بيروت - لبنان

14 آب 2023 12:00ص كيف رفض سركيس عرضاً أميركياً بتمديد ولايته سنة أو سنتين؟

بعد 288 يوماً على الشغور الرئاسي.. شمس بعبدا لم تشرق بعد

إلياس سركيس إلياس سركيس
حجم الخط
288 يوما مرّوا على الشغور الرئاسي في لبنان، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق، وبعد 12 جلسة انتخابية لم تسفر عن أي نتيجة، وفي وقت يواصل الدولار ألاعيبه، مترافقا مع ارتفاع جنوني في الأسعار وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية، وهو ما دعا «المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان» لأن يشير في بيان له «الى أن الانهيار الذي تشهده الليرة مقابل الدولار الأميركي في بيروت كبير جداً ويستدعي التوقّف عنده»، مشددا على أن «المسؤولية الكبرى تقع على الحكومة وعلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الملاحق في العديد من دول العالم بتهم الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتزوير واستعمال المزوّر».
بشكل عام يتواصل الشغور الرئاسي ويستمر عداد فراغ الكرسي الأولى بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي، كان يطلق عليه فيما مضى «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع باسم الرئيس العتيد، ولأن «كلمة السر» الحاسمة بشأن الانتخابات الرئاسية لم تصدر بعد ولم يحن أوانها، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا».

في العام 1982، هو الانتخابات الرئاسية، كان لبنان قد صار على خط الزلازل، لكن الاستحقاق الرئاسي بقي حضوره، ومعه استمر طرح الأسماء التي يمكنها أن تخلف سركيس، ويؤكد العميد غابي لحود، ان السفير الأميركي قال للرئيس سركيس: «أتمنى عليك أن تجدّد مجددا في وموضوع ولايتك، فربما يحتاج البلاد الى وجود سنة إضافية أو سنتين، على أن تساعد التطورات الحل في لبنان».
هنا يردُّ الرئيس سركيس: «أنتم تريدون شخصي أم تريدون سياستي؟ أما سياستي هناك من يستطيع أن يكملها، كما لو ان إلياس سركيس هو غابي لحود».
ومع محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي شلومو ارغوف في لندن في أوائل حزيران 1982، باشرت تل ابيب فورا عملياتها العدائية على لبنان. وبدأ الجيش الإسرائيلي اجتياحه للبنان، وأعلن قائد «القوات اللبنانية» بشير الجميّل ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية بعد ان كان منذ العام 1981 يلمح إلى احتمال ذلك، وطرح برنامجه لرئاسة الجمهورية ومما فيه بسط سيطرة الدولة اللبنانية على كامل مساحة لبنان الـ10452 كيلومتراً مربعاً، وانسحاب كل الجيوش والمنظمات غير اللبنانية من لبنان.
في العام 1982 طلب حزب الكتائب و«القوات اللبنانية» فتوى من أحد الفقهاء الفرنسيين في القانون الدستوري بشأن انتخاب بشير الجميّل، فأكّد على نصاب الثلثين من أعضاء المجلس النيابي قانونا، أي 66 نائبا، على اعتبار أن المجلس النيابي كان قبل الطائف يتألف من 99 نائبا. لكن الرئيس كامل الأسعد وهيئة مكتب المجلس آنئذ أفتوا بثلثي أعضاء المجلس النيابي الأحياء، وبالتالي فإن النصاب كان في تلك الجلسة 62 نائبا، لأن المجلس النيابي كان قد فَقدَ سبعة نواب بالوفاة. وقاطع هذه الجلسة 30 نائبا كانوا يخططون لحشد 31 نائبا ليطيّروا النصاب لكنهم عجزوا عن ذلك، وبقي ينقصهم نائب واحد فقط لإنجاز مشروعهم.
بعد اغتيال بشير الجميّل، انتخب النائب أمين الجميّل بحضور 80 نائبا من أصل 90 نائبا أحياء، فنال الجميل 77 صوتا ووجدت 3 أوراق بيضاء.
ترك الرئيس أمين الجميّل الحكم بلا انتخاب خلف له في 22 أيلول 1988 واستمر الفراغ الرئاسي حتى إنجاز اتفاق الطائف، حيث تم انتخاب الرئيس رينيه معوض في مطار القليعات الأحد في الخامس من تشرين الثاني 1989، بحضور 58 نائبا من أصل 73 نائبا، نال منهم معوض في دورة الاقتراع الثانية 52 صوتا ووجدت 6 أوراق بيضاء وفي نفس الجلسة أقسم اليمين متسلّما سلطاته الدستورية لكنه اغتيل بعد 17 يوما، لينتخب خلفه في 24 تشرين الثاني 1989 الرئيس إلياس الهراوي بعد يومين في بارك أوتيل شتورا بأكثرية 47 نائبا ووجدت 5 أوراق بيضاء وقد مددت ولايته بموجب تعديل دستوري لمرة واحدة لمدة ثلاث سنوات، ليتم بعدها انتخاب قائد الجيش اللبناني العماد إميل لحود الثلاثاء في 13 تشرين الأول 1998، بأكثرية ساحقة بلغت 118 نائبا حضروا الجلسة، من أصل 128 نائبا بعد تعديل دستوري لمرة واحدة يسمح له بالترشح للرئاسة، وهو أقسم اليمين وتسلّم سلطاته الدستورية في 24 تشرين الثاني، ومددت ولايته بتعديل دستوري لمرة واحدة لمدة ثلاث سنوات. وما بدا الملاحظة هنا ان من كان يمسك في القرار السياسي في تشكيل الحياة السياسية، سواء على المستوى الانتخابي أو مستوى تشكيل الحكومات أو الوظائف العامة وغيرها، الكثيرون من السياسيين والاقتصاديين.
في 23 تشرين الثاني 2007 غادر الرئيس لحود القصر الجمهوري من دون أن يتمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس جديد.
ويوم الأحد في 25 أيار 2008 تم انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا بحضور 127 نائبا، نال منهم 118 صوتا ووجدت 6 أوراق بيضاء و3 أوراق بأسماء مختلفة، وانتهى عهده في 24 أيار 2014 بفراغ رئاسي استمر حتى 31 تشرين الأول 2016. حيث انتخب العماد ميشال عون بحضور 127 نائبا فكانت نتيجة الاقتراع في الدورة الأولى 84 صوتاً، فجرت دورة ثانية (تكررت 3 مرات) نال فيها 83 صوتاً، وأصبح بذلك الرئيس الثالث عشر للجمهورية اللبنانية. وما زال اللبنانيون ينتظرون منذ 288 يوما سقوط «الوحي» على نواب الأمة.
(انتهى)