سيطر ملف تشديد العقوبات الأميركية على «حزب الله» على مجمل الملفات الإقتصادية، وسط تزايد منسوب القلق من انعكاس تلك العقوبات على الإقتصاد اللبناني وقطاعه المصرفي، على الرغم من التطمينات بعدم التعرّض للاستقرار النقدي اللبناني.
وفي سياق التطمينات حول كيفية تعامل المصرف المركزي في لبنان مع موضوع العقوبات، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة عن أنّ الآليات التي وضعها المركزي لإلتزام العقوبات الأميركية على «حزب الله» مستمرة وكافية، و»قد لقيت ترحيبا وارتياحا من مسؤولي الخزانة الأميركية الذين التقيناهم في واشنطن، وسنستمر في معالجة قوانين العقوبات ضمن الآلية عينها».
ولفت سلامة إلى أنّ العقوبات متشدّدة في مضمونها من الأساس، «لكنها توسعت بالنسبة الى خارج لبنان» مؤكداً انه على تنسيق مستمر مع وزارة الخزانة الأميركية، «الا ان الآليات القائمة كافية لتطبيق العقوبات بالاضافات التي أدخلت عليها».
الليرة مستقرة
ولفت سلامة في حديث لـArab Economic News من واشنطن حيث شارك في الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، الى انه عقد اجتماعات مع معظم المصارف المراسلة، «ولم نتلق أي تحفظ او تغيير في موقفها، لا بل ان بعضها يعتزم توسيع اشغاله في لبنان»، معتبرا ان تلك المواقف تؤكد على الاستقرار في السياسات المعتمدة ومتابعة الاعمال على نحو طبيعي، كما أوضح انه تلمّس من قبل الإدارة الأميركية والمصارف الأميركية ارتياحا «ولم نشعر بأنّ أحدا يريد الأذى للبنان»، مشيرا الى ان المراسيم التطبيقية للقوانين الجديدة لم تصدر بعد.
وأشار الى لقاءات أجراها في وزارة الخارجية الأميركية «حيث لمسنا أجواء إيجابية ومواقف متعاطفة مع لبنان وارتياحا لما نعتمد من سياسات» قائلاً ان الاجتماعات مع المستثمرين في الأوراق المالية اللبنانية كشفت استمرار اهتمامهم بها، «وقد شرحنا لهم كل الأوضاع بالأرقام والوقائع».
وتابع: إنّ أجواء اجتماعات واشنطن (اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين السنوية) كانت إيجابية عموما، خصوصا ان بعثة الصندوق زارت لبنان قبل نحو أسبوعين، وستصدر تقرير المادة الرابعة Article IV في كانون الأول المقبل «حيث ستشدد كما العادة على مسألة العجز المالي المتنامي في لبنان»، لافتاً الى انه شرح لمسؤولي الصندوق الثوابت التي يعتمدها مصرف لبنان، لجهة الاستقرار في سعر صرف الليرة «حيث لدى المركزي كل الإمكانات ليبقى مسيطرا على السوق، حيث يبقي بادوات السوق، الفوائد مستقرة من خلال الهندسات بما يدعم الوضع الاقتصادي، فلا يرتفع التسليف، ويدعم أيضا مالية الدولة لجهة ضبط خدمة الدين».
القروض المدعومة
وبالنسبة الى القروض المدعومة، أوضح سلامة ان رزمة العام 2017 قد انتهت، «وسنصدر تعميما جديد بما يضمن استمرار تلك القروض، على ان تمنح القروض السكنية بالليرة اللبنانية وباقي القروض بالدولار وبفائدة Fed Funds (اقل من فائدة ليبور)، لكن لم يعد في امكان المصارف استخدام الاحتياطي الالزامي»، كاشفاً عن أنّ التعميم الذي سيصدر في هذا الشأن سيطبق فورا بما يتيح استمرار تلبية طلبات هذه القروض المدعومة، ورأى ان هذه السياسات تعود بالمنفعة على الاقتصاد اللبناني.
يذكر ان قيمة القروض المدعومة فوائدها انخفضت بنسبة 14.15% على اساس سنوي الى 230.18 مليون دولار اميركي في النصف الاول من العام الحالي، مقابل نحو 268.13 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام الفائت، وقد حظي قطاع الصناعة بحصة الاسد من اجمالي هذه القروض (112.97 مليون دولار)، كما ارتفعت محفظة تسليفات القطاع المالي المستعملة بنسبة 6.32% على صعيد سنوي الى ما فوق الـ100.09 مليار ليرة مع نهاية شهر حزيران 2017.
التحويلات المالية
وتوقّع تقرير «الهجرة والتنمية» الصادر عن البنك الدولي أن تصل تدفقات التحويلات المالية إلى لبنان لـ 7.87 مليار دولار هذا العام، بزيادة نسبتها 3.3% مقارنة بعام 2016، وستشكل تدفقات التحويلات المالية لعام 2017 ما نسبته 14.6% من الناتج المحلي الإجمالي للبلد.
في غضون ذلك، توقّع صندوق النقد الدولي ان يحقق لبنان نمواً اقتصادياً حقيقياً بنسبة 1.5% في العام الحالي (مقارنةً بـ2.0% كانت متوقعة في نسخة نيسان من التقرير) و2.0% في العام 2018 (مقارنةً بـ2.5% و3.0% في العام 2022)، بالتوازي، توقع تقرير البنك الدولي ان يستمر التراجع في عجز الحساب الجاري خلال الفترة المقبلة من 18.6% من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2016 (مقابل 16.0% كانت مقدرة في نسخة نيسان من تقرير البنك) الى 18.0% في العام 2017.
توقّعات النمو
وأشاد البنك الدولي بتحسّن الاوضاع السياسية والامنية في لبنان والتي تجلت بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية واقرار قانون الشراكة بين القطاعين الخاص والعام وقانون سلسلة الرتب والرواتب الذي طال انتظاره، وتوقع التقرير نموا في الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 2% في العام 2017 كما توقع ان الانكماش في مساهمة انفاق القطاع الخاص في نمو الناتج المحلي الاجمالي سوف يعكس وتيرته التي دامت 3 سنوات.
كما توقّع البنك ان يحسن نمو الناتج المحلي الاجمالي الى 2.5% في العام 2018 مدعوماً بالزيادة المتوقعة في الانفاق في ضوء الانتخابات البرلمانية المقبلة المزمع اجراؤها في شهر ايار 2018. أما على الصعيد المالي، فقد قدم التقرير ان تكلفة سلسلة الرتب والرواتب والانتخابات النيبابية القادمة ستتخطى الزيادة في الايرادات ما سوف يؤدي الى زيادة العجز في المالية العامة من 9.2% من الناتج المحلي الاجمالي في العام 2017 الى 9.6% في العام 2018.