انتهت اليوم معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى التي وقعها منذ ثلاثة عقود ونيف، الرئيس الأمريكي رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، بهدف الحد من الصواريخ التقليدية والنووية للقوتين العظميين، إلا ان نهاية المعاهدة حملت في طياتها تبادلا للاتهامات بين الاطراف الموقعة، بالمسؤولية عن انهيارها، ومع انتهاء مهلة اتفاق "غير قابل للتجديد" فُتحت على ما يبدو حقبة جديدة من سباق التسلح، تثير قلق العالم من جديد.
هل بدأ السباق؟
وسارع البنتاغون اليوم إلى إعلان أن الولايات المتحدة ستسرع عملية تطوير صواريخ أرض جو جديدة بعد الخروج من معاهدة الاسلحة النووية المتوسطة المدى مع روسيا.
وافاد بيان "الان وقد انسحبنا ستواصل وزارة الدفاع تطوير هذه الصواريخ أرض جو التقليدية في رد حذر على تحركات روسيا".
أعلن نائب المتحدث باسم البيت الأبيض، هوغان غيدلي، اليوم أن الولايات المتحدة لا تخشى سباق التسلح مع روسيا بعد الانسحاب من معاهدة التخلص من الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى.
وقال غيدلي في مقابلة مع قناة فوكس نيوز: "إنها كانت صفقة في زمن الحرب الباردة. وقد وجه وزير الخارجية مايك بومبيو الانتباه إلى أن المسؤولية تقع على عاتق روسيا. لقد كانت لديهم الفرصة للعمل على هذه الاتفاقية، والسماح لنا بالتفتيش، لكنهم لم يفعلوا ذلك".
وأشار غيدلي إلى أن: "حلف الناتو والشركاء والحلفاء موافقون على أن هذا قرار صائب".
وأجاب غيدلي بالنفي ردا على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة قلقة بشأن احتمال حدوث سباق تسلح.
وكانت واشنطن قد أعلنت أوائل العام الجاري، انسحابها رسمياً من معاهدة التخلص من الصواريخ المتوسطة القصيرة المدى الموقعة مع الاتحاد السوفياتي عام 1987، اعتباراً من يوم 2 شباط/فبراير الماضي، مستندة إلى انتهاكات مزعومة من قبل روسيا، موسكو، التي لديها أيضا شكوك حول التزام الولايات المتحدة بالمعاهدة، تعاملت بالمثل.
روسيا
وعلقت وزارة الخارجية الروسية، اليوم على خروج الولايات المتحدة من معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى، حيث وصفت الخروج بالخطأ الجسيم.
وتابعت الخارجية: قامت الولايات المتحدة في بادئ الأمر بإجراءات مستهدفة لإيقاف العمل بالمعاهدة، ومن خلقت ظروف لإنهائها بشكل كامل. مشيرة إلى أن واشنطن لم تفعل هذا للمرة الأولى، حيث أوقفت العمل، في عام أواخر التسعينيات، بمعاهدة الدفاع الصاروخي، رغم نداءات وتحذيرات المجتمع الدولي.
وأضافت الخارجية: واشنطن تجاهلت لسنوات طويلة المخاوف الروسية بشأن كيفية تنفيذها معاهدة التخلص من الصواريخ متوسطة وقصيرة المدى.
وتابعت أن هذا الأمر (خروج الولايات المتحدة الأمريكية من معاهدة الصواريخ)، يؤكد أنها تتجه نحو التخلص من جميع الاتفاقيات الدولية التي لا تتفق معها لسبب أو لآخر.
وأكدت الخارجية أن موسكو لا تزال منفتحة أمام الحوار البناء مع الولايات المتحدة لاستعادة الثقة وتعزيز الأمن الدولي. مشيرة إلى أن خروج الولايات المتحدة من المعاهدة يتطلب اتخاذ تدابير ملموسة لتحقيق الاستقرار في العلاقات بين روسيا وأمريكا.
كما دعت الخارجية الروسية الولايات المتحدة إلى عدم تطوير الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى.
الناتو
من جهته حمّل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، روسيا مسؤولية انتهاء معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة، ووعد برد "مسؤول" على قيام موسكو بنشر صاروخ عابر.
وقال الحلف في بيان: "روسيا تتحمل وحدها مسؤولية انتهاء المعاهدة"، مضيفاً: "سيرد حلف شمال الأطلسي بطريقة مسؤولة ومحسوبة على المخاطر الكبرى، التي يشكلها نشر روسيا صاروخ "9 إم. 729" على أمن الحلف".
وأضاف الحلف أن أعضاءه اتفقوا على سبل لردع روسيا عن إطلاق صواريخ جديدة متوسطة المدى قادرة على تنفيذ ضربة نووية في أوروبا، مضيفاً أن رده سيكون محسوباً ولن يشمل سوى الأسلحة التقليدية.
الاتحاد الاوروبي
وناشد الاتحاد الأوروبي، كافة الأطراف الدولية بعدم الانخراط مجدداً في سباق تسلح، وذلك بعد انهيار معاهدة القوى النووية متوسطة المدى.
وعلى غرار حلف شمال الأطلسي "الناتو"، حمل الاتحاد الأوروبي روسيا مسؤولية ما حصل بسبب ما وصفه بانتهاك موسكو المستمر لنصوص المعاهدة، وقال "كنا قد دعونا موسكو إلى الاهتمام بالمخاوف الدولية والحفاظ على المعاهدة"، وذلك في بيان لمتحدثه كارلوس مارتن دي جورديجيويلا، وفقا لوكالة أنباء "آكي" الإيطالية.
وأكد المتحدث التزام الاتحاد بالعمل على ضبط سباق التسلح، مطالباً الأطراف الدولية بتحرك سريع من أجل المحافظة على الهياكل المتبقية والقادرة على ضبط ومراقبة السلاح النووي في العالم.
ويشدد الأوروبيون على ضرورة إجراء حوارات معمقة وموسعة لمعاينة الوضع ما بعد 2021، أي بعد نهاية الفعلية لمعاهدة "نيوستارت".
النمسا
بدورها اعرب وزير الخارجية النمساوية ألكسندر شالينبرغ، عن قلقه "بعدما صادقت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا على إنهاء معاهدة نزع السلاح النووي الموقّعة في نهاية الحرب الباردة، يجب ألّا تصبح أوروبا مسرحًا لسباق تسلّح جديد".
ولفت إلى أنّ "نهاية المعاهدة تمثّل تهديدًا لأمن أوروبا"، داعيًا إلى "إعلان طوعي من كلا الجانبين بشأن عدم نشر الصواريخ متوسطة المدى في أوروبا".
وأكّد أنّ "فرض حظر دولي هو شرط لتحقيق عالم خالٍ من الأسلحة النووية".