بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 كانون الثاني 2020 12:07م اغتيال سليماني.. ردود فعل متباينة تتوالى في ظلّ التحذير من "تصعيد خطير"

حجم الخط

لا تهدأ ردود الفعل المتباينة، ما بين مرحّبة ومستنكرة، لاغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوريّ الإيرانيّ قاسم سليماني. فالرجل الذي يعتبر من بين أهمّ الشخصيّات العسكريّة الإيرانيّة، التي تتولّى العمليّات الخارجيّة، شغل على مدى سنوات الساحة الإقليميّة والدوليّة، من خلال الدور الذي أوكل إليه بمتابعة ملفات أذرعة إيران في المنطقة، ليفتح اغتياله بابًا جديدًا من التصعيد الخطير الذي ينذر بأحداث من المبكر التنبؤ بها، قبل استيعاب الصدمة الإيرانيّة، والتطلّع إلى مستوى الردّ الذي ستعتمده طهران.

فبعدما أعلن البنتاغون أن الرئيس دونالد ترامب مر بقتل قاسم سليماني، غرّد وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، قائلاً إنّ العراقيين رقصوا في الشوارع من أجل الحرية، وردَّدوا "لا سليماني بعد اليوم"، مرفقًا فيديو يظهر احتفالات العراقيين في الشوارع بعد مقتل سليماني، وأضاف أنّ تلك الجموع خرجت تحتفل ثأراً لدم مَنْ قُتِلَ على يد ميليشيات إيران، في الاحتجاجات الأخيرة.

عمليّة الاغتيال أثارت قلقًا في الشارع الأميركيّ نفسه، عبّر عنه الديموقراطيّون على لسان رئيسة مجلس النواب الأميركيّ نانسي بيلوسي، التي اعتبرت أنّ اغتيال سليماني أثار خطر التصعيد في المنطقة، معربة عن قلقها من ذلك، وطالبت الإدارة الأميركيّة، بإبلاغ الكونغرس عن الوضع القائم حاليًا.

بيلوسي أضافت "لا يمكننا تعريض أرواح العسكريين الأمريكيين لخطر أكبر من خلال أعمال استفزازيّة وغير متناسبة. الغارة الجويّة التي تمت اليوم، تزيد من خطر إثارة تصعيد خطير لاحق للعنف. لا يمكن لأميركا والعالم كلّه، أن يسمحوا بأن تصل عملية تصعيد التوتر إلى نقطة اللاعودة".

رئيسة مجلس النواب الأميركي قالت أيضًا إنّ "الإدارة قامت بتنفيذ هجمات اليوم في العراق... من دون أن تحصل على إذن (الكونغرس) باستخدام القوة العسكريّة ضدّ إيران. بالإضافة إلى ذلك، تمّ اتخاذ هذه الإجراءات من دون التشاور مع الكونغرس".

واشنطن تطالب رعاياها بمغادرة العراق فوراً

هذا وطالبت واشنطن رعاياها في العراق، بمغادرة الأراضي العراقيّة فوراً، في أعقاب الغارة التي نفذتها الولايات المتحدة صباح اليوم، وأسفرت عن مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني.

أمّا في إيران، فدعا المرشد الأعلى علي خامنئي، إلى حداد لمدة 3 أيام، بعد مقتل قائد فيلق القدس، وأضاف أنّ "غياب سليماني يشعرنا بالمرارة، لكنّ الكفاح سيتواصل إلى حين تحقيق النصر وجعل حياة المجرمين أشدّ مرارة"، وتوعّد بانتقام عنيف، قائلاً "ينتظر المجرمين قتلة سليماني انتقام عنيف"، وإنّ "مقتل سليماني سيضاعف الدافع للمقاومة ضدّ الولايات المتحدة وإسرائيل".

من جانبه، قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إنّ بلاده ستكون أكثر تصميمًا على مقاومة الولايات المتحدة، فيما نقلت قناة "العالم" على "تليغرام" عن رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، أنّ "الشعب الإيراني لن يغضَّ الطرف عن دماء أبنائه الأبطال".

أما وكالة أنباء "فارس" فنقلت عن ممثل خامنئي في فيلق القدس، علي شيرازي، أنّ الانتقام لاغتيال الفريق قاسم سليماني واجب شرعي، و"سنحرم الأميركيين من النوم".

كما نقلت قناة "العالم" الإيرانيّة على "تليغرام"، عن وزير الدفاع الإيرانيّ، أمير حاتمي، قوله "سننتقم من كلّ من تورط في عملية اغتيال قاسم سليماني".

يأتي ذلك فيما توعّد محسن رضائي، رئيس مصلحة تشخيص النظام في إيران والقائد السابق للحرس الثوري، الولايات المتّحدة بـ "الانتقام من أميركا شرّ انتقام".

هذا ونقلت وكالة أنباء "فارس" شبه الرسمية، عن متحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أنّ المجلس سيجتمع، اليوم الجمعة، لبحث الهجوم الذي وصفته بـ "الإجراميّ"، الذي أودى بحياة قاسم سليماني.

من جهته، أكّد رئيس القضاء الإيراني إبراهيم رئيسي أنّ الانتقام من الولايات المتحدة الأميركيّة سيكون بأقسى طريقة ممكنة.

بينما أشار قائد الجيش الإيراني اللواء عبد الرحيم موسوي، إلى أنّ "اغتيال قاسم سليماني عمل إرهابيّ أميركيّ لن يمرّ من دون ردّ، وهو دليل على طبيعة إرهاب الدولة في الولايات المتحدة".

هذا وكان وزير الخارجيّة الإيرانيّ محمد جواد ظريف قد غرد معقبًا على مقتل سليماني قائلا: "عمل الإرهاب الدوليّ للولايات المتحدة الأميركيّة باستهداف واغتيال الجنرال قاسم سليماني -أكثر قوّة فعالة بمحاربة داعش، جبهة النصرة، القاعدة- خطير للغاية وتصعيد غبيّ.. الولايات المتحدة الأميركيّة تتحمل كلّ تداعيات مغامراتها المارقة".

ردود الفعل لم تقتصر على طهران وواشنطن وحسب، بل توالت التصريحات الدوليّة والعربيّة، التي علّقت على عمليّة الاغتيال، إذ حذّرت روسيا من أنّ مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، بضربة جوية أميركيّة في العراق، من شأنه تصعيد التوترات في الشرق الأوسط.

كما نقلت وكالتا ريا نوفوستي وتاس، عن وزارة الخارجيّة الروسيّة أنّ "مقتل سليماني... كان خطوة مغامرة ستفاقم التوترات في أنحاء المنطقة". وأضافت "سليماني خدم قضية حماية مصالح إيران القومية بإخلاص. تعازينا الصادقة للشعب الإيراني".

الصين تدعو للهدوء

في حين دعت الصين إلى "الهدوء وضبط النفس"، بعد مقتل سليماني في الغارة الأميركيّة على العراق.

العراق يصف الهجمة بالـ "عدوان"

أمّا العراق الذي جرت عمليّة الاغتيال على أراضيه، فأدان الهجمة الأميركيّة التي استهدفت أرضه وأسفرت عن مقتل سليماني، ووصف رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي الهجمة بالـ "عدوان".

الصدر يدعو لتجهيز "المجاهدين"

من ناحيته، أصدر المرجع الشيعي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عبر تويتر، أمراً بجهوزية "المجاهدين" وجيش الإمام المهدي وغيره من الفصائل العراقيّة المسلحة المتحالفة معه بهدف "حماية العراق".

الصدر وجه تعازيه للجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة في التغريدة، واصفاً مقتل قائد فيلق القدس، الجنرال قاسم سليماني، بـ "استهداف الجهاد والمعارضة والروح الثوريّة الدوليّة".

كما أعلن الأمين العام لعصائب أهل الحق، الشيخ ​قيس الخزعلي، أنّه "مقابل دماء قائد ​فيلق القدس ​في ​الحرس الثوري الإيرانيّ قاسم سليماني ​ زوال إسرائيل، ​ومقابل دماء نائب رئيس قوات ​الحشد الشعبي ​أبو مهدي المهندس ​هو زوال الوجود الأميركيّ من ​العراق​"، مشددًا على أنّه "يجب على كلّ المجاهدين والمقاومين الجهوزية فإنّ القادم فتح قريب".

دمشق تدين "العدوان الأميركيّ الجبان"

كذلك أدانت سوريا عبر إعلامها الرسميّ، الهجوم الأميركّ الذي أسفر عن مقتل سليماني، ووصفته "بالعدوان الأميركيّ الجبان".

حماس تدين "الجرائم الأميركية"

بدورها، أدانت حركة "حماس" "الجرائم الأميركيّة" المستمرة في زرع وبثّ التوتر في المنطقة، خدمة للعدو الصهيوني المجرم، محمّلة الولايات المتحدة مسؤوليّة "الدماء التي تسيل في المنطقة العربيّة".

الاحتلال يرفع حالة التأهب

أمّا سلطات الاحتلال الإسرائيليّ فقد رفعت حالة التأهب على الحدود مع لبنان وفي هضبة الجولان المحتلة، تحسبًا من ردّ فعل إيراني عقب اغتيال سليماني.

جيش الإحتلال قال في بيان، إنّه "إثر تقييم للوضع الأمنيّ تقرر عدم فتح موقع جبل الشيخ للزوار اليوم"، وأضاف "لا توجد تعليمات أخرى لسكان الجولان والمنطقة، والوضع العادي مستمر".

على أن يعقد وزير الحرب الإسرائيليّ نفتالي بينيت، مداولات لتقييم الوضع الأمنيّ إثر اغتيال سليماني، في مقر وزارة الحرب في تل أبيب، وبمشاركة رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي.

وفي السياق ذاته، قطع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو زيارته إلى اليونان، وعاد إلى الأراضي المحتلة صباح اليوم، لمتابعة التطورات الأمنيّة في أعقاب اغتيال سليماني.

في هذا الوقت، لا تزال ردود الفعل العربيّة والدوليّة تتوالى، على أن يكون الردّ الإيرانيّ محطّ ترقّب "لن يطول انتظاره"، وفق ما يؤكّد المسؤولون الإيرانيّون.

إعداد "اللواء"