بيروت - لبنان

اخر الأخبار

صحافة أجنبية

9 كانون الثاني 2021 08:45ص «لوموند» الفرنسية: سفاح الأقرباء.. ظاهرة مسكوت عنها تنخر المجتمع الفرنسي

حجم الخط

أثبت استطلاع للرأي أجرته شركة "إبسوس" (Ipsos) في تشرين الثاني 2020، أنّ 1 من كل 10 فرنسيين كان ضحية للعنف الجنسي خلال طفولته.

وفي تقرير نشرته صحيفة " لوموند " الفرنسية، قالت الكاتبة سولين كوردييه، إنّ التطرق إلى موضوع سفاح الأقرباء لا يزال خطا أحمر في مجتمعنا المعاصر. وفي حين يعتقد أغلبنا أنّ هذا الأمر نادر الحدوث، فإن الدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع تُبيّن أن ما بين 5% و10% من الفرنسيين كانوا ضحايا للعنف الجنسي خلال طفولتهم، 80% منهم كان في نطاق الأسرة.

إن ضحايا هذه الاعتداءات أطفال بغض النظر عن جنسهم أو خلفياتهم الاجتماعية. وتبين الدراسات أن الأطفال يتعرضون لهذا النوع من الاعتداءات لأول مرة في المتوسط في سن 9 سنوات، وفي أغلب الحالات يكون الجناة ذكورًا، وهذا ما أكده تقرير نُشر في ديسمبر/كانون الأول 2020 صادر عن المرصد الوطني للجنوح والردود الجنائية استنادًا إلى إحصائيات أجرتها وحدات الشرطة.

ما بين عامي 2016 و2018، تبين أن 95% من إجمالي 6737 شخصًا متهمًا بارتكاب جرائم عنف جنسي كانوا ذكورا. وتشير الدراسة أيضًا إلى أنه من مجمل 4341 ضحية للعنف الجنسي المسلط على المحارم 77% منهم فتيات، نصفهن لا يتجاوزن 4 سنوات.

وفي إشارة إلى خطورة الظاهرة، أكدت إيزابيل أوبري، الرئيسة المؤسسة لجمعية "فاس أ لنسيست" أنّ "واحدا من كل 3 فرنسيين كان ضحية لسفاح الأقرباء"، في حين أن العدد في الواقع يتجاوز بكثير الإحصاءات الرسمية.

أضرار كبيرة

يسلط التقرير الضوء على الآثار المدمرة للاعتداءات التي يتعرض لها الأطفال من قبل ما يسمى بـ "سفاح الأقرباء". بالنسبة إلى كاثرين ميلار، مديرة جمعية "أس أو أس أنسيست" فإن الطفل يتعرّض لتدمير كامل وتشويه لهويّته النفسية والجسدية، إلى جانب صعوبة إدراك الطفل الضحية لخطورة هذا النوع من الاعتداء وآثاره. وغالبا ما تؤدي العلاقة الوثيقة بين المعتدي والضحية إلى تكرار الوقائع.

يؤدي الاعتداء الجنسي إلى سلسلة من الآثار التي تتفاقم مع تقدم الضحية في العمر، التي عادة ما تكون معرضة للمشاكل النفسية على غرار الاكتئاب وتزايد خطر الانتحار واضطرابات الأكل وتطوير السلوك الإدماني. وفي كثير من الأحيان، يواجه ضحايا سفاح الأقرباء صعوبة كبيرة في بناء حياة مهنية وأسرية متوازنة.

لقد أثبتت دراسة استطلاعية أجراها المعهد الوطني للدراسات الديمغرافية (السكانية) في عام 2015، أنّ النساء من ضحايا العنف الجنسي في مرحلة الطفولة يزيد لديهن خطر التعرض في مرحلة البلوغ لحالات التحرش أو العنف الجنسي. كما أنّ ضحايا سفاح الأقرباء قد يتحولون في مرحلة البلوغ إلى معتدين ومن ضحايا إلى جناة.

وحسب عالمة الأنثروبولوجيا دوروثي دوسي، التي بحثت لسنوات في هذا الموضوع وأجرت عشرات المقابلات مع الضحايا ومقترفي الاعتداءات، فإن "سفاح الأقرباء دائمًا ما يرتكب هذه الاعتداءات في الأسرة التي يكون هذا الأمر متواترا بين أفرادها".

 

ونقلت الكاتبة عن عالمة الاجتماع سيلفي كرومر، منسقة دراسة حول هذا الموضوع نُشرت في مجلة تابعة للمركز الوطني للبحث العلمي وقُدمت في عام 2017 إلى لورانس روسينول، وزيرة الأسرة آنذاك، إلى أنه "لا يوجد مسار نموذجي لضحية سفاح الأقرباء.. لكن يمكن التصدي للصدمات التي يسببها هذا العنف من خلال الرعاية المبكرة التي تتناسب مع الضحايا".

«إنكار جماعي»

من الصعب إماطة اللثام عن موضوع سفاح الأقرباء، الذي يبدو أنه لا يزال إلى الآن موضوعا محرما. ورداً على سؤال طرحته البرلمانية عن حزب "الجمهورية إلى الأمام" ألكسندرا لويس في إطار تقييم لقانون 2018 حول العنف الجنسي، صرحت إيفا توماس -واحدة من أولى ضحايا سفاح الأقرباء وهي من بين اللواتي يشجعن للكشف عما تعرضن له- "سفاح الأقرباء هو الإنكار الجماعي. سفاح الأقرباء هو قانون الصمت. لا يمكننا التفكير فيه، أو النطق بما لا يمكن تصوره. لهذا السبب، نلجأ لعبارة "العنف المنزلي"، أو نتعامل معه على أنه عنف جنسي، وغالبًا ما نستخدم كلمة "إساءة". حتى في وسائل الإعلام، ما زال يعتبر من المحرمات. تبقى صرخات الطفل غير مسموعة بينما ينتشر هذا الوباء في صمت".

وأشارت الكاتبة إلى أن السكوت عن سفاح الأقرباء ظاهرة شائعة للغاية، لكن ترتبط صعوبة الإقرار بوجوده باقتران صورة الأسرة في أذهاننا بفكرة الملاذ الآمن، لأنه بالنسبة لنا لا يمكن أن تكون العائلة مكانا للقمع والعنف.

المصدر : لوموند