بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 شباط 2020 01:38م جرادة واحدة قد تتحول لـ«وباء».. كيف يُحارَب هذا «الجيش المدمّر»؟

حجم الخط
مجهزة على المحاصيل ومهدّدة مصادر الغذاء والمعيشة، قامت أسراب ضخمة من الجراد الصحراوي بـ«اجتياح» القرن الإفريقي وجنوب آسيا، لتشكل الزحف الأسوأ للجراد على مدى 25 سنة.

يتحوّل الجراد الصحراوي من كائن بسيط الى «جيش نهم ومدمّر»، بعدما يتطور من بيضة الى جراد يتنقل بالقفز، ومن ثم إلى جراد قادر على الطيران.

يُفضل العزلة، لكن بين الفترة والأخرى يمر بحالة تحوّل تتسم «بالإجتماعية»، حيث تغير ألوانها وتشكل مجموعات تتحول إلى زحف ضخم لجيش نهم ومدمر.

قد يصل عدد الجراد الزاحف إلى عشرة مليارات جرادة تغطي مساحات تصل لمئات الكيلومترات. بإمكانها أن تقطع حوالي 200 كم في اليوم، وتدمر مصادر الحياة في الريف في سعيها للتغذية والتكاثر. حتى لو كان زحف الجراد بمستوى متوسط فإن ذلك كفيل بالقضاء على المحاصيل الكافية لاستهلاك 2500 شخص على مدى سنة ، حسب ما افادت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو).

آخر نمو هائل في عدد الجراد الزاحف حصل في غرب إفريقيا بين العامين 2003 و 2005 وقدرت الخسائر بـ 2.5 مليار دولار من المحاصيل، وفقا للأمم المتحدة. لكن كانت هناك موجات أخرى من الجراد الفتاك في ثلاثينيات وأربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، وانتشر بعضها عبر عدة مناطق وأقاليم، ووصلت أعداد الجراد إلى المستوى الذي يبرر تصنيفها ككارثة.

تقدر منظمة الأغذية والزراعة (فاو) أن الجراد الصحراوي يطال مصادر حياة واحد من كل عشرة اشخاص على كوكبنا، مما يجعله الكارثة المتنقلة الأخطر في العالم.

أسوأ زحف للجراد الصحراوي منذ عقود يفتك الآن بالمحاصيل والمراعي عبر القرن الإفريقي، وهي منطقة تشمل جيبوتي وإريتريا وإثيوبيا والصومال وأبعد من ذلك، مهددا بذلك الأمن الغذائي في منطقة الصحراء الكبرى.

وتنتشر حاليا عبر كينيا بعد التدمير العشوائي في الصومال وإثيوبيا. هذا هو الغزو الأخطر في كينيا منذ 70 عاما والأسوأ في الصومال وإثيوبيا منذ 25 عاما. وأعلنت الصومال حالة الطوارئ العامة لمواجهة الأزمة، وهي البلد الثاني الذي يتخذ هذه الخطوة بعد باكستان حيث هاجم الجراد محاصيل القطن والقمح والذرة ومحاصيل أخرى في المناطق الشرقية.

حسب فاو، فالقرن الإفريقي هو مصدر القلق، حيث يتكاثر الجراد وينمو بسرعة فائقة ويمكن أن يتضاعف 500 مرة حتى شهر حزيران القادم. وأكدت أن بعض الأسراب عبرت الحدود إلى أوغندا وجنوب السودان وحذّرت من تحول الارتفاع المفاجئ في العدد إلى وباء إقليمي إذا لم تتم معالجته.

ما هي الكمية التي يستطيع الجراد التهامها؟
الجرادة مكتملة النمو تستطيع أن تأكل بقدر وزنها كل يوم، أي حوالي 2 غم.
رسوم توضيحية تظهر كم يستطيع الجراد الصحراوي مكتمل النمو استهلاكه. بإمكانه استهلاك2 غم، أي بقدر وزنه. السرب الذي يغطي كيلومترا مربعا يستطيع استهلاك قدر ما يستهلكه 35 ألف شخص.
المصدر: فاو

يلتهم الجراد 1.8 مليون طن من المسطحات الخضراء يوميا في مساحة قدرها 350 كيلومترا مربعا، كما تقول منظمة فاو.

قد يؤدي غزو الجراد إلى هبوط في الإنتاج الزراعي وتهديد المخزون الغذائي في منطقة تعاني من آثار الفيضانات والجفاف. وقد يمس ذلك حياة 20 مليون شخص في المنطقة، حسب ما تقول الأمم المتحدة.

تعود أسباب موجة الجراد الحديثة إلى الأعاصير والأمطار الغزيرة عامي 2018 و2019. وتقول الأمم المتحدة إن الطقس الماطر قبل سنتين في جنوب شبه الجزيرة العربية سمح لأجيال من الجراد بأن تنمو دون أن تلاحظ.

خريطة تظهر كيف تغزو أسراب الجراد القرن الإفريقي على جانبي البحر الأحمر والحدود الباكستانية الهندية. ويتحرك الزحف عبر إثيوبيا وكينيا ويمكن أن ينتقل لبلدان أخرى.
الفاو - شباط 2020

بحلول بداية عام 2019 توجهت الموجات الأولى من الجراد إلى اليمن والسعودية وإيران، واستمرت في التكاثر قبل الانتقال إلى شرق إفريقيا. وتتشكل حاليًا موجات إضافية على ضفتي البحر الأحمر، فتبلغ مصر والسودان والسعودية واليمن وعلى امتداد الحدود الهندية الباكستانية، وهو وضع وصفته الأمم المتحدة ببالغ الخطورة.

كيف يعالج زحف الجراد؟
رسوم توضيحية تظهر كيفية مكافحة زحف الجراد باستخدام المبيدات، من خلال رشها من الطائرات أو المركبات الأرضية.
المصدر: فاو

يتوقف احتواء زحف الجراد على عاملين مهمين: الرصد والسيطرة الفعالة، وبما أن الجراد الآن في مرحلة النضوج بشكل أساسي سيكون الأفضل ضربه من الجو، من أجل تقليل أعداد الجراد الذي يبلغ مرحلة النضج ووضع البيوض".

وبالرغم من الأبحاث المتواصلة حول حلول صديقة للبيئة، كالمبيدات الحيوية، فإن الاسلوب المستخدم أكثر من غيره هو البخاخ المضاد للحشرات.

وتقوم الطائرات أو المركبات الأرضية برش المبيدات على أسراب الجراد وقتلها في اقصر وقت.

إلا أن الأمم المتحدة تعتبر أن رش المبيدات من الجو ومن الأرض في المنطقة ليس كافيا في الوقت الحالي، وتوجهت إلى المانحين الدوليين بطلب 70 مليون دولار كمعونة طوارئ للمساعدة في معالجة الأزمة.

في حين يرى مزارع كيني يدعى علي بيلا واغو أن الوسيلة الوحيدة الآن هي إخافة الجراد بـ«ضرب الطبول وقرع الأواني»، واصفًا ما يجري بأنه «ارادة الله، والجراد هو جيشه».

المصادر: "منظمة الفاو - بي بي سي" 
إعداد "اللواء"