بيروت - لبنان

اخر الأخبار

أخبار دولية

27 شباط 2019 07:16ص ظريف مهندس "الاتفاق النووي".. عدو المتشددين الذي أفل نجمه

وزير خارجية إيران بين الاستقالة والابتسامة

حجم الخط
معالم الخلافات "المستترة" على ملفات خارجية عدة، بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، ومتشددي نظام بلاده، باتت اكثر وضوحا، بعدما صدم "الوزير" ساسة ايران والعالم باستقالته من منصبه التي اعلنها يوم امس.. فمن هو ابرز مهندسي الاتفاق النووي الايراني الذي قضى فترة طويلة من حياته في الولايات المتحدة، الأمر الذي جعله دوماً محطّ شكوك متشدّدي بلاده من التيّار المحافظ؟

دبلوماسي المحنك
ويعتبر ظريف "الدبلوماسي المحنك"، أبرز مهندسي الاتفاق النووي الذي وقعته إيران عام 2015 مع القوى العالمية الكبرى.

ورغم ان الرئيس حسن روحاني، المعتدل الذي عبّر لظريف باستمرار عن ثقته به منذ استلامه وزارة الخارجية في آب/أغسطس 2013، إلا أن ظريف أقدم على خطوته معلنا استقالته عبر تطبيق انستغرام للتواصل الاجتماعي مساء الاثنين بعد خلاف آخر مع خصومه السياسيين، بدون أن يشرح السبب، في حين رفضت الرئاسة الايرانية استقالة ظريف.

طهران ومجموعة الست
وقاد ظريف البالغ من العمر 59 عاماً المراحل النهائية من المفاوضات بين طهران ومجموعة القوى الست (ألمانيا، الصين، الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا) منذ أيلول/سبتمبر 2013.

وفتح برنامج العمل المشترك الذي جرى التوصل إليه في فيينا في 14 تموز/يوليو 2015، الطريق أمام رفع جزئي للعقوبات الاقتصادية الدولية ضد طهران مقابل التزام إيران بإجراءات لضمان الطبيعة السلمية لبرنامجها النووي.

عدو المحافظين
ووجد ظريف، المكروه من قبل المحافظين المتشددين الذين لم يوافقوا أبداً على الاتفاق ولا على انفتاح روحاني على الغرب، نفسه تحت سيل من انتقادات خصومه، التي ازدادت منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب بشكل أحادي من الاتفاق في أيار/مايو 2018.

وخلال المفاوضات، التقى ظريف عدة مرات نظيره الأميركي في ذلك الحين جون كيري، وبنى مع ممثل "الشيطان الأكبر" الأميركي علاقة شخصية وودية.

وظريف الحائز على دكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة دنفر (غرب الولايات المتحدة) مطلع على الثقافة الأميركية جيداً.

ويقول هومان مجد، الصحافي والكاتب الإيراني-الأميركي الذي تابع المفاوضات النووية وله كتب عديدة عن إيران، إن ظريف "هو ربما أكثر الدبلوماسيين والمفاوضين موهبةً في الجمهورية" الإسلامية.

سعادة السفير
ظريف الذي تربى في عائلة متدينة في طهران، كتب في مذكراته تحت عنوان "سعادة السفير" أنه لم يستمع إلى "أغان حتى بلغ سن ال15".

والتزامه بالثورة يعود إلى حقبة المراهقة. ففي سن ال16 أرسله أهله إلى سان فرانسيسكو بعدما كاد يتعرض للتوقيف من قبل شرطة الشاه. وفي الولايات المتحدة، استكمل دراسته الثانوية وأصبح عضواً في الجمعية الإسلامية الطلابية.

والتقى هناك شقيق أكبر هاشمي رفسنجاني الذي كان رئيسا بين عامي 1989 و1997 وآخرين أصبحوا في ما بعد مسؤولين في الجمهورية الاسلامية.

الزوجة المتشددة
ويخبر ظريف في مذكراته أنه في ثمانينات القرن الماضي في الولايات المتحدة حرمته زوجته "الثورية المتشددة" من مشاهدة التلفزيون "طوال 10 سنوات" لتفادي التأثيرات السيئة.

لكنها لاحقاً أصبحت من أتباع محمد اسماعيل دولابي وهو متصوف شيعي، حولتها تعاليمه إلى "شخص هادئ مع الكثير من الصبر والتسامح". ويتابع ظريف الذي له ولدان بأن ذلك "كان له تأثير كبير على عائلتنا".

رجل الابتسامات
ويهتم ظريف، الرجل الاجتماعي الحريص على مظهره، كثيرا بأناقته حيث يرتدي دائماً سترات غامقة اللون مع قمصان فاتحة بياقة مرتفعة.

وهو معروف برجل الابتسامات العريضة الجاهزة، حيث اشتهر ابتسامات حارة تلفت الانتباه حتى عند لقائه الخصوم.

وكتب ظريف في مذكراته التي نشرت عام 2013 عليك أن تبتسم دوما في الدبلوماسية. لكن لا تنس أبدا أنك تتحدث مع عدو".

العلاقات الاميركية والأممية
وكلف ظريف في عام 1980 بإغلاق قنصلية بلاده في سان فرانسيسكو، بعيد قطع العلاقات الدبلوماسية بين ايران والولايات المتحدة على أثر أخذ دبلوماسيين أميركيين في السفارة الأميركية في طهران كرهائن، وبدأ بعد ذلك بدراسة العلاقات الدولية.

وبموازاة ذلك، انخرط في صفوف الوفد الايراني الى الامم المتحدة حيث اصبح سفيرا (1989-1992 ثم 2002-2007). وفي الاثناء عين نائبا لوزير الخارجية لمدة عشر سنوات.

عهد نجاد
وبعدما أقاله الرئيس المحافظ محمود احمدي نجاد في 2007 انضم إلى مركز الأبحاث الاستراتيجية الذي كان يديره حسن روحاني. وعينه الأخير وزيراً للخارجية بعد انتخابه رئيساً في عام 2013.

ويعرف الرجلان بعضهما حقّ معرفة، فقد كانا سوياً عام 1988 من ضمن الوفد المشارك في مفاوضات وقف إطلاق النار مع العراق، وفي المفاوضات للافراج عن رهائن أميركيين في لبنان في 1991.

تعليق تخصيب اليورانيوم
وفي 2003 كان مع روحاني كبير المفاوضين النوويين عندما وافق الاخير على تعليق تخصيب اليورانيوم وتعزيز المراقبة الدولية للمواقع النووية الايرانية، وهو ما رفضه أحمدي نجاد في 2005.

يذكر لظريف بانه استخدم جاذبيته ومعرفته بالغرب للمساعدة في إبرام الاتفاق النووي عام 2015 مع القوى العالمية، الذي انهار لاحقا، وتمتع بدبلوماسيته الهادئة وبات وجها معتدلا جديدا لسياسة خارجية جديدة وعد بها روحانى أمام وزراء الخارجية المتشددين الذين سبقوه، علاقاته الدبلوماسية مع العديد من الأطراف الغربية، هى سمة مكنته من تخفيف التوترات مع الولايات المتحدة والدول الغربية.

المصدر: "اللواء"