نزح أكثر من ثلاثين ألف شخص من محافظة ادلب ومحيطها منذ مطلع الشهر الحالي، مع تصعيد دمشق وحليفتها موسكو القصف على المنطقة المعرضة لأن تشهد، وفق الأمم المتحدة، «أسوأ كارثة إنسانية» في القرن الحادي والعشرين جراء هجوم وشيك عليها.
وترسل قوات النظام السوري منذ أسابيع تعزيزات عسكرية الى إدلب ومحيطها، تمهيداً لشنّ هجوم وشيك.
وكثفت في الأيام الأخيرة وبمشاركة طائرات روسية، ضرباتها الجوية على مناطق عدة في المحافظة وجيوب محاذية لها تشكل المعقل الأخير للفصائل الجهادية والمعارضة في سوريا.
وقال ديفيد سوانسون المتحدث الاقليمي باسم مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للأمم المتحدة ومقره عمان «نشعر بقلق عميق إزاء التصعيد الأخير في وتيرة العنف التي أدت الى نزوح أكثر من ثلاثين ألفاً في المنطقة. هذا أمر نراقبه عن كثب».
وجاء تقدير أعداد النازحين بعد ساعات من تشديد منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة في جنيف مارك لوكوك على وجوب أن «تكون هناك سبل للتعامل مع هذه المشكلة بحيث لا تتحول الأشهر القليلة المقبلة في إدلب إلى أسوأ كارثة إنسانية مع أكبر خسائر للأرواح في القرن الحادي والعشرين».
ونزح السكان وبينهم نساء وأطفال ورجال وفق الأمم المتحدة من ريفي ادلب الجنوبي والجنوبي الغربي، بالإضافة الى ريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي.
ووصلت غالبيتهم الى مناطق في شمال ادلب قريبة من الحدود مع تركيا.
ويقيم 47 في المئة منهم حالياً في مخيمات بحسب سوانسون.
وشاهد مراسل فرانس برس يومياً خلال الأسبوع الأخير عشرات السيارات والحافلات الصغيرة محملة بالمدنيين مع حاجياتهم أثناء نزوحها من القطاع الجنوبي في ادلب.
وشاهد مراسل فرانس برس امس رجالا على دراجات نارية وأطفالا يقودون قطيعا من الأغنام، على طريق سريع قرب بلدة خان شيخون.
وقال النازح أبو جاسم الذي سبق أن أصيب مرارا خلال سنوات الحرب في سوريا «سقطت أربعة صواريخ قربنا فأجبرت على النزوح بحثا عن مكان آمن ولضمان الماء والتبن لإطعام أغنامي».
وحذرت الأمم المتحدة من أن العملية العسكرية الوشيكة قد تجبر قرابة 800 ألف شخص من اجمالي نحو ثلاثة ملايين يقيمون في ادلب وجيوب محاذية لها على الفرار من منازلهم، في ما قد يشكل أكبر عملية نزوح حتى الآن تشهدها الحرب السورية منذ اندلاعها قبل أكثر من سبع سنوات.
من جهة أخرى أطلقت قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن هجوماً واسعاً على آخر جيب تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية في شرق سوريا، وفق قيادي في صفوفها والمرصد السوري لحقوق الانسان.
ومنذ أشهر، بدأت هذه القوات التي تضم فصائل كردية وعربية تضييق الخناق على بلدة هجين ومحيطها، آخر جيب يسيطر عليه التنظيم في محافظة دير الزور الحدودية مع العراق.
وقال مصدر قيادي في قوات سوريا الديموقراطية فضل عدم الكشف عن اسمه «بدأت قواتنا اليوم الهجوم على آخر معاقل تنظيم داعش في هجين بدعم مدفعي وجوي كثيف».
وأضاف: «سنسيطر على هجين لأننا عازمون على انهاء وجود داعش» لافتاً الى مقتل 15 عنصراً من التنظيم جراء القصف والغارات في حصيلة أولية.
ووثق المرصد من جهته مقتل 17 عنصراً من التنظيم على الأقل جراء الغارات، التي جاءت بعد أسابيع عدة من ارسال قوات سوريا الديموقراطية مقاتلين وتجهيزات الى خطوط التماس.
من جهته، أوضح المتحدث باسم التحالف الدولي شون راين أن الجهاديين لا زالوا يسيطرون على أرض تبلغ مساحتها آلاف الكيلومترات قرب نهر الفرات.
في غضون ذلك، طلبت روسيا عقد جلسة لمجلس الأمن لاطلاعه على ما توصلت إليه القمة الثلاثية بين روسيا وإيران وتركيا التي عقدت الجمعة في طهران لبحث مصير محافظة إدلب، بحسب ما أعلن دبلوماسيون امس.
ومن المتوقع ان يلتئم مجلس الأمن من أجل الاستماع للإحاطة الروسية في وقت تستعد القوات السورية، مدعومة من روسيا وإيران، لعملية عسكرية كبرى من أجل استعادة إدلب، آخر معقل للجهاديين ومقاتلي المعارضة في سوريا.
من جهتها، جددت انقرة الدعوة إلى وقف أعمال القصف التي تنفذها روسيا والقوات السورية على محافظة إدلب داعية إلى وقف إطلاق النار في المحافظة المحاذية لها.
وقال وزير الدفاع خلوصي أكار في تصريح نقلته وكالة أنباء الأناضول الحكومية «أولويتنا هي وضع حد في أقرب الآجال لكل الهجمات التي تجري من الجو أو البر وضمان وقف إطلاق النار والاستقرار» في إدلب الواقعة شمال غرب سوريا والتي تتعرض منذ أيام لقصف مدفعي سوري وغارات جوية روسية.
بدورها، قالت الحكومة الألمانية إنها تجري محادثات مع حلفائها بشأن إمكانية نشر قوات عسكرية في سوريا، مما أثار انتقادا حادا من الحزب الديمقراطي الاشتراكي وفجر صراعا جديدا داخل حكومة المستشارة أنجيلا ميركل الائتلافية.
وقال المتحدث باسم الحكومة شتيفن زايبرت إن ألمانيا تبحث مع الحلفاء الأميركيين والأوروبيين مشاركتها العسكرية المحتملة إذا استخدمت قوات الحكومة السورية أسلحة كيماوية في إدلب، المعقل الرئيسي الأخير للمعارضة والتي تتعرض حاليا لقصف سوري وروسي مكثف.
وأضاف زايبرت في مؤتمر صحفي اعتيادي:«لم يطرأ موقف يستلزم اتخاذ قرار»، مضيفا أن البرلمان يجب أن يوافق أولا على أي قرار.
(ا.ف.ب-رويترز)