجال والنساء ليس بطيئاً في لبنان فحسب، بل في العديد من البلدان، بما في ذلك الدول الغربية، حيث لا تزال التفاوتات قائمة. تمثل المرأة 50% من السكان، فيجب أنْ تكون ممثلة على نحو كاف على جميع المستويات».
{ ما تعليقك في ما يخص وزيرة الداخلية ريا الحسن كأول سيدة تتولّى هذا المنصب، سواء في لبنان أم في الدول العربية؟
- «مثل الوزيرة ريا الحسن ، هناك العديد من النساء في لبنان مؤهّلات للمشاركة في الحياة السياسية أو اتخاذ قرارات ذات طبيعة وطنية. لا يوجد سبب لتقييد النساء ببعض المناصب والرجال بمناصب أخرى، المهم هو دراسة كفاءة كل شخص وتعيين المسؤوليات التي تتناسب مع ملفهم الشخصي ومهاراتهم. إنّ تعيين الحسن وزيرة داخلية يمثّل خطوة حقيقية إلى الأمام بالنسبة للبنان والمنطقة».
لكل منطقة سحرها
{ ما أبرز المناطق اللبنانية التي زرتها؟، وما هي الأحب إلى قلبك؟
- «من الصعب الإجابة. بين البحر والجبل، الشمال والجنوب، كل منطقة لها سحرها. لقد أحببت صيدا وصور، وأذهب بانتظام إلى البقاع والشمال. ومع ذلك ، لديّ عاطفة خاصة لعرسال لأنها منطقة عانت الكثير من الصراع السوري وحيث نفخر بالعمل مع الجيش اللبناني. كما أنهم يزرعون أفضل أنواع الكرز التي سبق أن تناولتها».
{ ماذا عن الموسيقى اللبنانية؟
- أود أنْ أتعلم دروساً في الدبكة، لأنّني أحب الموسيقى التي ترافقها. طبعا أحب فيروز، ولكن أيضاً أستمع لعدد من المغنيين، مثل مشروع Leila و Soapkills وياسمين حمدان».
{ هل أحببت المطبخ اللبناني؟، وما هي مأكولاتك المفضلة؟
- «المطبخ اللبناني لذيذ ورفيع، لكن هناك واحد من أبسط الأطباق الذي أغراني: الفول المدمس على الإفطار مع الخضار الطازجة، إنّه حقاً جيد جداً».
{ ختاماً، هل بدأت تتكلّمين اللغة العربية؟، وكيف تتعاملين معها؟
- «نعم، أنا أدرس اللغة العربية مع مدرس خاص، لكن لدي القليل من الوقت لتعلمها بشكل صحيح. فتعلم اللغة العربية هو عمل بدوام كامل وأنا لدي بالفعل إثنين حتى الآن: دوري كسفيرة ودوري كأم. 
ومع ذلك، بدأت أفهم اللغة العربية جيداً، ويمكنني أنْ أكتبها أيضاً لكن لدي صعوبة أكبر في التحدّث».