أكد مندوب السعودية لدى الوكالة الذرية الأمير عبدالله بن خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، أمس على أن عدم احتواء التهديد الإيراني بشكل حاسم سيؤدي إلى عدم استقرار المنطقة والعالم.
كلام المندوب السعودي جاء خلال اجتماع مجلس المحافظين للوكالة الذرية الذي عدل فيه الأوروبيون أخيرا عن طرح مشروع قرار ينتقد إيران وذلك في مسعى لحمل طهران للعودة الى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة.
وعلم من الجانب الفرنسي المشارك في الاجتماع أن الامر هو «تعليق مؤقت» بسبب «إشارات مشجعة» من جانب الإيرانيين.
وكان هذا المشروع الذي تقف وراءه ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والمدعوم من الولايات المتحدة، يندد بقرار إيران تقليص عمليات التفتيش المرتبطة ببرنامجها النووي.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية إنه «رغم الدعم الكبير» داخل مجلس الحكام «قررنا عدم طرح مشروع القرار» مؤكدة بذلك معلومات من مصادر دبلوماسية.
وأضافت الوزارة «يجب أن تثبت ايران الآن انها جدية في رغبتها باعادة اطلاق كاملة» للاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى بينها روسيا والصين.
وكان المندوب السعودي أكد أمس في كلمة أمام مجلس المحافظين أن على المجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم لوقف ممارسة الابتزاز والاستفزاز اللذين تمارسهما طهران.
وشدد على أن مسؤولية الحفاظ على نظام الضمانات الذي أصبح على المحك، تقع على عاتق الدول الأعضاء في مجلس المحافظين، لافتا إلى أن إيران تؤمن بسياسة الابتزاز النووي، كما أنها باتت مستمرة في تمهيد الطريق لامتلاك سلاح نووي.
وأضاف الأمير عبدالله بن خالد أنه «يجب أن تحدث مفاوضات مباشرة مع إيران للحصول على إجابات شافية»، مشيرا إلى أنه إذا أحسنت إيران النية يمكن التوصل إلى حلول.
في الأثناء أكد مصدر دبلوماسي فرنسي أن إيران قدمت مؤخرا «إشارات مشجعة» بشأن استئناف الدبلوماسية في ملفها النووي وبدء مفاوضات غير رسمية حوله مع القوى الكبرى منها الولايات المتحدة.
ونقلت وكالة «رويتر» عن المصدر قوله للصحفيين: «تسير الأمور في الاتجاه الصحيح وكانت هناك إشارات إيجابية هذا الأسبوع وخاصة في الأيام القليلة الماضية.. رصدنا أواخر الأسبوع الماضي تحركات لم نعهدها».
وأكد المصدر أن الهدف يكمن في جمع كافة الأطراف حول طاولة واحدة قبل عيد النيروز الفارسي، أي 20 آذار الجاري، مشيرا إلى أن النافذة قد تتضيق اعتبارا من منتصف نيسان مع إطلاق الحملة الانتخابية الرئاسية في إيران.
وقال: «نبذل قصارى الجهد كي يعقد هذا اللقاء في الأيام أو الأسابيع القادمة».
وأضاف المصدر أن مؤشرا إيجابيا آخر يكمن في ورود تقارير عن تعليق إيران المزعوم لعمليات تعدين اليورانيوم، على الرغم من أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تتأكد من صحتها.
وأكد المصدر أن قرار بريطانيا وفرنسا وألمانيا التخلي عن خطة لتبني مشروع قرار ينتقد إيران ضمن الوكالة الدولية للطاقة الذرية جاء من أجل إعطاء الدبلوماسية فرصة وعدم تقويض إمكانية عقد اجتماع نووي غير رسمي.
وترفض إيران حتى الآن المشاركة في محادثات غير رسمية مع القوى العالمية والولايات المتحدة بشأن إعادة إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 والذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وأكد المصدر الفرنسي «ما كنا لنحصل على تلك المؤشرات لو لم نستمر بالتهديد بالقرار حتى اللحظات الأخيرة»، مشيرا الى ان مجموعة الدول الثلاث تحتفظ بإمكان «طلب اجتماع طارئ لحكام» الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن لم يتحول التقدم الى واقع ملموس.
من جهتها، رحبت ايران بهذا القرار. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إن «تطورات اليوم قد تبقي مفتوحا طريق الدبلوماسية الذي بدأته إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية».
من جانبها، رحبت موسكو التي كانت حذرت في مطلع الأسبوع من «اجراءات غير مسؤولة»، بهذه الخطوة من قبل الدول الاوروبية الثلاث.
وقال السفير الروسي لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية ميخائيل اوليانوف إن «الحكمة انتصرت» مشيرا الى ان «مشروع القرار كان ليؤدي الى تصعيد لا يمكن ضبطه. الآن بات هناك فرصة نجاح حقيقية للدبلوماسية».
ومن بين مؤشرات التقدّم، قبول إيران الانخراط في «اجتماعات تقنية» مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل «توضيح قضايا عدة لا تزال عالقة»، وفق ما أعلنه أمس مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي.
وقال غروسي «نجحنا في نهاية المطاف في الاتفاق على إطلاق عملية تحليل معمّق» بشأن «حالات ملموسة» تطرح مشاكل، موضحا أن الاجتماع الأول سيعقد «في إيران مطلع نيسان».
ويريد غروسي تسوية هذه المشاكل بحلول الاجتماع المقبل لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حزيران.
وتبدي الوكالة الدولية للطاقة الذرية منذ أشهر مخاوف إزاء احتمال وجود مواد نووية في مواقع عدة غير معلنة، وهذه هي الملفات التي سيتم درسها.
والثلاثاء، أوردت صحيفة وطن امروز المحافظة من دون أن تذكر مصادرها أن الرئيس الإيراني حسن روحاني أمر بتعليق انتاج اليورانيوم المعدني في مصنع اصفهان في وسط البلاد. ولم تنف الحكومة هذه المعلومات فيما لم تتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من تأكيدها في هذه المرحلة.
(وكالات)