بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 حزيران 2018 01:06ص وزراء الدولة قبل الطائف وبعده.. لماذا؟ (1)

17 حكومة تشكّلت بعد الطائف كان فيها 92 وزير دولة بمعدل 5.4 لكل حكومة و57 حكومة تشكّلت قبل الطائف اسندت وزارة دولة إلى 19 وزيراً

الرئيس صائب سلام أوّل وزير دولة في تاريخ الحكومات اللبنانية الرئيس صائب سلام أوّل وزير دولة في تاريخ الحكومات اللبنانية
حجم الخط

الرئيس صائب سلام أول وزير دولة في تاريخ الحكومات اللبنانية اسند إليه المنصب مرتين في حكومة اليافي العام 1956

استعمل لقب وزير دولة في الجمهورية الثالثة في فرنسا باسم  Minitre dé’tat ثم تحول في أواخر الجمهورية الثالثة وأوائل الجمهورية الرابعة باسم:
 «Ministre sansporte fewille» بدون حقيبة، وهو اللقب الأصح.
اما الغاية في إيجاد هذا الوضع الوزاري الخاص فكانت إرضاء الأحزاب التي كانت قائمة في عهد هاتين الجمهوريتين والتي كانت تتميّز بتعددها البالغ ولكي تنال الحكومة ثقة البرلمان، حيث كان المكلف تشكيلها يرى نفسه مضطراً إلى إرضاء ممثلي تلك الأحزاب بإيجاد مناصب وزارية من دون حقائب.
ووظيفة وزير الدولة كانت ولا تزال في الدولة التي تعمد إلى ذلك الاشتراك فقط في حضور جلسات مجلس الوزراء والمشاركة في اتخاذ المقررات السياسية، مما يدل على ان هذا المنصب ليس منصباً ادارياً بالمعنى الذي نصت عليه المادة 64 من الدستور اللبناني بنصها القديم قبل تعديلات 21/9/1990.
والتي كانت تنص على الآتي:
«يتولى الوزراء إدارة مصالح الدولة وتناط بهم تطبيق الأنظمة والقوانين كل بما يتعلق بالأمور العائدة إلى ادارته وبما خص به».
وعلى هذا فإن كل وزير دولة لا يكلف مهمة خاصة كانت تقتصر «وظيفته» على حضور جلسات مجلس الوزراء والمشاركة بالقرارات السياسية.
وبالعودة إلى تاريخ الحكومات اللبنانية فقد تشكّلت منذ الاستقلال حتى يومنا هذا أربعة وسبعون حكومة منها سبعة وخمسون حكومة قبل الطائف وسبع عشرة حكومة بعده.
وتضمنت الحكومات الـ57 تسعة عشر وزير دولة أي ما نسبته حوالى وزير لكل 3 حكومات، اما الحكومات الـ17 فتضمنت 92 وزير دولة أي ما نسبته 5.4 لكل حكومة.
وعرفت الحكومات اللبنانية لأول مرّة في حكومة الرئيس عبد الله اليافي (من 19/3/56 إلى 18/6/56)، بإناطة «وزير دولة للشؤون العربية والبترول» للرئيس صائب سلام فيها، وبقي الرئيس سلام وزيراً للدولة في حكومة اليافي التي تلتها (من 18/6/56 إلى 18/11/56).
وعندما شكل الرئيس صائب سلام حكومته الثالثة (من 1/8/60 إلى 20/5/61) اقتبس هذه الظاهرة فكان في حكومته أربعة وزراء دولة حدّد اختصاص اثنين منهم: عبد الله المشنوق لشؤون البلديات والارياف وخاتشكيك بابكيان لشؤون الإصلاح الإداري، على أن تحدد اختصاصات وزيري الدولة موريس الجميل وحسين منصور لاحقاً وهذا لم يتم.
وعاد الرئيس اليافي بتكرار التجربة في حكومته التاسعة (من 8/2/1968 إلى 12/10/1968) بتسمية هنري فرعون وزير دولة دون تحديد الاختصاص، وقد اشرفت هذه الحكومة على انتخابات ربيع 1968.
وعاد الرئيس صائب سلام في حكومته السادسة من 27/5/1972 إلى 25/4/1973 إلى تسمية بيار حلو وزير دولة لشؤون النفط والصناعة.
وفي حكومة الرئيس تقي الدين الصلح من 8/7/1973 إلى 31/10/1974 تمت تسمية أربعة وزراء دولة من دون ذكر الاختصاص وهم: مجيد أرسلان، جوزف شادر، البير مخيبر وعلي الخليل، وغابت تسمية وزراء دولة عن الحكومات اللبنانية لتعود فتظهر في تشكيل حكومة الرئيس سليم الحص الثانية من 16/7/1979 إلى 25/10/1980 بتسمية الرئيس السابق للجمهورية وزير دولة دون تحديد الاختصاص، وقد قدّم الرئيس حلو استقالته قبل ان تمثل الحكومة امام المجلس النيابي بعد ثلاثة أسابيع من تشكيلها وفي حكومة الرئيس شفيق الوزان الأولى من 25/10/1980 إلى 7/10/1982 تمت تسمية خمسة وزراء دولة من دون ذكر الاختصاص وهم جوزف أبو خاطر، محمود عمار، قيصر نصر، سامي يونس ومنير أبو فاضل الذي اعتذر عن الاشتراك في هذه الحكومة. اما بعد الطائف فكانت الحكومات الـ17 فضفاضة واكثر انفتاحاً على وزراء الدولة بعد ان أصبحت السلطة الاجرائية تناط بمجلس النواب مجتمعاً (مادة 65 دستور) وأصبح الوزراء يتحملون اجمالياً تجاه مجلس النواب سياسة الحكومة العامة.. (مادة 66 دستور)، وربما يعود الامر إلى إرضاء الكتل النيابية والطوائف والشخصيات السياسية بسبب ضغوط إقليمية في الزمن السوري، بعد ان أصبح للوزير صوت في القرارات المصيرية التي تحتاج إلى موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة، حددتها الفقرة الخامسة من المادة 65 من الدستور.
ونرى ذلك جلياً في ثاني حكومات ما بعد الطائف، ونعنى حكومة الرئيس عمر كرامي الاولى التي تشكّلت في 24/12/1990 واستمرت حتى 16/5/1992 إذ ضمّت 12 وزير دولة تحدد اختصاص ثلاثة منهم فقط هم: زاهر الخطيب وزير دولة للإصلاح الإداري وشوقي فاخوري وزير دولة لشؤون النقل البري والبحري والجوي وجاك جو خادريان وزير دولة لشؤون البيئة، اما الباقون وهم: نبيه برّي، وليد جنبلاط، نزيه البزري، عبد الله الأمين، أسعد حردان، سمير جعجع (اعتذر عن الاشتراك)، ايلي حبيقة، وسليمان فرنجية فكانوا وزراء دولة فحسب.
وفي حكومة رشيد الصلح التي تشكّلت في 16/5/1992، واستمرت حتى 31/10/1992 كانت تضم ستة وزراء لم يتحدد الا مهمة الوزير ايلي حبيقة كوزير دولة لشؤون المهجرين منهم اما الوزراء: برّي، جنبلاط، البرزي، حردان وجعجع (رفض الاشتراك في الحكومة) فكانوا وزراء دولة دون مهام.
وبوصول الرئيس رفيق الحريري إلى رئاسة الحكومة استمرت ظاهرة تعيين وزراء الدولة فمع تشكيل حكومته الأولى من 31/10/1992 إلى 25/5/1995 تمت تسمية 12 وزير دولة حددت مهام تسعة منهم هم: رضا وحيد لشؤون المغتربين وميشال إده لشؤون الثقافة والتعليم العالي، ووليد جنبلاط لشؤون المهجرين، وايلي حبيقة للشؤون الاجتماعية والمعاقين، وسليمان فرنجية للشؤون البلدية والقروية، وعمر مسقاوي لشؤون النقل، وحسن عز الدين لشؤون التعليم المهني والتقني، وسمير مقبل لشؤون البيئة، وفؤاد السنيورة للشؤون المالية أما الباقون الثلاثة وهم شاهي برصوميان وانور الخليل وعلي عسيران، فكانوا وزراء دول دون أي مهام.
وعند تشكيل الرئيس الحريري حكومته الثانية من 25/5/1995 إلى 7/11/1996 وبعد استحداث وزارات جديدة تقلص عدد وزراء الدولة واقتصر إلى أربعة حددت مهام اثنين منهم: نديم سالم وزير دولة لشؤون مجلس النواب وفؤاد السنيورة للشؤون المالية اما الاثنان الباقيان وهما قبلان عيسى الخوري وفايز شكر فكانا وزيري دولة لا غير.
اما حكومة الرئيس رفيق الحريري الثالثة من 7/11/1996 إلى 4/12/1998 فضمت خمسة وزراء دولة حددت مهام اثنين منهم فقط: نديم سالم لشؤون الصناعة وفؤاد السنيورة للشؤون المالية، اما الوزراء الثلاثة وهم: بهيج طبارة والياس حنا وغازي سيف الدين فكانوا وزراء دولة لا غير.
وغاب تعيين وزراء دولة عن حكومة الرئيس سليم الحص الرابعة (الأولى في عهد الرئيس اميل لحود). وعاد الرئيس رفيق الحريري في حكومته الرابعة من 26/10/2000 إلى 17/4/2003 إلى تسمية ستة وزراء دولة حددت مهام واحد منهم: فؤاد السعد لشؤون الإصلاح الإداري اما الباقون وهم: بشارة مرهج، وبهيج طبارة وبيار حلو وميشال فرعون ونزيه بيضون فكانوا وزراء دولة من دون مهام.
وفي حكومة الرئيس الحريري الخامسة من 17/4/2003 الى 26/10/2004، ضمّت الحكومة ستة وزراء دولة دون تحديد اختصاصهم: ميشال موسى، وكرم كرم، طلال أرسلان، وخليل الهراوي، وعاصم قانصو وعبد الرحيم مراد.
وعاد الرئيس كرامي في حكومته الثانية من 26/10/2004 إلى 19/4/2005 إلى تسمية ستة وزراء دولة دون تحديد مهامهم: وفاء الضيقة، ويوسف سلامة، وآلان طابوريان، ومحمود عبد الخالق، وكرم كرم، والبير منصور، وابراهيم الضاهر.
وبعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري دخل لأول مرّة نادي رؤساء الحكومات الرئيس نجيب ميقاتي وشكل حكومته الأولى من وزراء يغلب عليهم الطابع التكنوقراطي وهي أقل الحكومات عدداً (14 وزيراً) بعد الطائف واشرفت على انتخابات 2005.
وبعد اجراء انتخابات 2005 دخل لأول مرّة إلى نادي رؤساء الحكومات الرئيس فؤاد السنيورة فشكل حكومة من 24 وزيراً استمرت في الحكم من 19/7/2005 إلى 11/7/2008، تضمنت تعيين وزيرين للدولة حددت مهامهما: ميشال فرعون لشؤون مجلس النواب وجان اوغاسبيان للتنمية الإدارية وقد شهدت هذه الحكومة استقالة الوزراء الشيعة والوزير يعقوب الصرّاف.
اما في حكومة الرئيس السنيورة الثانية من 11/7/2008 إلى 9/11/2009 (وكانت ثلاثينية) فقد تمت تسمية 7 وزراء دولة، حددت مهام وزير واحد: إبراهيم شمس الدين للتنمية الإدارية، وستة وزراء دون ذكر الاختصاص وهم: علي قانصو، وخالد قباني، وجان اوغاسبيان، ووائل أبو فاعور ونسيب لحود ويوسف تقلا.
وبعد انتخابات 2009 دخل نادي رؤساء الحكومات للمرة الأولى سعد الدين رفيق الحريري واستمرت الحكومة من 9/11/2009 إلى 25/1/2012 وشهدت للمرةالاولى استقالة ثلث اعضائها+ واحد واعتبرت في حكم المستقيلة (مادة 69 من الدستور) وقد ضمّت ثمانية وزراء دولة حددت مهام اثنين منهم: ميشال فرعون لشؤون مجلس النواب ومحمّد فنيش للتنمية الإدارية اما الستة الباقون وهم: عدنان القصار، وجان اوغاسبيان، ووائل أبو فاعور، ومنى عفيش، وعدنان السيّد حسين، ويوسف سعادة فكانوا وزراء دولة لا غير.
ومع تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية من 25/1/2012 إلى 15/2/2014 وكانت ثلاثينية فقد ضمّت 7 وزراء دولة حددت مهام اثنين منهم: محمّد فنيش للتنمية الإدارية، ونقولا فتوش لشؤون مجلس النواب، اما الخمسة الباقون وهم: علي قانصو، وسليم كرم، وأحمد كرامي، وبانوس بانوسيان، وطلال أرسلان (استقال فور إعلان التشكيلة) وعيّن بدلاً منه مروان خير الدين، فكانوا وزراء دون ذكر اختصاصهم.
ومع دخول الرئيس تمام سلام نادي رؤساء الحكومات للمرة الأولى تشكّلت حكومته في 15/2/2014 واستمرت إلى 18/12/2016 وقد ضمّت 24 وزيراً تمت تسمية وزيري دولة حددت مهامهما: محمّد فنيش لشؤون مجلس النواب ونبيل دو فريج للتنمية الإدارية.
وفي بداية عهد الرئيس ميشال عون شكل الرئيس سعد الدين الحريري حكومته الثانية في 18/12/2016 واعتبرت بحكم المستقيلة بعد اجراء الانتخابات النيابية وبداية ولاية المجلس الجديد، ولا تزال تصرف الأعمال، مع وجود الرئيس الحريري رئيساً مكلفاً، وقد ضمّت حكومته 8 وزراء دولة حددت مهامهم جميعاً وهم: ميشال فرعون لشؤون التخطيط، علي قانصو لشؤون مجلس النواب، جان اوغاسبيان لشؤون المرأة، ايمن شقير لشؤون حقوق الإنسان، معين المرعبي لشؤون النازحين، بيار رفول لشؤون رئاسة الجمهورية، نقولا التويني لشؤون مكافحة الفساد، عناية عز الدين لشؤون التنمية الإدارية.
وأخيراً وليس آخراً، إذا صحت التوقعات وابصرت النور حكومة الرئيس سعد الدين الحريري الثالثة في الأيام أو الأسابيع القادمة؟ وهي تحمل الرقم 93 في تاريخ الحكومات اللبنانية منذ صدور الدستور اللبناني سنة 1926.
والمتداول ان عدد أعضائها لن يقلّ عن الثلاثين وزيراً كما صرّح رئيسها المكلف امام وسائل الإعلام وهذا يعني ان الحكومة ستتضمن كسابقتها ثمانية وزراء دولة مكلفين بمهمات محددة؟ يكون لبنان قد عرف منذ الاستقلال وحتى تشكيل حكومة الرئيس الحريري الثانية 74 حكومة منها 57 قبل الطائف و17 بعده، وتضمنت الحكومات الـ57 19 وزير دولة وما معدله وزير دولة لكل ثلاث حكومات، اما الحكومات الـ17 فقد تضمنت 92 وزير دولة وما معدله 5.4 وزيراً لكل حكومة!
وبانتظار الولادة الحكومية التي نتمنى ان لا تكون عسيرة يتبين ان تعيين وزراء دولة له علاقة مباشرة بالتوازنات السياسية والمذهبية والمناطقية والحزبية في داخل الحكومة باعتبار ان الحقائب الأساسية كانت توزع في اغلب الأحيان على مثل عددها من الوزراء ومن ثم يضاف وزراء دولة إلى الحكومة.
والسؤال الذي يطرح لمناسبة تشكيل الحكومة العتيدة: لماذا لا تكون مثل هذه التوازنات في توزيع الحقائب من دون وزراء دولة؟ ولماذا لا تكون القرارات الحكومية من دون تصديق أصحاب المعالي وزراء الدولة عليها؟

 كاتب وباحث

1- المرجع: كتابنا «تاريخ الحكومات اللبنانية - التأليف: الثقة، الاستقالة»