وفعلا، تذهب إلى عيادته، لتكتشف بعد قيامك بصورة «بانوراميكية» أن أسنانك جميعها بخير وأن المسألة تتعلق بـ «الغدة اللعابية»، التي لم تعتقد يوما بأنها قد تتسبب بكل هذا الإلتهاب، وبالتالي عليك أن تسارع إلى أخصائي في طب الأنف والأذن والحنجرة ليضع حدّاً لآلامك المبرحة التي بدأت تتطوّر نتيجة الإلتهاب المزمن أو نتيجة تواجد الحصى بداخلها مما يشكّل انسدادا لمجرى اللعاب.
ربما البعض يستغرب الآن ما أسرده لكن هذه هي الحقيقة، نعم بالإمكان تواجد الحصى داخل الغدة اللعابية، وهذه الحصى بإمكانها أن تتسبّب بآلام مبرحة مما يتطلب استئصالها بعملية جراحية.
لكن اليوم ومع تطوّر التقنيات بات بالإمكان القيام بهذه العملية من خلال استعمال منظار Storz Sialendoscope وقطره ١،٦ مم وبه ٣ أقنية للتنظير والري والاستئصال.
د. قبلان
لتسليط الضوء على إلتهاب «الغدد اللعابية» وأسبابها وأعراضها وكيفية العلاج، التقت «اللواء» الأخصائي في طب الأنف والأذن والحنجرة الدكتور وائل قبلان الذي أجرى أول عملية من نوعها في المنطقة لاستئصال الحصوات من القناة ومخرج «الغدة اللعابية» بالمنظار.
فيما يلي نص الحوار:
«الغدة اللعابية»
{ بداية كيف تعرّف لنا «الغدة اللعابية»؟
- تنقسم الغدد اللعابية إلى مجموعتين: الغدد الكبرى وهي ثلاثة أزواج وتدعى بالنكفية وتحت الفك وتحت اللسان، والغدد الصغرى وتتكوّن من مئات الغدد الموزعة في الفم والخدين والحلق.
تقوم الغدد بإفراز اللعاب الذي يحافظ على صحة الفم والأسنان ويساعد في عملية الهضم الأولية ويسهّل عملية البلع.
{ هل صحيح أن إلتهاب «الغدة اللعابية» ممكن أن يكون سببه وجود الحصى داخل مجرى «الغدة»؟
- نعم، إن تكوّن الحصوات داخل الغدد أو في قنوات التصريف الخاصة بها هو أحد أبرز العوامل المؤدّية الى إلتهاب هذه الغدد.
أسباب الإلتهاب
{ ما أبرز أسباب إلتهاب الغدة وتكوّن الحصى بداخلها؟
- كما تقدّم يمكن أن نقسّم إلتهاب الغدد اللعابية الى نوعين: إنسدادي انتاني وانتاني دون انسداد.
فالغدة اللعابية يمكن أن تكون عرضة للإلتهابات البكتيرية أو الفيروسية كالنكاف أو ما يعرف عامة بـ «أبو كعب».
ويكون الكبار في السن أكثر عرضة للإلتهاب بسبب الجفاف أو نقص المناعة. وقد يحصل إلتهاب الغدد اللعابية بعد العمليات الجراحية الكبرى وعند مرضى العناية المركزة.
أما في ما يتعلق بالإلتهابات الإنسدادية، فتكون الحصوات هي المسبّب الأول.
أما فيما يخص سبب تكوّن الحصوات فهو ليس معروفا، هي جسيمات تحتوي على مادة «الكالسيوم» وتتواجد داخل الغدة أو في القناة أو الاثنين معاً.
تساهم عوامل متعددة في تكوّن الحصوات كنوع الطعام ولزوجة اللعاب والجفاف. تتعرّض الغدد تحت الفك لتكوّن الحصوات أكثر من الغدد الأخرى بسبب موقعها التشريحي وتعرّج قنواتها.
إخراج الحصى من داخل «الغدة اللعابية»
ألأعراض
{ ماذا عن الأعراض؟
- تكثر أعراض أمراض الغدد اللعابية، وأبرزها:
- تضخّم واحمرار في أحد الغدد اللعابية.
- الحمى (عندما يكون الإلتهاب حادا).
- انخفاض في كمية اللعاب المنتجة وبالتالي جفاف الفم.
- ألم أثناء تناول الطعام.
- تورّم في منطقة الخد والرقبة.
العلاج
{ كيف يتمُّ العلاج في حال وجود إلتهاب داخل «الغدة اللعابية»، ومتى يمكن أن نلمس النتائج؟
- قبل البدء بعلاج أي اضطراب في الغدد اللعابية من الضروري القيام بتشخيص دقيق للحالة. وهذا يتطلّب إستماعا للقصة السريرية وفحصا سريريا والإستعانة بالتصوير الشعاعي المقطعي وفحوصات مخبرية عند الحاجة.
في حالات الإلتهاب البكتيري الحاد يُعطى المريض المضاد الحيوي المناسب مع أدوية مساعدة للآلام والتوزّم. في بعض الأحيان نضيف «الستيرويدز» لتخفيف الإحتقان.
وحين يصبح الإلتهاب مزمناً وتفقد الغدد وظيفتها نلجأ الى العمل الجراحي لاستئصال الغدة، وهنا تكمن بعض المضاعفات الممكنة الحصول كإصابة في العصب أو التهابات وما شابه.
العملية الأولى من نوعها
{ نحن نعلم أنك أجريت أول عملية من نوعها بالمنظار لتفتيت الحصى داخل «الغدة اللعابية»، كيف يتمُّ ذلك؟
- أدّى التطوّر التقني في حقل التنظير الى اختراع منظار فائق الدقة يمكن من خلاله الولوج الى قناة الغدة اللعابية لاستئصال الحصوات تبعاً لحجمها أو لتوسيع مجرى اللعاب من أي تضيق.
ولقد قمت في مستشفى كليمنصو الطبي CMC في بيروت بإجراء أول عملية من نوعها في المنطقة، تمّ خلالها استئصال عدة حصوات من القناة ومخرج الغدة اللعابية كما يظهر في الصورة. وتم استعمال منظار Storz Sialendoscope وقطره ١،٦ مم وبه ٣ أقنية للتنظير والري والاستئصال.
وبهذا أنقذ المريض من عملية كبيرة لإزالة الغدة بالكامل.
وهناك عدد قليل من الأخصائيين الذين يقومون بهذه العملية في الشرق الأوسط وطبعاً لست الوحيد الذي يقوم بها.
أما في لبنان فمستشفى «كليمنصو» هو الوحيد الذي يمتلك هذا المنظار.
هنالك عدة طرق لسحب الحصوات كـ «الليزر» واستعمال ملاقط مجهرية أو سليلات مجهرية.
نصائح وقائية
{ هل من نصائح محددة للوقاية من الإصابة من إلتهاب «الغدة اللعابية» وتواجد الحصى بداخلها؟
- أنصح بالإكثار من شرب الماء لتجنّب الجفاف والإنتباه لنوع الطعام كعدم الإفراط في تناول مشتقات الحليب وتناول الأدوية المناسبة عند الأشخاص المصابين بأمراض تعرّضهم لإلتهاب الغدد اللعابية كتناذر جوغرينز Sjögren’s Syndrome .
وأنصح بمراجعة الأطباء في حال الشعور بأي عارض يتعلق بالغدد اللعابية.