توقفت حركة الطيران والقطارات والحافلات وأغلب الخدمات في تونس امس وخرج آلاف في احتجاجات واسعة في الشوارع بعد أن بدأ اتحاد الشغل امس إضرابا عاما احتجاجا على رفض الحكومة رفع أجور حوالى 670 ألف موظف.
وتجمّع الآلاف أمام مقر الاتحاد العام التونسي للشغل في وسط تونس هاتفين «الشعب يريد إسقاط الحكومة» في تكرار لشعارات عام 2011 عندما أطاحت الاحتجاجات الجماهيرية بالرئيس زين العابدين بن علي وأشعلت انتفاضات أخرى في المنطقة.
وبعد التجمع أمام مقر الاتحاد خرج المحتجون في مظاهرة حاشدة باتجاه شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي بالعاصمة.
وجرت احتجاجات مماثلة في مدن عديدة من بينها سيدي بوزيد وجندوبة وصفاقس وقفصة.
وشمل الإضراب أيضا المدارس والمستشفيات والموانئ والمكاتب والبنوك الحكومية وكل وسائل النقل التي تعطلت بشكل كامل في العاصمة وأغلب المدن التونسية.
ورفع المحتجون شعارات «الشعب يريد عدالة اجتماعية.. الزيادة واجب مش مزية» و«لا خوف ولا رعب والسلطة ملك الشعب» في ساحة محمد علي القريبة من شارع الحبيب بورقيبة، الشارع الرمز لاحتجاجات 2011.
وانتشرت مئات من قوات الشرطة ومكافحة الشغب في وسط العاصمة وأخضعت المارة لتفتيش دقيق.
وقالت شركة الخطوط التونسية إنها تتوقع اضطرابا في حركة الطيران وحثت العملاء على تغيير حجوزات رحلاتهم، وقالت إنها ستؤجل ما لا يقل عن 16 رحلة إلى يومي الجمعة والسبت.
ولكن في مطار تونس قرطاج ألغيت أغلب الرحلات وكانت مكاتب التسجيل مغلقة بينما بقي مئات المسافرين الغاضبين في الانتظار.
وقال رئيس الوزراء يوسف الشاهد امس الاول إن الإضراب سيكون مكلفا للغاية ولكن الحكومة لا تستطيع رفع الأجور بشكل غير متناسب مع إمكانيات الدولة المالية.
وقال إياد الدهماني المتحدث باسم الحكومة إن الاستجابة لمطلب النقابة بزيادة تصل إلى 850 مليون دولار سيزيد من التضخم إلى أكثر من عشرة بالمئة من حوالى 7.4 بالمئة حاليا.
لكن الامين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي قال في خطاب أمام المحتجين «أقول للحكومة: أنتم اخترتم المواجهة مع الحكومة ونحن جاهزون.. وسندرس يوم السبت الخطوات المقبلة وسوف نصعد تحركاتنا ولن نتراجع».
وأضاف أن على الحكومة أن تبحث عن حوالى سبعة مليارات دينار قيمة التهرب الضريبي لعدد من رجال الأعمال لا أن تتسبب في تفقير أكبر بين الموظفين.
وتهدف الحكومة إلى خفض نسبة الأجور في القطاع العام إلى 12.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 من النسبة الحالية البالغة 15.5٪، وهي واحدة من أعلى المعدلات في العالم كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي وفقا لصندوق النقد الدولي.
ويبلغ متوسط راتب الموظف الحكومي التونسي حوالى 1580 دينارا (حوالى 500 يورو)، وفقا لتقرير رسمي.
وقال الشاهد في خطاب بثه التلفزيون الحكومي مساء الأربعاء إن وضع المالية العمومية لا يسمح بزيادة في الأجور، مضيفا «إذا رفعنا الأجور دون مراعاة المالية العمومية في البلاد، سنضطر لمزيد من الاقتراض والاستيدان... وهذا نرفضه».
وذكر الشاهد أن الزيادات في الأجور بعد الثورة وفي «غياب نمو حقيقي أدت الى تضخم ومديونية وتراجع القدرة الشرائية».
كما أصدر رئيس الحكومة قرارا ليلة الأربعاء الخميس بتسخير موظفين للعمل في 64 مؤسسة حكومية تشمل النقل البري والجوي والبحري والسكك الحديدية ووزارات الداخلية والتجهيز، منبها الى أن كل من يرفض العمل سيتعرض لعقوبات وفقا للقانون. وفي 22 تشرين الثاني، نفذ موظفو المؤسسات الحكومية في تونس إضرابا عاما للمطالبة بالأمر نفسه.
ويتزامن الإضراب مع تزايد التجاذبات السياسية في البلاد مع اقتراب الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة نهاية 2019.
(ا.ف.ب - رويترز)