بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 أيار 2019 12:03ص من السياسة.. وإليها نعود!

حجم الخط
سنوياً، تقدم أندية كرة القدم في لبنان مشاهد متناقضة عن علاقتها باتحاد اللعبة، إذ جرت العادة أن يُطلق بعضها أصواتاً مبحوحة بهدف التغيير والإنقاذ والعبور بكرة القدم الى مكان أفضل، لكن، وفي كل مرة تأتي «التعليمة» آخر الليل بـ«التلفون» بضرورة «ضبضبة الأمور وتهدئة النفوس» حرصاً على المصلحة العليا(...)!

يحضرني هذا السيناريو المنتظر في أعقاب التحرك الذي تقوم به أندية السلام زغرتا، الراسينغ، والبقاع بهدف دفع الاتحاد الى تقديم استقالته وانتخاب اتحاد جديد يقود اللعبة إلى رحاب أفضل!.

لا بأس. النوايا جيدة اذاً، لكن ما قد يشوب هذ التحرك أن البقاع والراسينغ هبطا بالفعل الى الدرجة الثانية، وسيُنظَر الى حراكهما من عين المصلحة عبر المطالبة بإلغاء الهبوط، ورفع عدد الأندية الى 14 نادياً.

واضحٌ ان رئيس نادي السلام زغرتا المونسنيور اسطفان فرنجية يتكىء في رفع نبرة الاحتجاج على «الخلل الديموغرافي» الذي سيقع على دوري الدرجة الأولى بغياب ناديين مسيحيين، وهو اعترف بهذا الكلام علناً في تصريحه للزميلة «النهار» امس الأول عندما تحدث عن ما أسماه «تهميش المسيحيين»..!

الكلام «غير المألوف» الصادر عن - رجل الدين - اسطفان فرنجية يُعيد أزمة كرة القدم الى المربع الأول، وينزع عن أي إطار احتجاجي مستقبلي المنطق الرياضي والوطني المطلوب، خصوصاً أن حل معضلة كرة القدم اللبنانية أصبح مطلباً ملحاً لكل أصحاب الشأن من رؤساء أندية وإدارات وإعلام وجماهير، وليس محصورًا على الاطلاق بفئة معينة تعاني الاجحاف والتهميش، كما يزعم فرنجية. 

لا يمكن إدارة الملفات الرياضية بنَفَسٍ طائفي، وعلى طريقة إدارة السياسة في البلاد. حتى لو نجح فرنجية و(الوزير السابق) ميشال فرعون في مسعاهما ونجحا بإلغاء الهبوط، هل يمكن الحديث حينها عن استرداد حقوق المسيحيين في اللعبة؟!

كثيرة هي المخالفات، وجسيمة هي الأخطاء، التي يمكن للأندية ان تستند عليها في مطالباتها لرحيل هذا الاتحاد اليوم قبل الغد، لكن الأندية - نفسها - تفتقد دوما لخريطة طريق سليمة وآمنة للوصول الى الهدف المنشود، فتذهب تارة الى «البلوكات الطائفية والمذهبية»، وأخرى الى التجمعات الجماهيرية غير المجدية(...)!

لا يُخفى على أحد أن السياسة، هي المبتدأ والخبر لهذا الاتحاد «المُوّزع» أصلاً بين ممثلين لأحزاب ينظر أقطابها الى معظم الأندية، بعيون انتخابية – خدماتية يجب أن تبقى دائما تحت السيطرة.

كل ما ورد من نظرة تشاؤمية لا يضع الحلول في خانة المستحيل اذا ما توافرت الإرادة الصلبة في فصل كرة القدم - كلعبة وصناعة واحتراف - عن زواريب السياسة الضيّقة.