خلال التظاهرات التي اجتاحت الولايات الأميركية وبعض الدول الأوروبية بعد مقتل الأميركي من أصل افريقي جورج فلويد على يد رجل شرطة أبيض، ركع المتظاهرون بقدم واحدة تكريمًا لفلويد. وحتى المرشّح الديموقراطي المفترض للرئاسة الأميركية جو بادين استخدم هذه الحركة للتعبير عن تضامنه مع المتظاهرين. فما هي هذا الايماءة؟ وما هو المقصود منها؟
لاحظ العديد من المتتبّعين للاحتجاجات في الولايات المتحدة الأميركية ركوع المتظاهرين بقدم واحدة (إيماءة الرّكب) تكريمًا لفلويد، كما شوهدت هذه الايماءة في جميع أنحاء العالم في التظاهرات التي تنظمها الحركات الحقوقية للتنديد بـ"العنصرية". وحتى بايدن ركع أيضًا والتقطت له صورة وهو في وضعية انحناء تكريمًا للضحية وعائلته، وكذلك فعل بعض رجال الشرطة الأميركيين تعبيرًا عن التضامن مع المتظاهرين. كما احتفل لاعب كرة القدم الفرنسي ماركوس ثورام، الذي يلعب في بوروسيا مونشنغلادباخ الألماني، بهدفه يوم الأحد بهذه الحركة.
هذه الحركة هي "جزء من تاريخ الحقوق المدنية في الولايات المتحدة"، وفقًا للمؤرخ المُتخصّص في القضايا الجيوسياسية توماس سنيغاروف.
وأوضح سينغاروف، في حديث لصحيفة "
لوموند" الفرنسية، أن "هذه الحركة هي اتخاذ الحضور كشاهد أمام واقع عنصري معين، عرفت خلال ستينيات القرن الماضي"، مُضيفًا أن "إماءة الركب اليوم تستذكر معاناة السود، أمام بعض العنصريين".
وتعود هذه الايماءة الى آذار 1965 في الاباما، حين أداها رمز المُدافعين عن حقوق السود في الولايات المتحدة الأميركية مارتن لوثر كينغ، خلال إحدى مسيرات المطالبة بحقّ الانتخاب للأميركيين من أصول أفريقية، قبل أن يتمّ القبض عليه من قبل الشرطة.
وأوضح سينغاروف أن الحركة تلك "مُقتبسة من الصلاة"، موضحًا أنها "لفتة تُوحي برفض استخدام العنف".
وعلى عكس ما كان يصبو إليه مارتن لوثر كينغ، قام رياضيان أميركيان أسودان، هما تومي سميث وجون كارلوس، بارتداء قبضتي قفّاز باللون الأسود، وتثبيت نظراتهما إلى الأرض ورفعا يدًا واحدة إلى السماء، وهي الحركة التي عُرفت فيما بعد بـ"تحية الفهود السود"، وذلك على منصّة التتويج لسباق 200 متر رجال في العام 1968، في الألعاب الأولمبية في المكسيك، وهي حركة اعتُبرت "عدوانية" مقارنة بإيماءة الركب.
وحركة "الفهود السود" هي مجموعة ماركسية تُكافح من أجل حقوق الأميركيين من أصل أفريقي. ووصف سنيغاروف تلك الصورة بـ"اللفتة العدوانية".
وفي منتصف العام 2010، أعرب بعض الرياضيين عن قلقهم من تزايد عنف الشرطة ضدّ السكان الأميركيين من أصل أفريقي. وبعد الاحتجاج في البداية وهو جالس، قرّر لاعب كرة القدم الأميركي كولين كايبرنيك، في 26 آب 2016، وضع ركبته على الأرض، بينما كان النشيد الأميركي يُعزف على ملعب سان دييغو في كاليفورنيا. فيما كان زملاؤه يضعون أيديهم على قلوبهم، في إشارة إلى حبّهم لوطنهم، ما كلّفه سيلًا من الانتقادات من بعض وسائل الإعلام.
لكن الرئيس السابق باراك أوباما عبّر عن تأييده للاعب الذي حاول، بنظره، لفت انتباه الساسة إلى معاناة الأميركيين من أصول أفريقية في الولايات المتحدة الأميركية، في حين طالب الرئيس دونالد ترامب بطرد كل من يقوم بـ"الإساءة" إلى العلم الأميركي.
(اللواء، "لوموند")