بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 آب 2023 12:00ص كيف وصل رؤساء لبنان في زمن الاستقلال؟ التوازنات الداخلية غير مؤثّرة (2)

بعد 275 يوماً على الشغور الرئاسي و450 يوماً على حكومة تصريف الأعمال

بشارة الخوري بشارة الخوري
حجم الخط
275 يوما مرّوا على الشغور الرئاسي في لبنان و450 يوما على حكومة تصريف الأعمال، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر بإنجاز هذا الاستحقاق، وبعد 12 جلسة انتخابية لم تسفر عن أي نتيجة، وفي وقت يواصل الدولار ألاعيبه، مترافقا مع ارتفاع جنوني في الأسعار وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية، وهو ما دعا «المرصد الأوروبي للنزاهة في لبنان» لأن يشير في بيان له «الى أن الانهيار الذي تشهده الليرة مقابل الدولار الأميركي في بيروت كبير جداً ويستدعي التوقّف عنده»، مشددا على أن «المسؤولية الكبرى تقع على الحكومة وعلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الملاحق في العديد من دول العالم بتهم الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتزوير واستعمال المزوّر».
بشكل عام يتواصل الشغور الرئاسي ويستمر عداد فراغ الكرسي الأولى بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي، كان يطلق عليه فيما مضى «الوحي» الذي يحوّله النواب في صندوقة الاقتراع باسم الرئيس العتيد، ولأن «كلمة السر» الحاسمة بشأن الانتخابات الرئاسية لم تصدر بعد ولم يحن أوانها، ليحوّلها نواب «الأمة» الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية، سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا».

في الانتخابات الرئاسية عام 1943، كانت المنافسة على أشدّها بين النفوذين الفرنسي والبريطاني، التي انعكست مناورات شديدة بين اللاعبين اللبنانيين، يومها كان واضحا ان كفّة بشارة الخوري هي الراجحة على كفّة إميل إده بسبب نشاط سبيرز المتزايد وتراجع النفوذ الفرنسي يوما بعد آخر، وكان واضحاً أمام إده ان الأغلبية هي لصالح الخوري، وبالتالي كان عليه أن يعمل بشتى الوسائل للحؤول دون وصول بشارة الخوري، فأقدم كما يقول كميل شمعون في كتابه «مذكراتي» (ص.24) على خطوة لم يعرف كيف يكملها، فأبلغ سبيرز رغبة منه في توفير الاجماع لرئيس الجمهورية الجديد، موافقته على سحب ترشيحه شرط «أن ينسحب الشيخ بشارة الخوري بدوره من المعركة، ثم اقترح ثلاثة يتم اختيار أحدهم رئيساً للجمهورية، وكنت أحد هؤلاء فوافق الشيخ بشارة الخوري على الاقتراح وأصبحت طوال 48 ساعة المرشح الوحيد. لكن رسا الاختيار أخيرا على بشارة الخوري».
يؤكد الرئيس بشارة الخوري أنه «في وقت لاحق استدعي من قبل هيللو إلى قصر الصنوبر، وأعلم هذا الأخير برفض شمعون خويصة الإنكليز، وطلب منه باسم فرنسا أن يرجع عن تنازله لمصلحة شمعون»..هكذا بات بشارة رئيسا للجمهورية في أيلول 1943.

شمعون وحميد فرنجية

ومع معركة انتخابات رئيس الجمهورية عام 1952، كان الجميع يعتقدون ان من سيخلف بشارة الخوري هو حميد فرنجية، وخصوصا أن الانتخابات النيابية عام 1951 جاءت أكثرية نيابية للكتلة الدستورية وحلفائها، لكن كميل شمعون كان هو الخلف، بفضل الدعم الإنكليزي ونظام أديب الشيشكلي في سورية الذي كان عونا لشمعون على فريق من اللبنانيين، وإذ اجتذب شمعون بين ليلة وضحاها الى صفه عدد لا يستهان به من نواب الشمال ونواب بيروت، بفضل الضغط السياسي من جانب سوريا وتدخّل السفير البريطاني في بيروت، وبدا ذلك واضحا للعيان بتحوّل أصدقاء حميد فرنجية وزملائه في جريدة «لوجور» من أمثال حبيب أبو شهلا، شارل حلو، هنري فرعون، وموسى دي فريج الذين كانوا من دعامته الكبرى وقادة معركته الذين تخلّوا عنه، ليس حبّا بشمعون بل تحت الضغط السافر الذي مارسه عليهم السفير البريطاني عبر ميشال شيحا. وهكذا بسحر ساحر انتقلت الأكثرية النيابية من حميد فرنجية الى كميل شمعون الذي انتخب رئيسا للجمهورية في 22 أيلول 1952.

فؤاد شهاب: توافق ناصري دولي

وفي 4 آب 1958 تمّ انتخاب قائد الجيش اللبناني اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية، وهو انتخاب وصف بأنه تمّ بعد توافق إقليمي - دولي، وبصفة خاصة مصري - أميركي، والتي يصفها مايلز كوبلاند بأنها جاءت مطابقة، لما كان يريده الرئيس جمال عبد الناصر.
وبالمناسبة، فان المجلس النيابي الذي انتخب الرئيس شهاب، كان قد انتخب عام 1957، وشهدت العمليات الانتخابية تزويرا واسعا كان هدفها وصول أغلبية نيابية تجدد لشمعون ولايته، وفيها تم إسقاط رموز المعارضة، فأسقطت عمليات التزوير: صائب سلام، وكمال جنبلاط، وأحمد الأسعد وغيرهم، لكنها فشلت في إسقاط صبري حمادة، ورشيد كرامي، ومعروف سعد.
وفي النتيجة، فأن هذا المجلس الذي كان يضم أكثرية شمعونية، انتخب من اعتبر السياسيين «أكلة الجبنة»، قائد الجيش اللبناني اللواء فؤاد شهاب.
حلو : اختيار شهابي بموافقة ناصرية -فاتيكانية
وفي العام 1964، كان الجميع يرى النائب عبد العزيز شهاب هو الرئيس الذي سيخلف فؤاد شهاب، لكن حلّ شارل حلو في منصب الرئاسة الذي كان من اختيار الرئيس شهاب وبموافقة ناصرية - فاتيكانية.