بيروت - لبنان

اخر الأخبار

أخبار دولية

11 تشرين الأول 2019 01:08م "نبع السلام".. أردوغان وضع ترامب في "زاوية صعبة".. وبوتين أمام "موازنة دقيقة"

حجم الخط

لا تزال العمليّة العسكريّة التركيّة في شمال سوريا، محطّ اهتمام الساحة العالميّة، سياسيًا وإعلاميًا، لا سيما، في ظلّ ما يحكى عن اتفاق تحت الطاولة تمّ قبيل إطلاق عمليّات "نبع السلام"، وما سبقها من انسحاب للقوات الأميركيّة من المنطقة المستهدفة.

فبين روسيا "المتفهمة" للمخاوف الأمنيّة التركيّة التي دفعت أنقرة إلى إطلاق عمليّتها العسكريّة، وأميركا التي أكّدت أن تركيا لم تتجاوز "الخطّ الأحمر" بعد، برز مساء أمس الخميس، الاعتراض الأميركيّ_الروسيّ على مشروع قرار أوروبيّ، حاول إدانة العمليّة التركيّة، والدعوة إلى وقفها فورًا، ما أدّى إلى فشل إقرار المشروع في مجلس الأمن الدوليّ.

وفي ظلّ هذه الأجواء، التي طرحت لدى المحللين تساؤلات عدّة، حول "صفقة" متّفق عليها بين الأطراف كافة حول عمليّة تركيا العسكريّة، كشف مسؤول أميركيّ رفيع، عن النقاشات الدائرة داخل الإدارة الأميركيّة لمعالجة تداعيات العمليّة التركيّة، حيث أبلغ وزير الخارجية مايك بومبيو الرئيس الأميركي، بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد وضعه في زاوية ليس من السهل الخروج منها، عندما منح أردوغان الضوء الأخضر لـ"غزو" مناطق الأكراد، حلفاء أميركا في الحرب ضد الإرهاب، وتحديداً ضد "داعش"، وذلك وفقاً لما أوردته صحيفة "واشنطن بوست".

وتضيف الصحيفة أن الرئيس ترامب يتعرض إلى ضغوط متزايدة من داخل إدارته وخارجها، لاتخاذ إجراءات للردّ على الهجوم التركي المتصاعد، والتي تفيد بخسائر كبيرة في شمال سوريا، وسط خلافات واضحة في الرأي بين أركان الإدارة، حول ما ينبغي القيام به.

هذه الضغوط دفعت ترامب إلى إطلاق تهديدات ضد تركيا، حيث قال في تصريحاته للصحافيين وهو يغادر لحضور تجمع انتخابي في مينيابوليس، هناك 3 خيارات، وهي إرسال الآلاف من القوات، أو ضرب تركيا بشدّة من الناحية المالية، أو التوسط في صفقة بين تركيا والأكراد"، ويبدو أن ترامب يلجأ حاليًا إلى الخيار الأخير، حسبما كشف مسؤول في الخارجيّة الأميركيّة، بأنّ الرئيس كلّفهم البحث عن إمكانيّة التوسط بين الطرفين.

وفيما أحد كبار المسؤولين في الإدارة، إن الوساطة "هي الطريقة التي يفضل الرئيس القيام بها"، يرى آخر أن معاقبة تركيا هي الخيار الرئيسي الذي يجب أن يعتمده ترامب، وفق الصحيفة.

وبشكل منفصل، وصف أحد كبار مستشاري ترامب الرئيس، بأنه متردد في اتخاذ قرار ضد تركيا.

ورغم تكرار الإدارة الأميركيّة نفيها أن يكون ترامب أعطى "الضوء الأخضر" لأردوغان، إلّا أنّ فشل ترامب في التدخل، جلب له سيلاً من الانتقادات الحزبيّة والدوليّة، واتهامات بأن الولايات المتحدة تخلّت عن شركائها في مكافحة الإرهاب.

هذا في الجانب الأميركي، فماذا عن روسيا؟

يقول أشخاص مقربون من الكرملين، إن "التوغل" التركي في سوريا، يمثل فرصة لروسيا لتعزيز نفوذها في المنطقة، حيث تتراجع واشنطن فيما يبدو، لكنّ المخاطر على الدبلوماسيّة الروسيّة ستزداد، كلما طالت العمليّة.

وفي اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل العمليّة ضد المقاتلين الأكراد المتحالفين مع واشنطن، أوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنه يأمل في أن يكون "التوغل" محدودا في زمانه ونطاقه، حسبما ذكرت المصادر.

وقال آندريه كليموف، وهو نائب بارز مؤيّد لبوتين في مجلس الاتحاد في البرلمان الروسيّ، "كلما انتهت حالة الصراع هذه بسرعة كان أفضل للجميع"، وأضاف "أتمنى حقا أن يبذل شركاؤنا الأتراك كلّ ما في وسعهم لتجنب أي صراع، ولو بالمصادفة على الأرض، مع قوات الحكومة السورية أو مع الجنود الروس".

وبالنسبة لروسيا، فهذه موازنة دقيقة. فقد تعهدت باستخدام قوتها الجويّة لمساعدة الأسد على استعادة كلّ الأراضي التي فقدها في الحرب المستمرة، منذ ما يقارب ثماني سنوات، وشددت مرارا على أهميّة وحدة أراضي البلاد.

لكنّها تعمل أيضا مع تركيا وإيران، للضغط من أجل التوصل إلى تسوية سلميّة، تأمل في أن تفضي إلى إعادة صياغة الدستور السوري في نهاية المطاف، وتُظهر أن بوسع موسكو أن تساعد في تحقيق السلام كما تقدم العون في الحرب.

أما المنتقدون، فيقولون إنّ جهود موسكو جهود صوريّة، تهدف إلى التوصل لتسوية سياسيّة وهميّة لإعادة إضفاء الشرعية على الأسد، وجذب الأموال من الاتحاد الأوروبي والخليج، لإعادة بناء سوريا.

والنجاح في هذه الجهود، سيتوج التدخل الروسيّ في سوريا منذ عام 2015، والذي منح موسكو نفوذا جديدا في الشرق الأوسط. كما تحرص روسيا على توسيع هذا النفوذ لا سيما في وقت تنأى فيه واشنطن بنفسها عن المنطقة، فيما يبدو.

ومن شأن استمرار العملية التركيّة لفترة طويلة، أو خروجها عن السيطرة، أن يعرقل جهود الكرملين الدبلوماسيّة.

* وسيط

إلى ذلك، قال ماثيو بوليج، الباحث في مؤسسة تشاتام هاوس في لندن، إنّ روسيا على الأرجح، هي اللاعب الوحيد في الغرفة بين الراشدين، الذي يمكنه أن يتحدث مع الجميع في ذات الوقت. سواء كانت إسرائيل وإيران، أو القوات الكردية وتركيا، أو الأسد وأيّ طرف آخر"، وبالنسبة لبوتين سيشكل ذلك نصرا كبيرا على الساحة الجيوسياسيّة.

فيما أشار آندريه كورتونوف، رئيس المجلس الروسي للشؤون الدولية، وهو مركز أبحاث تربطه صلات وثيقة بوزارة الخارجية الروسية، إلى أنّه إذا تمكّن بوتين من ترتيب ذلك، فسيُعتبر الأمر نصرا سياسيا كبيرا.

بدوره، أوضح فلاديمير فرولوف، وهو دبلوماسي روسي كبير سابق، إنه إذا اقتصرت العملية التركية على منطقة أمنيّة عمقها 30 ميلا داخل سوريا، وكانت سريعة، فمن المرجح أن تغضّ موسكو الطرف عنها، مشيرا إلى أن نشر روسيا لأنظمة دفاع جوي متطورة في سوريا ووجود قاعدة جوية لها هناك، يمكّنها عمليا من وقف أيّ تقدم تركيّ، إذا أرادت.

لكن فرولوف قال "إذا أراد أردوغان التوغل أكثر في سوريا وتقسيمها... فستحاول موسكو منع ذلك من خلال نشر مواقع مراقبة روسيّة في مناطق متقدمة وبغطاء جوي روسي"، وأضاف، "روسيا تسيطر على سماوات سوريا... وتركيا تحلق بطائراتها الآن برضا موسكو".

إعداد "اللواء"، المصدر: رويترز + العربيّة