بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 تموز 2018 12:20ص هل وراء الهيمنة الأوروبية لغز أم كرّست واقعاً يفرض ذاته؟

حجم الخط
صحيح ان خروج المنتخب البرازيلي من قطار مونديال روسيا بمحطة ثمن النهائي شكل حدثاً بحد ذاته، غير ان الحدث الموازي كان هيمنة أوروبا على المربع الذهبي بعدما تزامن خروج رجال السامبا مع وداع جارهم اللاتيني منتخب أوروغواي لكأس العالم الحالية بنفس الليلة، حيث ودع قطبان ميدان المنافسة سبق واحرزا اللقب معاً سبع مرات من أصل 20، وبقيت أربعة منتخبات لم يذق سوى اثنين منها طعم التتويج ولمرة وحيدة هما فرنسا وانكلترا. 
ويبقى السؤال الذي سيستمر مطروحاً لما بعد انتهاء المونديال الحالي وربما حتى ما قبل نظيره المقبل المقرر في قطر، وهو كيف تمكنت منتخبات القارة العجوز من سحب البساط من تحت أقدام أميركا اللاتينية وبقية العالم، واستحوذت على اللقب العالمي للنسخة الرابعة على التوالي، بعد نسخ 2006 و2010 و2014 رغم أن الكثيرين راهنوا على عودة التتويج إلى أحضان قارة المواهب الخارقة أميركا الجنوبية.
لا شك ان التطور البدني لعب دوراً مهماً في تفوق أوروبا بشكل واضح خلال السنوات المنقضية، حيث برزت في روسيا أهمية عامل اللياقة الذي حسم تفوق المنتخبات الأوروبية على حساب اللاتينية وتطور الجوانب الاستشفائية والبدنية، فهذه البطولة تعتمد بشكل أساسي على العوامل البدنية ومعدلات الركض والضغط، من هنا عرفت المنتخبات الأوروبية من اين تؤكل الكتف فجهزت نفسها للتفوق جسدياً كونها متطورة بشكل أكبر في جوانب التجهيز البدني والإعداد لمثل هذه البطولات، عدا عن أن نجوم أميركا اللاتينية عانوا من الضغوط بشكل أكبر.
كما هناك عامل التفوّق التكتيكي الذي لعب بدوره دوراً مهماً في طغيان أرجحية ابناء القارة العجوز على حساب القارة التي كانوا سبباً باكتشافها جغرافياً، واليوم يبدو انهم أتقنوا بسبر أغوار خفايا تألق لاعبيها، فتجلت أهمية الجوانب التكتيكية خاصة مع لجوء أغلب المنتخبات للدفاع المحكم بشكل واضح والالتزام بالخطة، ما جعل منتخبات أميركا اللاتينية تظهر بصورة باهتة بعيدًا عن أفكار تكتيكية لمواجهة تطور أوروبا، وهنا صار الشك يقيناً بأن الموهبة وحدها لا تكفي، إذ ما نفع إن كانت أميركا اللاتينية تضم ثلة من أبرز المواهب في العالم، ولَم يستطع سوى منتخبين منها بلوغ ربع النهائي وعجزا عن الصمود خلاله.
فالأرجنتيني ليونيل ميسي لم يستطع بمفرده ان يشكل رافعة ويحقق أحلام راقصي التانغو، وانهار منتخب بلاده أمام قوة جماعية، كرواتيا وفرنسا، وتلقى هزائم ثقيلة، ونفس الأمر بالنسبة للبرازيل، التي لم تستطع عبور بلجيكا في ظل أداء جماعي وتكتيكي عال للشياطين الحمر.
وهناك عامل إضافي يتمثل بأن نجوم أميركا اللاتينية فشلوا في التعامل مع الضغوط الهائلة التي يتعرضون لها، بدليل ما رزح تحت عبئه ليونيل ميسي كما نظيره البرازيلي نيمار، فكان سيف الانتقادات المصلت فوق رقابهما، كما مطالبتهما بأن يصنعا الفارق لمنتخبيهما، ذو حدين كان احدهما مدمراً، فخابا وخيبا معهما امال قارة بأكملها.