أعلنت حركة «السترات الصفراء» أمس عن رفضها لتعهدات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في أول خطاب له عن أسوأ أزمة داخلية تتعرض لها فرنسا منذ 50 عامًا معتبرة أن خطابه عن الإصلاح الاقتصادي «غير مقنع»، ومؤكدة مواصلة احتجاجاتها في العاصمة باريس ومدن أخرى حتى تلبية مطالبها الـ40، التي تم إرسالها في وقت سابق أمس إلى وسائل الإعلام المحلية.
وفصّل الرئيس الفرنسي في خطابه الذي تابعه 23 مليون مشاهد مساء الاثنين، التدابير الاجتماعية الجديدة من زيادة شهرية تبلغ مئة يورو للموظفين الذين يتقاضون الحد الأدنى للأجور إلى إلغاء الضرائب المفروضة على الرواتب القليلة للمتقاعدين (أقل من ألفي يورو) وأمل في احتواء الأزمة التي تمرّ بها فرنسا.
وقال متحدث باسم «السترات الصفراء» في إقليم البيرينيه الشرقية (جنوب غرب) توماس ميراليس لوكالة فرانس برس «على الفور، قلت لنفسي إن ماكرون أصغى إلينا قليلاً» مضيفاً «لكن عندما ننظر إلى التفاصيل، في الواقع (لم يفعل ذلك) على الإطلاق».
وأوضح أن التدابير التي أعلن عنها ماكرون «لا تعني الجميع».
وتابع ميراليس الذي يعتزم التظاهر السبت المقبل في باريس «للمرة الأولى» تعبيراً عن استيائه، «هنا، نشعر بخيبة أمل كبيرة إزاء ما أعلنه الرئيس، التعبئة مستمرة».
وبعد الخطاب الرئاسي، عبّر كثيرون من «السترات الصفراء» عن استيائهم.
وقال تييري (55 عاما) ميكانيكي الدراجات وهو في طريقه «لإغلاق» الطريق المدفوع في بولو على الحدود الفرنسية الاسبانية، «كل هذا سينما».
واختلفت آراء الفرنسيين بشأن مواصلة التحرّك بعد إعلانات الرئيس.
وبحسب دراسة أجراها معهد «اودوكسا» لاستطلاعات الرأي، أعربت غالبية محدودة من الفرنسيين (54٪) عن رغبتها مساء الاثنين في استمرار تحركات «السترات الصفراء» مقابل 66٪ منذ ثلاثة أسابيع.
وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية بنجامين غريفو أمس إن مجمل الإجراءات التي أعلنها ماكرون يفترض أن تكلف فرنسا «بين ثمانية وعشرة مليارات يورو».
وأكد رئيس الجمعية الوطنية ريشار فيران العضو في الحزب الرئاسي أن العجز العام سيتخطى بذلك عتبة الـ3 بالمئة التي حددتها المفوضية الأوروبية «لكن بشكل مؤقت بالتأكيد».
وحّذر مفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي بيار موسكوفيسي لوكالة فرانس برس أن تأثير إعلانات الرئيس على العجز الفرنسي ستتابعه المفوضية الأوروبية «بانتباه».
من جهتها، رأت الكونفدرالية العامة للعمل (سي جي تي) أن ماكرون «لم يفهم شيئا من الغضب الذي يتم التعبير عنه».
وعبر لوران بيرجيه أحد قادة النقابة المعتدلة الكونفدرالية الفرنسية الديموقراطية للعمل (سي اف دي تي) «لدينا ردود على الأمد القصير، ليست لدينا ردود على المديين المتوسط والطويل».
وفي صفوف السياسيين، دعا رئيس اللجنة المالية في الجمعية الوطنية ايريك فورت (يمين) «السترات الصفراء» إلى «الانسحاب من المستديرات».
وصرّح رئيس كتلة نواب حزب اليمين كريستيان جاكوب «لم يسبق أن وُضعت أي حكومة موضع تساؤل بشكل مباشر إلى هذا الحدّ».
وأعلن نواب من اليسار امس إطلاق آلية في الجمعية الوطنية لإسقاط الحكومة.
من جهته، قدم جان لوك ميلانشون زعيم اليسار الراديكالي دعمه «لفصل خامس» من الاحتجاج، أي خامس سبت على التوالي يشهد تحركات على المستوى الوطني منذ انطلاق الحركة في 17 تشرين الثاني رغم أعمال العنف التي تخللت التظاهرات في الأسبوعين الأخيرين.
أما ماكرون فسيستقبل بعد ممثلين عن القطاع المصرفي ومساء 370 نائباً وسيناتوراً من الأكثرية للتحدث عن خطواته.
كما سيلتقي اليوم مسؤولي الشركات الكبيرة ليطلب منهم «المشاركة في الجهد الجماعي».
على خط مواز، يواصل طلاب المدارس الثانوية حركتهم الاحتجاجية بمطالب مختلفة لكنها ولدت في أوج حركة «السترات الصفراء».
وتشهد 170 مدرسة ثانوية من أصل أكثر من ألفين أمس اضطرابات في العمل مقابل 450 مدرسة في اليوم السابق.
وفي تطور أمني قتل شخصين وأصيب ١١ آخرون بحالة حرجة في إطلاق نار قرب سوق عيد الميلاد في مدينة ستراسبورغ بشرق فرنسا مساء أمس، وفقاً للشرطة التي أكّدت فرار مطلق النار.
وذكرت وزارة الداخلية الفرنسية في تغريدة أنّ هناك «حدثاً أمنياً خطيراً في ستراسبورغ. يطلب من السكان البقاء في منازلهم».
وقال مراسل فرانس برس إنّ البرلمان الاوروبي الذي يتّخذ من ستراسبورغ مقرّاً تم إغلاقه بعد تقارير عن إطلاق النار مع عدم تمكن أعضاء البرلمان الاوروبي والموظفين والصحافيين من مغادرة المبنى. والبرلمان في دورته العادية حاليا مع مئات من النواب الأوروبيين والمسؤولين الذين يقومون بالزيارة الشهرية إلى ستراسبورغ من بروكسل.
وأكّدت الشرطة أنّه تمّ التعرّف على المشتبه به.
(أ ف ب - رويترز)