استكمالًا لما جاء في «صباح الرياضة» الأسبوع الماضي عن المشاكل التي أثقلت كاهل كرة القدم اللبنانية وجعلتها أسيرة لحالة يصعُب التخلص منها في المدى المنظور، نبدأ اليوم بما إنتهينا به في المقال السابق عن ضرورة المباشرة بتأسيس رابطة مستقلة لإدارة المسابقات الكروية المحلية.
قد يُبادر البعض الى القول: «..وما نفع الرابطة المستقلة إذا كانت معظم الأندية «هاوية» ولا تمت إداراتها الى الاحتراف بصلة»؟ في هذا الكلام، الكثير من الدقة، خصوصا أن المنظومة المرجوة لإدارة كرة القدم لا يمكن أن تكتمل إلا بتوافر جميع مكوناتها، وهذا ما يجر الحديث الى مكانٍ آخر يكشف عمق الهوّة في الكرة اللبنانية بين أندية تتجاوز ميزانيتها المليون ونصف المليون دولار، وبين أخرى تُمرّر الموسم بما تيّسر من عشرات الآلاف من الدولارات!
...وعلى اختلاف العديد من الدول التي سبقتنا في هذا الشأن، والتي ستكون منتخباتها وجهًا لوجه مع منتخبنا في كأس آسيا المقبلة، لا يكمُن الهدف الرئيسي من إنشاء الرابطة في لبنان، في تطوير الأداء والارتقاء بالدوري واستيفاء معايير ومتطلبات الاحتراف التي تمّ إقرارها من قِبل الاتحاد الآسيوي وتسويق اللعبة وتحسين الجانب الاقتصادي والتسويقي فيها، بل جُل ما نرجوه من الرابطة يتمثل بالحد الأدنى من الاحترافية في عملية تنظيم المباريات وتوزيعها على الملاعب، وإدارة شؤون المسابقات بعيدا عن شبهات التدخلات الاتحادية التي يمارسها بعض الأعضاء حماية لمصالح أنديتهم.
... وعِوضاً عن التخطيط لكي يصبح الدوري اللبناني من ضمن أفضل عشر دوريات في آسيا وفقًا لخطة استثمارية طويلة الأمد، تسير المسابقات على قاعدة «كل يوم بيومه»، في ظل العجز بخلق بيئة مناسبة تُشجع رؤوس الأموال على الاستثمار في كرة القدم. وهنا يجب الاعتراف أن معظم الأندية اللبنانية تعاني من شح في السيولة باستثناء 3 أندية، وهذه معضلة مُزمنة انعكست بشكل بالغ على الدوري.
... وعلى خلفية هذه المشكلات التي تتراكم عاما بعد عام، يقفز الى الأذهان سؤال يستحق التوقف: لماذا لا تُبادر الدولة إلى التشجيع على تحويل الأندية الرياضية لشركات مساهمة تُعيل نفسها بنفسها للتخلص من هذا الحمل، وتُعطي دافعا لتطوير اللعبة على كافة المستويات من ملاعب وإعلانات ورواتب اللاعبين وحقوق البث التلفزيوني وغيرها؟ إن التحوّل المنطقي يتبلور في تعديل قانون الجمعيات الرياضية، وإطلاق يد الأندية في تعزيز مداخيلها عبر الأنشطة التجارية والاستثمارية، وعدم الاكتفاء بالسبل المتاحة كعقود الرعاية والإعلان.
الفكرة قد تجد صعوبة في ترويجها، لكن التفكير بجدية سيُحوّل الكرة اللبنانية الى استثمار مربح ليس فقط لمن يمتلكون الأندية، بل للدولة أيضاً!
حسن الختام:
أسعد الصقال، كان له شرف البداية، وهو مستمر. ننتظر البقية!