بيروت - لبنان

اخر الأخبار

صحافة أجنبية

6 نيسان 2024 12:06ص من إعلام العدو .. إيران لم تعد محصّنة: معضلة الرد الإيراني على الاغتيال

حجم الخط
تامير هايمن

بعد مرور نصف عام على «السبت الأسود»، و«كارثة» 7 أكتوبر، لا تزال إسرائيل في حالة قتال ضد «حماس» والمحور الشيعي بقيادة إيران. حزب الله هو المشكلة الأكثر إلحاحاً، وعلى الرغم من ذلك، فإن إيران هي المشكلة الأكثر أهمية. حتى الآن، وقفت إيران جانباً، ونظرت بفخر إلى وكلائها، وهم يقومون بالعمل مكانها من دون أن تتضرر. فالجهة التي نفّذت اغتيال حسن مهداوي، والمعروف أيضاً باسم رضا محمد زاهدي، أرادت زعزعة هذا الواقع تحديداً.
ومن المتوقع أن تكون الأيام المقبلة متوترة، وأن تؤثر في التطورات في الساحات الأُخرى. وعندما نحلل الإنجازات والفجوات في الحرب حتى الآن، لا يمكننا تجاهُل الاغتيال المركّز الذي وقع في دمشق. وككل اغتيال سابق، ستُطرح النقاشات في إسرائيل بشأن الفائدة في مقابل الأثمان المحتملة. أولاً، لا يمكن المقارنة بين اغتيال قائد من حزب الله يوجه نيرانه ضدنا خلال الحرب، وبين اغتيال مسؤولين كبار في الأيام العادية. لسنا في أيام عادية. ثانياً، حتى لو كان التأثير التكتيكي ضئيلاً، فإن الرسالة الاستراتيجية الموجهة إلى إيران في «اليوم التالي للحرب» مهمة وجوهرية. ومن دون شك، ستردّ طهران على ذلك، دفاعاً عن كرامة الشخص ومكانته، وأيضاً بسبب تخوفها من وقوع اغتيالات أُخرى، وكخطوة رادعة ضد عمليات مشابهة مستقبلاً.
من بين احتمالات الردود الكثيرة، هناك ردّان محتملان يجب الاستعداد لهما بصورة خاصة:
أن يجتاز حزب الله عتبة الحرب من خلال قصف كثيف للمناطق السكنية. في مثل هذه الحالة، سيجبر التنظيم «الإرهابي» إسرائيل على القيام بما يجب أن تقوم به. وإذا اعتبرت الولايات المتحدة أفعال حزب الله مبادرة إلى عمل حربي، فإن هذا يمكن أن يحلّ التوترات مع الولايات المتحدة في هذا الشأن.
إطلاق نار مباشر من إيران على إسرائيل. في مثل هذه الحالة، ستعود الكرة إلى إسرائيل، وستضطر إلى أن تقرر: هل يعني ذلك عملاً حربياً، أو استمراراً للمناوشات مع هذا المحور، كما يجري حتى الآن؟ وستتأثر اعتبارات إسرائيل بالضرر الجاري، وبالتأييد الذي سنحصل عليه من الولايات المتحدة. بالنسبة إلى إيران، من الواضح أن السيناريو الأخطر هو أن تعتبر إسرائيل والولايات المتحدة هذا العمل عملاً حربياً، وتقومان بردّ مشترك، وهذا ما تحاول إيران تجنُّبه.
إن المواجهة مع إيران لها علاقة «بالوحل الغزي»، وبإنجازات إسرائيل في غزة، وفي قطاعات أُخرى. خلال الأشهر الستة الأخيرة، اكتشف المجتمع الإسرائيلي الجيش مجدداً، وعلى الرغم من الإخفاق والفشل الهائل في 7 أكتوبر، فإن الجيش نجح في قلب الأمور، رأساً على عقب، من الناحية التكتيكية العملانية، وحقق سلسلة إنجازات، أهمها المناورة البرية التي على الرغم من حملة التخويف الكبيرة حيال قدرة الجيش على القيام بمثل هذه المناورة في عمق أراضي العدو، اتضح أنها عملية ناجحة عسكرياً في ظروف ميدانية صعبة للغاية. لكن في الوقت عينه، إسرائيل اليوم في إحدى أسوأ النقاط التي مرّت بها: فهي عالقة في حرب لم تنجح في حسمها حتى الآن، وتواجه كل التصدعات والاستقطابات الاجتماعية العميقة التي تختبىء وراء غبار المعارك...
الفجوات في أهداف الحرب
من المحتمل أن يكون ازدياد الشعور بالإحباط وسط الجمهور، بمرور كل يوم، ناجماً عن حقيقة واحدة لم تتحقق بصورة كاملة حتى الآن، وعلى ما يبدو، لن تتحقق في المستقبل القريب: لم ننجح في إزالة «حماس» كعنوان للسلطة في القطاع، بسبب عدم اتخاذ قرارات سياسية، ولا يزال 134 مخطوفاً في الأسر؛ ولم ننجح، حتى الآن، في العمل بصورة جدية على تغيير الواقع الإقليمي في المدى البعيد بصورة تضمن الأمن القومي الإسرائيلي. يجب أن نضيف إلى ذلك عدم الثقة الناجم عن الإصرار على الاستمرار في الحرب، وفق الشكل الحالي، بهدف تحقيق «النصر المطلق» الذي ينبغي أن يقودنا إلى تغيير إيجابي جوهري يحقق هذه الأهداف. كما يزداد الإدراك أن هذا الإصرار تحديداً يؤدي إلى جعل وضعنا أكثر سوءاً.
إن الحكمة في خوض الحرب هي معرفة متى نحتاج إلى تغيير، أي متى يجب إنهاء الحرب بشكلها الحالي، والانتقال إلى شكل آخر من العمل. المطلوب في هذه الحالة التي نحن بصددها، الانتقال إلى مرحلة جديدة من القتال المستمر حتى تحقيق أهداف الحرب، أو لمزيد من الدقة، تحقيق الأهداف البعيدة الأمد لإسرائيل في القضاء على «حماس». يجب خفض توقعات الجمهور، إن المقصود هدف يتطلب تحقيقه أعواماً. وهذا بالضبط ما يجب أن تقوم به إسرائيل. لكن بأسلوب عمل مختلف، وبصورة أُخرى، مع الإدراك أنه لا توجد عملية واحدة (رفح على سبيل المثال) يمكنها وحدها أن تحقق «النصر المطلق» لنا.
المشكلات المركزية
الجبهة الشمالية، في هذه الجبهة التي تشكّل تحدّياً كبيراً في هذه المرحلة هناك مشكلتان: حجم «تعطيل الحياة اليومية» الذي تخلقه الآن أكبر كثيراً من الجبهة الجنوبية، وليس واضحاً متى ستعود الحياة في الشمال إلى طبيعتها.
في الجبهة الجنوبية: لدى إسرائيل مشكلتان حسّاستان، كيف نمنع حدوث كارثة إنسانية لمواطني غزة، تدفع العالم كله إلى الوقوف ضدنا، وما هو العنوان المدني البديل من «حماس».
في الجبهة الدولية، هناك مشكلتان أساسيتان، خسارة الشرعية لجوهر وجود إسرائيل وتدهور العلاقات مع الولايات المتحدة، وتحوُّل إسرائيل إلى موضوع حزبي - داخلي سياسي أميركي.
بالإضافة إلى ذلك كله، هناك مشكلة الإلحاح، فالوقت يمرّ وينفد بالنسبة إلى المخطوفين في غزة.
***
في الخلاصة، من الصعب تقدير تداعيات حرب «السيوف الحديدية» على مكانة إسرائيل في الشرق الأوسط، وعلى المجتمع الإسرائيلي. ومن الواضح أنها نقطة تحوُّل، لكن لا أحد يعلم إلى أين ستؤدي. ومن الواضح أننا بحاجة إلى مسافة، وإلى منظور بعيد الأمد.
لكن من الواضح لنا أننا مصابون بصدمة نفسية، ونشعر بالغضب والحزن، ونطمح إلى تغيير هذه المشاعر. نحن نطلب من زعمائنا مساعدتنا في ذلك. والتحدي هو أن يفعلوا الأمر بالطريقة الصحيحة من أجل تاريخ إسرائيل، وليس من أجل هدف تكتيكي راهن وقصير الأمد. بكلام آخر، التطبيع مع السعودية ودفع ثمن تحرير الأسرى، أفضل من القيام بعملية اقتحام واسعة النطاق لرفح، نعرض من خلالها صور انتصار تكتيكي، بينما يزداد وضعنا الاستراتيجي سوءاً.
صحيح أنه من المؤسف أننا لم نفكّك كتائب رفح قبل 3 أشهر من المناورة البرية، لكننا لا نستطيع إعادة الزمن إلى الوراء. فالوضع تغيّر، ومن الأفضل حالياً عدم تضييع فرص إضافية. فالوقت الذي يمرّ يقلص الاحتمالات المتوفرة لدينا.
المصدر: قناة N12
اعداد: مؤسسة الدراسات الفلسطينية