بعدما شهدت السنة الماضية
أحداثًا تصعيديّة عدّة على خطّ واشنطن_طهران، لم تتعدّ أقساها المناوشات والحرب
الكلاميّة، التي لا تخلو من التهديد والوعيد الذي تتّسم به الخطابات بين الطرفين،
يبدو أنّ التصعيد الحقيقيّ، بل الأخطر ربّما إلى حدّ الآن، والذي يشكّل خلطًا لأوراق
المنطقة، تمثّل باغتيال الولايات المتحدة الأميركيّة، لقائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ
الإيرانيّ، قاسم سليماني، الذي يعدّ من أهمّ الشخصيات العسكريّة الإيرانيّة، والعقل
المدبّر لعملياتها الخارجيّة، مما يُطلق جرس إنذار في المنطقة، لأحداث خطيرة يمكن أن
تندلع في أيّ لحظة، في ظلّ توعّد إيران بردّ قاس وسريع.
في تفاصيل العمليّة
الأميركيّة، التي نفّذت عند ساعات الفجر الأولى، فقد نفذّت الولايات المتّحدة
ضربات جويّة قرب منطقة الشحن في طريق مطار بغداد، بعد لحظات من خروج قاسم سليماني
من الطائرة، ممّا أدّى إلى مقتله.
كذلك أدّت الغارات
الأميركيّة إلى مقتل ذراع سليماني في العراق، نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي
المهندس، ومسؤول الآليات حيدر علي، فيما أعلن "الحشد الشعبي" مقتل مدير العلاقات
العامة فيه محمد الجابري خلال القصف، واتّهم الناطق باسم الحشد أحمد الأسدي "العدو
الأميركيّ والإسرائيليّ" بالمسؤوليّة عن قتل المهندس وسليماني.
الغارات الأميركيّة خلّفت أيضًا
عدداً من الجثث المتفحمة، التي لم يتم التعرف عليها حتى الآن، بينما تواردت أنباء شبه
مؤكدة، عن مقتل محمد الكوثراني، القيادي في حزب الله اللبناني، ومسؤول ملف العراق في
الحزب إثر الاستهداف.
وبعد بضع ساعات من الهجوم، غرّد
الرئيس الأميركيّ دونالد ترمب عبر تويتر، مكتفيًا بنشر صورة لعلم بلاده، قبل أن تعلن
وزارة الدفاع الأميركيّة في بيان أنّها نفذت الهجوم.
فقد أوضحت وزارة الدفاع الأميركية،
البنتاغون، أنّ العملية التي استهدفت مطار بغداد الدولي، وقتلت قادة إيرانيين بينهم
قاسم سليماني، قائد فيلق القدس، وأبو مهدي المهندس نائب رئيس ميليشيا الحشد الشعبي،
هدفها كان ردع أيّ خطط إيرانية في المستقبل لشنّ هجمات ضد أميركا.
الوزارة أضافت أن الرئيس الأميركيّ
دونالد ترامب أمر بقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، بعد أن تأكد أنّ الأخير صادق
على قرار الهجوم على السفارة الأميركيّة في بغداد، معتبرة أنّ سليماني وفيلق القدس
كانا وراء مقتل المئات من الأميركيين وقوات التحالف.
كذلك لفت البنتاغون إلى أنّ
سليماني كان يخطط لهجوم على دبلوماسيين أميركيين في سفارة واشنطن في بغداد، وهو مسؤول
عن عمليات إرهابية عديدة.
إجراء دفاعي حاسم
البنتاغون أشار أيضًا إلى أنّ
الجيش الأميركيّ اتخذ إجراءات دفاعيّة حاسمة لحماية الأفراد الأميركيين في الخارج من
خلال قتل قاسم سليماني، قائد قوة الحرس الثوري الإيراني، خاتما أنّ الولايات المتحدة
ستواصل اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية شعبها ومصالحها، أينما كانوا في جميع أنحاء
العالم.
في المقابل، هدّد المرشد الأعلى
الإيرانيّ، علي خامنئي، بـ"ردّ قاس" على العملية الأميركيّة التي استهدفت
وقتلت قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وأبو مهدي المهندس، نائب رئيس الحشد الشعبي في
العراق.
جاء ذلك في بيان لخامنئي نقلته
وكالة الأنباء الإيرانيّة الرسميّة، إذ قال خامنئي "إنّ انتقاما قاسيًا سيكون
في انتظار المجرمين".
فيما توعّد الحرس الثوري الإيرانيّ
بدوره، بانتقام عنيف ضدّ الولايات المتحدة، ردا على مقتل سليماني.
إذًا، يأتي اغتيال قاسم
سليماني، في ظلّ لحظات حرجة تعيشها المنطقة، ليعود ويخلط الأوراق المبعثرة أساسًا
بين مدّ وجذر أميركيّ إيرانيّ، بانتظار الردّ الإيرانيّ الذي لا بدّ سيأتي، ولكن
يبقى السؤال كيف ومتى وعلى أيّ مستوى سيأتي هذا الردّ؟
إعداد: "اللواء"