تجمع أكثر من مليونين من الحجاج أمس عند صعيد عرفات عشية عيد الأضحى لأداء أهم أركان مناسك الحج، رافعين أياديهم إلى السماء ومرددين التلبية والتكبير.
ووصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز شهر ذي الحجة، إلى منى ليشرف على راحة حجاج بيت الله الحرام وما يقدم لهم من خدمات وتسهيلات ليؤدوا مناسكهم بكل يسر وسهولة وأمان.
وتلقى الملك سلمان والأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، برقيات تهنئة من عدد من ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك. وقد «أجيبوا ببرقيات شكر جوابية مقدرين ما أعربوا عنه من تمنيات طيبة ودعوات صادقة، سائلين المولى عز وجل أن يعيد هذه المناسبة على الأمة الإسلامية بمزيد من العزة والرفعة» بحسب وكالة الانباء السعودية (واس).
وأدى ضيوف الرحمن أهم شعائرهم، بعد أداء صلاتي الظهر والعصر جمع تقديم بعد خطبة عرفة، فيما اكتسى صعيد المسجد بالبياض، في ملمح يتكرر مرة واحدة كل عام.
وبدأ الحجاج بدخول مسجد نمرة منذ وقت مبكر من صباح اليوم التاسع من ذي الحجة، فيما امتلأت ساحات عرفة وشوارعها بصفوف أكثر من مليوني مصلٍ.
ومع اشتداد الحر في الصباح، حمل الآلاف من الحجاج الذين ارتدوا ملابس الاحرام البيضاء وكانوا يرددون التلبية، مظلات تقيهم حرارة الشمس.
وقدر عدد الحجاج هذا العام بنحو 2،4 مليون حاج، بحسب الهيئة العامة للاحصاء في السعودية.
وأعلنت السلطات السعودية، نجاح خطة تصعيد الحجاج يوم التروية إلى منى، وكذا خطة تصعيد الحجاج إلى عرفات عبر قطار المشاعر، وعبر آلاف الحافلات المخصصة لهم.
وهيأت السلطات الصحية 4 مستشفيات إلى جانب 46 مركزا صحيا ومئات الفرق الطبية بمختلف تخصصاتها، وتضم المستشفيات مختلف التخصصات الطبية، كالجراحة العامة، وجراحة المخ، والأعصاب، وغيرها.
وترافق الجهود الطبية في عرفات، جهود المديرية العامة للدفاع المدني لمراقبة ومتابعة حركة الحجاج بجبل الرحمة ومسجد نمرة من خلال أبراج مجهزة بمشعر عرفات في كل زواياه، إضافة إلى نشر مجموعة من الفرق المتخصصة في مجالات المراقبة والرصد والإنقاذ والإسعاف والإخلاء.
واستقبلت عرفات الحجاج بأكبر مشروع بيئي، لحمايتهم من ضربات الشمس، ولترطيب الطقس الحار في الصيف، من خلال 300 ألف شجرة «نيم» موزعة على صعيد عرفات، ومئات الآلاف من رشاشات المياه، التي ستخفض درجات الحرارة وتقي الحجاج من الغبار وضربات الشمس.
وتقول مصرية عرفت عن نفسها فقط باسم أم احمد (61 عاما) إنها تؤدي فريضة الحج هذا العام بعد تقاعدها.
وتضيف لوكالة فرانس برس مبتسمة «الشعور لا يوصف» موضحة أنها لن تصعد إلى أعلى قمة جبل عرفات مفضلة البقاء في الأسفل «هنا يكفي. فالسن له أحكامه».
لكنها أضافت «نحن هنا لنطلب الرحمة من الله. سأدعو لنفسي ولأولادي وللأمة الإسلامية». أما الباكستاني جاي سليم (37 عاما) الذي صعد إلى أعلى جبل الرحمة مع زوجته، فقال أنه بكى عندما قام بذلك.
وأضاف «الشعور رائع. لطالما رأيت هذا الموقع منذ طفولتي في الصور والتلفزيون». وتابع الرجل «هذا مكان مقدس لكل المسلمين في انحاء العالم».
وجلس بعض الحجاج للراحة بينما انشغل متطوعون بتوزيع قوارير مياه باردة عليهم.
وأمام لوحة صفراء كتب عليها بالإنكليزية والعربية «عرفات يبدأ هنا»، يقوم عمال بجمع قوارير مياه فارغة.
وقام بعض الحجاج بدفع أقاربهم المسنين على كراسي متحركة. ويجلس باعة امام منصات لبيع الفاكهة والقهوة وسجاجيد الصلاة، بينما تتواجد سيارات اسعاف قرب المكان.
ومساء الأحد شهدت منطقة مكة سقوط أمطار غزيرة.
ويعرف العديد من الحجاج مشقة يوم عرفة خصوصا مع الوقوف ليوم في درجة حرارة تتجاوز الأربعين.
وقالت الاميركية آمنة خان «نعرف ما الذي ينتظرنا. نعرف أنها ستكون مهمة شاقة ولكن نحن جميعا هنا للتقرب من الله سبحانه وتعالى وليتم غفران ذنوبنا والدعاء لعائلتنا وأصدقائنا».
ووصل الحجاج من مختلف بقاع الأرض لتأدية مناسك الحج في أحد أكبر التجمعات الدينية في العالم يجري في أجواء من الحر الشديد. ويعد الوقوف في عرفة ذروة مناسك الحج.
وتمتد فترة الوقوف بصعيد عرفة إلى فجر اليوم وهو أول أيام عيد الأضحى.
وسيؤدي الحجاج صلاتي الظهر والعصر جمعا بآذان واحد واقامتين.
وبعد الوقوف في عرفة، ينزل الحجاج إلى منطقة مزدلفة في ما يعرف بالنفرة، ويجمعون الحصى فيها لاستخدامها في شعيرة رمي الجمرات.
وفي اليوم الأول من عيد الأضحى، يقدم الحجاج الأضاحي ويبدأون شعيرة رمي الجمرات في مشعر منى.
ويشكل الحج تحديا لوجستيا كبيرا للسلطات التي أعلنت الجمعة أنها مستعدة لتأمين حسن سيره.
وأطلقت السلطات السعودية هذا العام مبادرة «حج ذكي» يتمثّل بتطبيقات هاتفية تساعد الحجاج في كل شيء من الترجمة إلى الخدمات الطبية مرورا بمناسك الحج.
ووضع الهلال الأحمر السعودي تطبيق «أسعفني» لمساعدة الحجاج الذين يحتاجون إلى مساعدة طبية عاجلة. وبامكان السلطات تحديد مكان الحجاج باستخدام التطبيق.
كما أطلقت وزارة الحج والعمرة تطبيق «مناسكنا» للترجمة للحجاج الذين لا يتكلمون العربية ولا الإنكليزية. ويترافق الحج عادة مع تدابير أمنية مشددة، إذ تخللته خلال أعوام سابقة حوادث تدافع أودى أحدها بنحو 2300 شخص عام 2015، بينهم عدد كبير من الإيرانيين. وبعد عامين من المقاطعة، عاد الإيرانيون إلى مكة العام الماضي.
وقال أمير مكة خالد الفيصل الأحد إن عدد الحجاج من إيران بلغ 86 ألفا. كما أشار إلى وصول 300 حاج قطري عبر الكويت لأداء المناسك.
(واس - أ ف ب - رويترز)