تأزّم الشارع وتسارع الأحداث في ظل انعدام الحلول، وارتفاع منسوب القلق من استقالة الحكومة، والدخول في مرحلة فراغ، وما يمكن أن يرافق ذلك من تداعيات إقتصادية ومالية دراماتيكية، كل ذلك من شأنه أن يُساهِم بشكل مباشر بالانزلاق الى الإنهيار الإقتصادي سريعاً، ما لم يتم تدارك الامر، وتحمّل السلطة مسؤولياتها بإعلان إلغاء سلّة من الضرائب التي تطال الفئات الشعبية، تزامناً مع التعهّد بتنفيذ إصلاحات حقيقية تخفّف من الأعباء المعيشية عن المواطنين.
ومن أولى معالم الأزمة، وبدء انزلاق الإقتصاد انخفاض سندات لبنان السيادية الدولارية 1.9 سنت بعد أن استمرت أكبر احتجاجات منذ سنوات لليوم الثاني في أنحاء البلد، وتكبدت سندات استحقاق 2025 أكبر انخفاض في شهرين، لتتراجع إلى 67.09 سنتاً للدولار وفقا لبيانات تريدويب.
معالجات سريعة
«أنا أتفهم الحراك بالشارع وأفهم النقمة الشعبية جيداً رغم اعتباري أن بعض الممارسات التخريبية لا لزوم لها لكن يجب أن تكون ردة الفعل السياسية متفهمة لمطالب الناس ويجب أن يتوحد خطاب السلطة ليؤكد التراجع عن الضرائب التي تطال الفقراء على أن يُعلن عن تقديمات محددة وواضحة تلبي بعض حاجات ووجع الشعب وتخفف من معاناة الشباب لاسيما العاطلين عن العمل منهم»، بهذه النصيحة توجه مدير عام بنك لبنان والمهجر وعضو لجنة الرقابة على المصارف سابقاً أمين عواد للقائمين على السلطة لتجنيب البلد مزيد من الإنحدار إلإقتصادي.
تابع: أرقام البطالة التي قاربت 30 و35 في المئة ظهرت اليوم ما يحتّم على المعنيين الخروج والإعلان فوراً عن إلغاء الشريحة الكبرى من الضرائب لاسيما تلك التي تطال الفئات الشعبية لتطويق الأمر في مقابل الشروع مباشرة خلال يومين على ابعد تقدير بالبدء بتنفيذ عدة مشاريع إصلاحية بتمويل من سيدر تؤمن بشكل واضح فرص عمل للشباب لافتاً الى أنه لا زال هناك مجال لتفادي المزيد من الإنحدار وربما الإنهيار.وإذ رأى أن الإستمرار بالأفكار التصادمية وإقالة الحكومة دون التمكن من تشكيل أخرى والدخول في عملية تقاسم الحصص بنفس العقلية السائدة يحمّل السلطة مسؤولية الإنحدار السريع، أكد أن الحديث عن استقالة الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراط مصغرة «نتمناها لكننا سنقع كالعادة في أزمة تقاسم الحصص والتالي بالفراغ وحينها ستكون النتيجة فلتان البلد والانهيار»، من هنا يجب أن يجتمع بعض وزراء الحكومة ويتصرفون كحكومة تكنوقراط وليس بعقلية التقاسم السياسية فليقدموا مشاريع تؤمن فرص عمل وضمانات لتنفيذها ويعلنون التراجع عن بعض الضرائب حينها من ممكن أن يتلقف المجتمع الدولي والعربي مبادرة الحكومة ويقدم الدعم لكن دون ذلك لا يمكن أن يخاطر أي كان بدفع الاموال في لبنان. في ظل الواقع الحالي يجب أن نقدم ضمانات وتطمينات.
مخاوف من فراغ
وبين استقالة حكومية أو عدمها قرأ الخبير المالي والاقتصادي الدكتور غازي وزني في إضرابات الشارع «أزمة سياسية كبيرة تعجّل في التدهور الاقتصادي»، وقال في حديث له: لا شك في أننا في أزمة مالية حادة ومستفحلة، وتأزّم سياسي «يزيد الطين بلّة» ويفاقم تضخّم الأزمة، بما يشير إلى وجود أزمة ثقة لدى المواطنين بالطبقة الحاكمة، ومعاناتهم المرهقة وفقر واحتقان وغضب من الواقع القائم.
أضاف: من هنا النتيجة واضحة للطبقة الحاكمة، ظهرت جلياً في الشارع حيث أعرب المواطنون عن رفضهم لهذا الواقع، وأن في إمكان السلطة الإسراع في الإصلاحات الضرورية للخروج من الأزمة، وإلا فالأمور لا يمكن أن تستمر على هذا النحو.
وعن تداعيات اعتصامات الشارع على الوضع الاقتصادي، قال وزني: إذا دخلنا في أزمة سياسية نتيجة استقالة الحكومة، ستتفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية ونذهب في اتجاه تدهور سريع للوضع الاقتصادي والمالي في المرحلة المقبلة، والذي يعاني أصلاً من أزمة حادة. لافتاً إلى أن الأزمة السياسية التي قد يصل إليها البلد هي مثابة إشارة سلبية جداً للوضع الاقتصادي والمالي، كونه يسرّع في الانهيار.