بيروت - لبنان

اخر الأخبار

بوابة العالم

15 كانون الأول 2017 11:24ص الأمانة والصراحة في سنة 2018

حجم الخط

لندن- لقد كانت هذه سنه جيده لمحاولات الكشف عن خفايا الأمور فلقد كانت فترة الاثني عشر شهرا الماضيه مليئه بالتسريبات والادعاءات كما تكشفت أمور أخرى لا تتعلق فقط بسوء السلوك من قبل افراد وقادة في قطاع الاعمال وسياسيين بل ايضا بخطط استباقيه لمنع الكشف عن سوء السلوك هذا وتسليط الضوء عليه.

لقد كانت هناك اخبار في الشهر الماضي عن قيام احد قراصنة الانترنت ويبلغ من العمر 20 عاما باختراق نظام أوبر سنة 2016 حيث تمكن من الوصول لمعلومات تتعلق بحوالي 57 مليون انسان بما في ذلك 600،000 من سائقي الشركه في الولايات المتحده الأمريكيه وبدلا من الاعتراف بهذا الخطأ الامني قامت اوبر بهدوء بدفع مبلغ مائة الف دولار للمجرم من اجل تدمير البيانات على أمل ان الضحايا-ومستثمري الشركه والذين قد يكونون الأهم بالنسبه لاوبر-لن يكتشفوا ما حصل.

إن خرق بيانات اكويفاس - حيث قام قراصنة الانترنت بالحصول على معلومات شخصية حساسه تشمل تواريخ الميلاد وارقام الضمان الاجتماعي لحوالي 143 مليون زبون امريكي- لم يتم التستر عليها بنفس الدرجه ولكن انقضت فترة ستة اسابيع بين اكتشاف الخرق والكشف عنه للعامه وخلال تلك الفتره قام ثلاثه من المدراء التنفيذيين بالشركه ببيع جزء صغير من اسهمها على الرغم من اصرارهم على انه لم تكن لهم درايه بذلك الخرق في تلك الفتره.

إن اي خرق أمني هو محبط ويثير غضب الزبائن والمستثمرين ولكن الإنكار المتعمد لمثل هذا الخرق يدمر الثقه ولو قامت شركه ما بالكشف عن الخرق فإنه على أقل تقدير سيعرف الزبائن انه سيتم افادتهم بما يحصل لبياناتهم ( ويمكنهم التنبه لاي نشاط احتيالي يتعلق بحساباتهم ) كما سيتمكن المستثمرون من تقييم المخاطر التجاريه بشكل دقيق.

لو ظهرت الحقيقة بعد ذلك بفتره طويله –كما هو الحال في قضية اوبر على وجه الخصوص-فإن قصة تتعلق بمشكله فنيه تصبح بسرعه قصة عن النزاهه التجاريه للشركات حيث تتعزز مخاوف الزبائن المتعلقة باعطاء معلومات شخصية للشركات-صعب تجنب ذلك في عالمنا المعاصر- ويصبح النشاط التجاري هدفا للمزيد من التشكيك.

لكن الشركات لم تقم بمحاولة التستر على الاخطاء فحسب بل قامت كذلك باخفاء جرائم كبيره ارتكبتها شخصيات مهمه حيث يمكن ان نجد ذلك بوضوح في النماذج طويلة المدى للتحرش الجنسي والتستر عليه والذي تم الكشف عنه في الاشهر الاخيره.

أما في شبكة فوكس نيوز فلقد كانت الشخصيات القياديه –من المعلق بيل اورايلي الى رئيس الشركه روجر ايليز- يتمتعون بالحمايه منذ فترة طويله من قبل الشركه الأم للشبكه وهي 21 سنتشري فوكس وذلك في مواجهة ادعاءات التحرش الجنسي علما ان شركة 21 سنتشري فوكس لم تخفي تسويه بقيمة 32 مليون دولار امريكي في يناير بين اورايلي وضيف دائم في برنامجه (على الاقل خامس تسويه من هذا النوع فيما يتعلق بسلوك اورايلي) فحسب بل ان الشركه عرضت على نجمها عقد جديد مربح للغايه بعد ذلك بفتره قصيره.

لقد تم في نهاية المطاف اجبار اورايلي على ترك الشبكه ولكن فقط بعد ان تكشفت الحقيقة عن الادعاءات والتسويات لعامة الناس ولقد قامت الشركة باتباع نفس النهج فيما يتعلق بايليز خلال فترة عمله التي امتدت لعشرين عاما.

إن هناك جهه مماثلة قدمت الحماية لرجل هوليوود البارز هارفي واينشتاين والذي استغل موقعه البارز في التحرش بالنساء ومهاجمتهن وكما وثقت صحيفة نيويورك تايمز مؤخرا فلقد تلقى واينشتاين المساعدة من جميع الجهات. لقد اشترك شقيقه وشريكه روبرت واينشتاين في عمل الدفعات من اجل التسويه كما تم تشجيع زملاء العمل على تجاهل الموضوع وتم تكليف المراسلين الصحفيين بالتشكيك في مصداقية الناس الذين كانوا يوجهون الاتهامات وحتى وكلاء ومدراء الضحايا كان يتم الضغط عليهم او الدفع لهم من اجل تقديم النصح لموكيلهم للبقاء صامتين.

إن الاخبار الطيبة هي انه عندما تتم مساءلة المزيد من الشخصيات ذات النفوذ على سلوكهم المسيء فإن المزيد من الضحايا قد يكتسبون الثقة اللازمة لتقديم شكواهم وبينما يحصل تحول في ديناميكية السلطه فإن الضحايا يتغلبون على الاعتقاد بأن عليهم ان يعانوا بصمت ويصبحوا واثقين بإن هناك عدد كافي من الناس سوف يستمعون لهم .

وبهذا المعنى فإن تسارع ما تم الكشف عنه في العام الماضي هو تتويج لتوجه طويل المدى وهو ان اللاعبين اصحاب السلطة والنفوذ والمؤسسات التي يبدو انها لا يمكن ان تتزعزع قد سقطوا بسب افعالهم الشائنه وفي أعقاب الازمه الماليه العالميه ربما لم تتم مساءلة كبار المدراء التنفيذين للقطاع المالي بشكل كامل عن افعالهم ولكن من المؤكد ان الضجه التي حصلت ساهمت في "ربيع المساهمين" والذي بدأ سنة 2012 وذلك عندما بدأ المستثمرون في رفض أجور وعلاوات المدراء التنفيذيين والانتباه بشكل اكبر الى القضايا المتعلقة بحوكمة الشركات.

أما في الرياضه فلقد تم اسقاط العديد من مسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا بما في ذلك رئيس الفيفا نفسه سيب بلاتر بعد عقود من التلاعب بنتائج المباريات والرشوه وغيرها من ممارسات الفساد كما تم حظر روسيا من المشاركة في الالعاب الاولمبيه الشتويه بسبب استخدامها لنظام معقد من اجل التحايل على نظام فحص المنشطات في دورة الالعاب الاولمبيه في سوتشي سنة 2014.

أما المجال الآخر الذي ينتظر ان تتكشف الامور فيه فهو السياسة الامريكية أي العلاقة بين اعضاء من حملة دونالد ترامب الرئاسية بما في ذلك ابنه دونالد ترامب جونيور والدوائر الرسمية الروسية. ان الحقائق التي تظهر بشكل تدريجي تنطوي على الادانة الكافية ولكن المحاولات الغبيه لاخفاء الحقيقة قد جعلت الوضع اسوأ بكثير لإدارة ترامب وللسياسه الامريكيه بشكل عام ناهيك عن المكانه الدوليه للولايات المتحدة الأمريكيه.

إن ما تكشف مؤخرا يجب ان يعزز الحكمة القائله بإن التستر عن الخطأ الاصلي يجعله اسوأ بمقدار عشرة اضعاف. لقد تعلم الرئيس ريتشارد نيكسون والعديد من مساعديه ذلك الدرس من خلال فضيحة وترجيت وفي سنة 2018 فإن ادارة ترامب – وشركات مثل اوبر و21 سينتشري فوكس- سوف يخاطرون اذا اختاروا تجاهل هذه الحكمه.

المصدر: PS، موقع "اللواء"