دفعت الأزمة الصحيّة التي تنازعها دول العالم بسبب جائحة
"كورونا"، إلى إعادة تفكيرنا في التنفّس وطريقة استنشاق الهواء وإخراجه من
صدورنا. إذ تفطّن خبراء إلى أنّ معظمنا يسيئ فهم التنفس.
فلم تعد عملية التنفس بالأمر الطبيعيّ كما كانت، خصوصًا
وأن أيّ التقاط أنفاس قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه. فهمنا للتنفس هو إذا تنفّست ستعيش وإذا توقفت عن
ذلك فستموت حتمًا، لكن التنفّس ليس ببساطة هذه الثنائيّة.
اليوم، نقضي أيامنا في تغطية أفواهنا وأنوفنا بالأقنعة،
ونكافح من أجل الشهيق والزفير، على حدّ وصف صحيفة "وول ستريت جورنال".
داخل النفس الذي أخذته للتو، توجد جزيئات من الهواء أكثر
من حبيبات الرمل على جميع شواطئ العالم، وكلّما نستنشق الهواء، نخرج زهاء 30 رطلاً
من هذه الجزيئات.
إنّ الطريقة التي نأخذ بها هذا الهواء ونطرده لا تقلّ
أهمية عما نأكله، إذ يقول الأطباء الذين يدرسون التنفّس أنّ الغالبيّة العظمى من الأشخاص
يتجرّعون الهواء بشكل غير كاف.
هذه الفكرة قد تبدو جنونيّة، لكن هناك شبه إجماع بين
الأطباء عليها، إذ يتفق أطباء الأعصاب، وعلماء الأنف، وعلماء الرئة في ستانفورد وهارفارد
ومؤسسات أخرى على أننا لا نتقن التنفس، وأنّ لذلك أثرًا مباشرًا على صحتنا البدنيّة
والعقليّة.
فالتنفّس بشكل صحيح يمكن أن يسمح لنا أن نعيش حياة أكثر
صحة. وعلى
النقيض من ذلك، يمكن أن يؤدي التنفس بشكل سيئ إلى تفاقم قائمة الأمراض المزمنة، مثل
الربو والقلق واضطراب نقص الانتباه وارتفاع ضغط الدم، بل يمكن أن تؤدي عادات التنفس
السيئة إلى تغيير الهياكل العظميّة لدينا، واستنفاد المعادن الأساسيّة منها وإضعاف
عظامنا.
قدماء البشر فهموا هذا مبكرًا، وتقريبًا كلّ الثقافات
المتواترة اعتبروا التنفس السليم ضروريًا للصحة. وابتداء من حوالي
400 سنة قبل الميلاد، كتب العلماء الصينيون كتب عدة عن التنفّس، معتقدين أنّه يمكن
أن يكون دواء أو سمًا، اعتمادًا على كيفية استخدامه.
في وقتنا الحالي، تراجع الاهتمام بالتنفّس الصحيح، وإذا
زرت الطبيب لأيّ أمر صحي، يقوم مباشرة بقياس ضغط الدم لديك والنبض ودرجة الحرارة ثم
وضع سماعته على صدرك للاستماع إلى قلبك ورئتيك.
ربما ناقش معك نظامك الغذائي، وتناولك للفيتامينات، وحتى
ضغوط العمل، ومشاكل هضم الطعام؟ والأرق عند النوم؟ لكنّه على الأرجح لن يتحقق من معدل
التنفس أو عادات التنفّس لديك. لذلك ربما يكون فيروس "كورونا" سببًا في إعادة
النظر في أسلوب تنفّسنا ودرجة اهتمامنا بطريقة تنفّسنا.
المصدر: الحرّة + اللواء