سلطنة عُمان - «اللواء»:
تحتفل سلطنة عُمان اليوم في الثالث والعشرين من تموز/يوليو، بالذكرى الـ 48 لانطلاق مسيرة النهضة العُمانية الحديثة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد، الذي شَرَعَ ببناء دولة عصرية قادرة على استعادة دور عُمان الحضاري، بمشاركة واسعة من المواطن العماني على قاعدة المواطنة والمساواة وحكم القانون التي نص عليها النظام الأساسي للدولة الصادر في عام 1996 وتعديلاته.
وحرص السلطان قابوس منذ اليوم الأول لانطلاق النهضة عام 1970 على أن يكون المواطن العُماني صانع التنمية وحارسها والمستفيد الأول منها، ومحور الاهتمام والتركيز في جهود وخطط وبرامج التنمية الوطنية على امتداد سنوات النهضة، إذ بمشاركته تمّ بالفعل استجماع وحشد كل طاقات الوطن لبناء كوادر عُمانية مؤهلة في جميع المجالات من أبناء وبنات عُمان، وعلى قدم المساواة، عبر عملية واسعة شملت المرأة العمانية، وهو ما حقق في الواقع دفعة كبيرة في كل المجالات لتشييد الدولة العصرية.
واحة استقرار
وبالرغم مما تموج به المنطقة من أحداث ومواجهات تدفع ثمنها شعوب شقيقة وصديقة، إلا ان القيادة العُمانية وما تتسم به من حكمة وبعد نظر، جعلت من عُمان واحة استقرار، خاصة وأن السلطنة لم تتوان عن القيام بكل ما يمكنها من جهد ومساع حميدة للعمل على إنهاء نزاعات المنطقة.
ومنذ توليه مقاليد الحكم عام 1970م رسّخ السلطان قابوس سياسة خارجية واضحة قائمة على نشر ثقافة التسامح والسلام ومدّ يد الصداقة والتعاون لكافة الدول والشعوب والالتزام بمبادئ واضحة ومعلنة في علاقات السلطنة معها، وبناء أسس الحوار لتجاوز وحل أية خلافات بالطرق السلمية بما يحقق المصالح المشتركة والمتبادلة ويتفق مع القانون والشرعية الدولية ويعزز حسن الجوار والتعاون البنّاء. وكان لتلك السياسة أثرها الإيجابي الملموس في التعامل مع العديد من القضايا ومد الجسور. وشكّل إقامة شراكة استراتيجية بين السلطنة وجمهورية الصين الشعبية نموذجاً لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة.
على الصعيد الداخلي، كان بناء وتطوير القوات المسلحة من أولويات مراحل مسيرة النهضة، حيث أيقن السلطان قابوس أن تحقيق الأمن والاستقرار يمثل شرطاً وأولوية ضرورية للبناء والتنمية.
وفي إطار مسيرة التنمية الشاملة، كان هناك ارتياح لما تبذله الحكومة من جهود متواصلة أدت إلى تحقيق معدلات نمو جيدة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي تحافظ على مستوى الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين.
وتعزيزاً للرعاية الاجتماعية للمواطنين وتخفيفاً لأعباء المعيشة تمّ مع بداية هذا العام تطبيق نظام دعم الوقود لدعم شرائح المواطنين الذين لا يتجاوز دخلهم 600 ريال عُماني، وفي حزيران/يونيو الماضي قرر مجلس الوزراء زيادة قاعدة الفئات المستحقة من المواطنين برفع إجمالي الدخل إلى 950 ريالاً عمانياً، على أن تبدأ استفادة الشرائح الجديدة اعتباراً من أول آب/أغسطس المقبل.
كذلك نجحت وزارة القوى العاملة بالتعاون مع القطاع الخاص في استيعاب آلاف الباحثين عن عمل في مؤسسات وشركات القطاع الخاص.
وتولي خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016 - 2020م) أهمية كبيرة للقطاعات المساعدة في تحقيق تنويع مصادر الدخل بما في ذلك تعزيز دور القطاع الخاص ومواصلة تحسين بيئة الأعمال والإسراع في تنفيذ برنامج التخصيص وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتم اختيار قطاعات (الصناعة التحويلية، النقل والخدمات اللوجستية، والسياحة، والثروة السمكية، والتعدين) لتكون قطاعات اقتصادية واعدة سيتم التركيز عليها خلال الخطة.
فيما يُعتبر البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي (وحدة دعم التنفيذ والمتابعة) واحداً من البرامج الوطنية التي تقوم عليها خطة التنمية المذكورة، ويهدف إلى المساهمة في تحقيق رؤية السلطنة في التنويع الاقتصادي، ومشاركة قطاعات المجتمع المختلفة في تنفيذ المشروعات المقترحة فيها بشكل فعّال.
وبدأت في 20 آذار/مارس الماضي عمليات التشغيل التجاري لمطار مسقط الدولي الجديد الذي يُعدّ إضافة مهمّة لمنجزات النهضة الحديثة، ولإعطاء دفعة كبيرة لقطاع السياحة وتعزيز وتنشيط الاقتصاد الوطني بشكل عام والقطاع اللوجستي بشكل خاص، حيث تبلغ القدرة الاستيعابية للمطار الجديد 12 مليون مسافر سنويا.
تجربة خاصة في محيطها
وأراد باني النهضة أن تكون لعُمان تجربتها الخاصة في ميدان الشورى والعمل الديمقراطي ومشاركة المواطنين في صنع القرارات الوطنية، وهي ممارسة عززت مسيرة التنمية وتطورها، وساهمت في إقامة دولة المؤسسات والقانون وترسيخ قيم الشراكة وتعدد الآراء.
في هذا الإطار، عُقد في أيار/مايو الماضي اللقاء المشترك بين مجلس الوزراء ومجلسي الدولة والشورى وذلك إيماناً بأهمية الحوار البنّاء بين مؤسسات الدولة التنفيذية والبرلمانية. كما عقد مجلسا الدولة والشورى جلسات مشتركة تم خلالها مناقشة المواد محل التباين بين المجلسين حول مشروعي قانون الثروة المعدنية والثروة المائية الحيّة، وذلك تعزيزاً للتعاون بين مجلسي الدولة والشورى.
والمنجزات التي تحققت طوال مسيرة النهضة «لم تكن لتظهر على أرض الواقع لولا الجهد المبذول، والعطاء المتواصل، والإرادة الطامحة، التي تستشرف المستقبل، وتعمل من أجل غد أفضل وأجمل»، كما يؤكد دائماً باني عُمان الحديثة الذي يكنّ له شعبه كل وفاء وتقدير.