يوماً بعد يوم، تُحاول الدراسات الكشف عن جديد حول فيروس "كورونا" المستجد إلى أن تصل لمبتغاها بلقاح أو دواء يُنهي الأزمة. لكنّ احدى الدراسات أظهرت أن أحد المكونات الشائعة الموجودة في العديد من أدوية السعال والبرد، التي يتمّ شراؤها من دون الحاجة إلى وصفة طبية، من بينها "Benylin" و"Night Nurse"، يُمكن أن يتسبّب في تكاثر فيروس "كورونا"، وفقًا لما نشرته صحيفة "دايلي مايل" البريطانية نقلًا عن دورية "Nature" العلمية.
وجاء هذا الكشف كجزء من دراسة عالمية حول الأدوية الموجودة مسبقًا ومدى تأثيرها في علاج السعال لدى مرضى "كوفيد-19"، حيث توصّل فريق دولي من العلماء إلى أن "دكستروميثورفان"، وهو مكوّن نشط شائع في مثبطات السعال، ربما يتسبّب في تزايد تكاثر مسببات المرض المرتبطة بفيروس "كورونا" المستجد.
كما حذّر الباحثون من استخدام أي أدوية سعال تحتوي على هذا المكون على الرغم من أنه لا يؤدي إلى ارتفاع معدلات خطر الإصابة بأعراض حادة.
حاجة لمزيد من البحث
ويقول الباحثون إن هناك حاجة إلى مزيد من البحث في تأثير المكون على مرضى "كوفيد-19" قبل استخدامه لعلاج السعال من فيروس "كورونا" المستجد.
بدورها، أفادت الأستاذة في جامعة كاليفورنيا نيفين كروغان أن "عنصر دكستروميثورفان الذي يتم استخدامه في بعض هذه الأدوية يمكن أن يؤدي إلى تعزيز تكاثر الفيروسات، ويعمل بنشاط على تعزيز الإصابة بالعدوى، مشيرة إلى أن من مرضى كوفيد-19 يجب عليهم الامتناع عن تعاطي هذه الأدوية لعلاج السعال".
وتعمل مادة "ديكستروميثورفان" المتضمنة في تركيبة بعض أدوية السعال والبرد على تعطيل الإشارات الصادرة من المخ لتهدئة السعال الذي يحدث نتيجة لسبب مرضي.
سبب رئيسي للعدوى
فيما أشار الفريق البحثي إلى أنه يتم استخدام "ديكستروميثورفان" بشكل شائع في جميع هذه الأنواع من الأدوية تقريباً، التي يلجأ إليها الكثيرون من دون وصفة طبية لتهدئة السعال، الذي يعد أحد الأعراض الرئيسية للإصابة بعدوى "كوفيد-19".
وأجرى الباحثون في معهد باستور في باريس اختبارات على خلايا من سلالة من القردة، تتشابه استجابتها مع البشر، لاكتشاف تأثير "ديكستروميثورفان" على المصابين بعدوى فيروس "كورونا"، حيث تبين زيادة معدلات تكاثر الفيروس.
وأفاد البروفيسور بريان شويشت أنه "كان من الضروري المسارعة بإصدار تحذير للعامة والمسؤولين على حد سواء من أجل تجنّب أي تداعيات محتملة من الآن فصاعدًا، على الرغم من أن النتائج مختبرية ولم تصل إلى مرحلة التجارب السريرية بعد، وأردف قائلًا: "يجب أن نكون حذرين، هذه نتائج مختبرية ولم يتم تجربتها سريريًا، لا نوصي بالضرورة أن يتوقّف الجميع عن تناول دكستروميثورفان، وإنما ينبغي توخي الحذر ونشر الوعي لأنه ربما يكون ضارًا".
الأدوية الناجعة
وفي الوقت نفسه، تمكّن فريق الباحثين من تحديد قائمة بالأدوية، التي يُمكن أن يتمّ استخدامها لتقديم علاجات محتملة للسعال عند مرضى "كوفيد-19" المنتشر في جميع أنحاء العالم، حيث توصّل الفريق المكون من 22 باحثًا ينتمون إلى جنسيات مختلفة، إلى أن "كيماستين" مضاد "الهيستامين"، و"هالوديريدول"، المضاد للذهان، وبعض مكونات أدوية السعال مثل "كلوباراستين" يُمكن أن تُساعد في تهدئة السعال من دون آثار جانبية تتسبب في تكاثر فيروس "كورونا" داخل جسم الإنسان.
وبدأ الفريق البحثي دراسته في منتصف شهر مارس/آذار، تم خلالها استعراض تراكيب أدوية السعال على خلفية المخططات الواردة في الجينات الثلاثين لفيروس "كورونا" المُستجد.
كما قاموا ببناء عالم الفيروس من الداخل إلى الخارج، بالإضافة إلى تجميع جميع البروتينات، التي يصنعها الفيروس، بهدف رصد وتسجيل كيفية تفاعل كل منها مع البروتينات داخل المضيف البشري.
واكتشف الفريق البحثي وجود 332 طريقة مختلفة يمكن لفيروس "كورونا" من خلالها دخول خلية وعمل نسخ منها، ومن ثم تم تحديد المواد والتركيبات الدوائية التي يمكن أن توقفها.
تعطيل دورة حياة الفيروس
أخيرًا، تضمّنت نتائج الدراسة أن هناك 69 نوعا من الأدوية أو العلاجات التجريبية أو المركبات التي يتم تصنيعها لتصبح أدوية.
كما تبين أن هناك 62 طريقة مختلفة لتعطيل دورة حياة فيروس "كورونا".
إلى ذلك، قالت كروغان إن الأبحاث توصلت بشكل مختبري إلى تحديد أفضل استخدام للعديد من المركبات جنباً إلى جنب مع أدوية أخرى، كبروتوكول علاجي محتمل لمرض "كوفيد-19"، موضحة أن التجارب بالوقت الحالي مختبرية ولم تصل بعد إلى المراحل السريرية.
(اللواء، العربية)