لا يمكن وصف الوضع الصحي في أوروبا بغير أنه مأسوي مع تخطي عدد الوفيات الأربعة آلاف امس في إسبانيا في حين تواجه مستشفيات لندن تدفق المرضى بأعداد هائلة، وذلك برغم إشارة منظمة الصحة العالمية إلى «علامات مشجعة» على تباطؤ انتشار كورونا في القارة.
وفي مواجهة أزمة عالمية غير مسبوقة، أكّد قادة مجموعة دول العشرين في ختام قمة طارئة عبر الفيديو التزامهم بمواجهة تداعيات وباء كورونا المستجد بجبهة موحدة، متعهدين ضخ 5 تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي.
وعلى الرغم من إجراءات الحد من التنقل، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش من أن الوباء الذي بات يجبر أكثر من ثلاثة مليارات شخص حول العالم على ملازمة بيوتهم، «يهدد البشرية جمعاء».
وتم تسجيل أكثر من نصف مليون حالة معلن عنها بالفيروس في جميع أنحاء العالمي.
وتتحمل اوروبا العبء الأعلى في هذه المرحلة حيث سجّلت أكثر من ثلثي الوفيات، وشخّص فيها أكثر من 250 ألف حالة إصابة، أكثر من نصفها في إيطاليا وإسبانيا. وفي كوبنهاغن، قال مدير الفرع الأوروبي في منظمة الصحة العالمية هانس كلوغ امس «على الرغم من أن الوضع لا يزال مقلقا للغاية، إلا أننا بدأنا نرى علامات مشجعة» على تباطؤ تفشي الفيروس في أوروبا.
وقال إن الزيادة في عدد الحالات في إيطاليا، الأكثر تضررا في العالم مع أكثر من 8 آلاف وفاة، يبدو أنها تتباطأ «ولكن من السابق لأوانه القول إنّ الوباء بلغ ذروته في هذا البلد».
وتجاوزت إسبانيا التي أصبحت ثاني أكثر البلدان تضررا في العالم من حيث عدد الوفيات، عتبة 4000 حالة وفاة امس. وتحدّث عناصر في الأجهزة الطبية الاسبانية عن نقص في الأسرة والمعدات وعن اختيار من يجب انقاذه، مشيرين إلى حزن عميق لدى الممرضين وخوف ووحدة شديدين لدى المرضى وعائلاتهم.
وفي السياق، أعلن نادي ريال مدريد الإسباني لكرة القدم تخصيص ملعبه الشهير «سانتياغو برنابيو» لتخزين المعدات الطبية المخصصة لمكافحة الفيروس.
وأعلنت فرنسا الخميس وفاة 365 شخصا بينهم فتاة تبلغ 16 عاما جراء فيروس كورونا المستجد في الساعات الـ24 الأخيرة، وهي أعلى حصيلة يتم تسجيلها في فرنسا حتى الآن. وقال المدير العام للصحة جيروم سالومون للصحافيين أن الفيروس تسبب بوفاة 1،696 مصابا كانوا يتلقون العلاج في المستشفيات الفرنسية، مؤكدا ان الحصيلة لا تشمل هؤلاء الذين توفوا في المنازل او دور العجزة. وفي لندن، تواجه المستشفيات العامة في العاصمة تدفقاً متواصلاً وصفه مسؤول صحي بأنه «تسونامي» لمصابين بأمراض خطيرة مع إصابة نسبة «لم نعرفها من قبل» من الأطقم الصحية كذلك.
ومساء، أعلنت بريطانيا تسجيل 100 وفاة في يوم واحد للمرة الأولى، لترتفع الحصيلة إلى 578 وفاة. وفي برغامو في إيطاليا، بدا المشهد مروعاً حين كانت الشاحنات العسكرية تمر حاملة نعوش الضحايا نحو مدن أخرى بسبب عجز مدافنها ومرامدها عن تحمل المزيد. ونتيجة لتدابير الاحتواء غير المسبوقة التي فرضت العزل المنزلي على أكثر من ثلث البشرية، بات العالم في حالة جمود والاقتصاد ينهار.
وأظهرت دراسة جديدة أن «كوفيد-19» يمكن أن يخلف أكثر من 80 ألف وفاة في الولايات المتحدة، ويستنفد طاقة مستشفياتها في مطلع نيسان حتى وإن تم الالتزام بإجراءات عدم الاختلاط الاجتماعي.
وارتفع امس عدد الوفيات في الولايات المتحدة جراء الوباء بالفعل إلى أكثر من 1000، مع 68 ألف إصابة مؤكدة.
وازدادت طلبات الاعانة جراء البطالة في الولايات المتحدة بنحو ألف بالمئة ووصلت إلى مستويات قياسية.
وبعد قمة استثنائية عبر دائرة تلفزيونية تعهد الزعماء بتنفيذ وتمويل جميع الإجراءات الصحية اللازمة لحماية الأرواح مع التخفيف قدر الإمكان من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية وكذلك تجنب التدخل غير الضروري في التجارة الدولية.
كما عبر الزعماء عن القلق من المخاطر على الدول الهشة، لا سيما في أفريقيا، وعلى فئات من السكان ومنهم اللاجئون وأقروا بضرورة تعزيز شبكات الضمان المالي العالمية والأنظمة الصحية الوطنية.
وقال الزعماء في بيان مشترك عقب الاجتماع عبر الدائرة التلفزيونية، والذي استمر 90 دقيقة «ملتزمون بشدة بتشكيل جبهة متحدة لمواجهة هذا الخطر المشترك».
وتصدى الزعماء للمخاوف المتنامية من إجراءات الحماية التجارية المحتملة وأصروا على ضرورة بقاء السوق مفتوحة.
وقال في البيان «ستكون إجراءات الطوارئ الهادفة إلى حماية الصحة، موجهة ومتناسبة وشفافة ومؤقتة. كما نكلف وزراء التجارة بتقييم أثر الجائحة على التجارة».
وكان الملك سلمان قد قال في كلمته في افتتاح القمة إنه ينبغي لمجموعة العشرين استئناف التدفق الطبيعي للسلع والخدمات بما في ذلك الامدادات الطبية في أسرع وقت ممكن للمساعدة في استعادة الثقة في الاقتصاد العالمي.
وتعهد زعماء المجموعة بدعم مالي واسع النطاق وقالوا «إننا نقوم بضخ أكثر من 5 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي، وذلك كجزء من السياسات المالية والتدابير الاقتصادية وخطط الضمان المستهدفة لمواجهة الآثار الاجتماعية والاقتصادية والمالية للجائحة».
والقي تيدروس أدهانوم غجيبريسوس مدير عام منظمة الصحة العالمية كلمة للزعماء سيطلب فيها زيادة التمويل ودعم إنتاج أدوات الوقاية الشخصية للعاملين في المجال الطبي.
وفي افريقيا غير المؤهلة للتعامل مع أزمة صحية كبرى، تتصاعد المخاوف من انتشار الفيروس بعد ظهور أول الإصابات في مالي وليبيا.
وتسابق المنظمات الصحية وغير الحكومية الوقت للحد من سرعة انتشار الوباء في الدول الفقيرة وتفادي كارثة بشرية في هذه البلدان التي تفتقر لقطاعات صحية فعالة. بالمقابل، يبدو أن انتشار الفيروس يتراجع في الصين مع إعادة فتح مقاطعة هوباي أبوابها بعد شهرين من الحجر.
وكانت الحكومة الصينية أعلنت الثلاثاء أن القيود على التنقلات سترفع ببعض الشروط اعتبارا من منتصف الليل لكامل مقاطعة هوباي باستثناء كبرى مدنها ووهان حيث ظهر الفيروس في نهاية 2019 قبل أن ينتشر في جميع أنحاء العالم.
ولن يرفع الحجر المفروض على 11 مليون نسمة قبل الثامن من نيسان .
كما أعلنت السلطات الصينية امس أنها ستخفض بشكل كبير الرحلات الدولية وتحظر على الأجانب الدخول إلى البلاد، في «إجراء موقت».
وتستعد الدولة للتعامل مع مرحلة صعبة قد تطول، في وقت أعلنت رئاسة الأركان سحب جنودها من العراق حيث يشاركون في عمليات تدريب. وأعلنت بلدية موسكو تدابير اضافية بينها اغلاق كل المطاعم والمتاجر غير الاساسية اعتبارا من السبت.
(أ ف ب - رويترز)