أكدّ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أمس، قدرة الرياض على التعامل مع «الاعتداءات الجبانة» التي استهدفت المنشآت الحيوية للمملكة.
وقال الملك سلمان خلال ترؤسه الجلسة، التي عقدها مجلس الوزراء، بعد ظهر أمس في قصر السلام بجدة «إن الاعتداءات لا تستهدف السعودية فحسب، إنما تستهدف إمدادات النفط العالمية، وتهدد استقرار الاقتصاد العالمي».
وقال وزير الإعلام السعودي تركي بن عبدالله الشبانة، في بيانه لوكالة الأنباء السعودية (واس) عقب الجلسة، أن مجلس الوزراء، جدد التأكيد على أن الهدف من هذا العدوان التخريبي غير المسبوق الذي يهدد السلم والأمن الدوليين «موجه بالدرجة الأولى لإمدادات الطاقة العالمية وأنه امتداد للأعمال العدوانية السابقة التي تعرضت لها محطات الضخ لشركة أرامكو السعودية باستخدام أسلحة إيرانية».
ودعا المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته في إدانة من يقف وراء ذلك والتصدي بوضوح لهذه الأعمال الهمجية التي تمس عصب الاقتصاد العالمي.
واطلع مجلس الوزراء السعودي، على ما عرضه وزير الطاقة عن الآثار الجسيمة التي نتجت عن ذلك الاعتداء التخريبي السافر على معامل شركة الزيت العربية السعودية «أرامكو السعودية» في بقيق وخريص.
وأكد المجلس، أن «هذا الاعتداء الجبان على أكبر وأهم معامل معالجة الزيت الخام في العالم، هو امتداد للاعتداءات المتكررة التي طالت المنشآت الحيوية، وهددت حرية الملاحة البحرية، وأثرت على استقرار نمو الاقتصاد العالمي».
كما أكد المجلس، أن «المملكة ستدافع عن أراضيها ومنشآتها الحيوية، وأنها قادرة على الرد على تلك الأعمال أياً كان مصدرها، وتهيب بالمجتمع الدولي أن يقوم بإجراءات أكثر صرامة لإيقاف هذه الاعتداءات السافرة التي تهدد المنطقة وأمن الإمدادات البترولية واقتصاد العالم، ومحاسبة وردع كل من يقف خلفها».
وأمس قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان إن المعروض النفطي للمملكة عاد بالكامل بعد الهجمات وإن المملكة ستصل بالطاقة إلى 11 مليون برميل يوميا بنهاية أيلول الجاري وإلى 12 مليون برميل يوميا بنهاية تشرين الثاني.
وأبلغ الوزير الأمير عبد العزيز بن سلمان خلال مؤتمر صحفي أن إنتاج النفط سيبلغ 9.89 مليون برميل يوميا في تشرين الأول وإن أكبر بلد مصدر للخام في العالم سيواصل إمداد عملائه بكميات كاملة في الشهر الحالي.
وقال إن السعودية ستصون دورها كمورد آمن لأسواق النفط العالمية، مضيفا أن المملكة بحاجة إلى أخذ إجراءات صارمة للحيلولة دون مزيد من الهجمات.
في غضون ذلك وصل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى السعودية ليل أمس للتباحث في رد الولايات المتحدة على الهجمات ضد منشآتها النفطية، التي تقول واشنطن إنها أطلقت من إيران بواسطة صواريخ عابرة.
وأعلن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس خلال كلمة في «هيريتدج فاونديشن» ان وزير الخارجية «سيتوجه إلى السعودية اليوم (أمس) لمناقشة ردنا».
واضاف «يبدو من المؤكد ان إيران كانت وراء هذه الهجمات (...) كما قال الرئيس، لا نريد حرباً مع أحد، ولكن الولايات المتحدة مستعدة».
وأكد «نحن جاهزون واصبعنا على الزناد، ومستعدون للدفاع عن مصالحنا وعن حلفائنا في المنطقة، يجب أن لا يكون لدى أحد شك في ذلك».
وأعلن مسؤول اميركي أمس لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه أن واشنطن متأكدة من أن الصواريخ التي استهدفت السعودية مصدرها إيران.
ورغم اعلان المتمردين الحوثيين المقربين من إيران مسؤوليتهم عن القصف إلا أن اجهزة الاستخبارات الأميركية تقول ان هناك عناصر تسمح بتحديد مصدر الاطلاق، وفقا للمسؤول الذي رفض الكشف عن هويته.
وأضاف أن الإدارة الأميركية تحضر ملفا لإثبات ذلك وإقناع المجتمع الدولي، وضمنه الأوروبيون، خلال اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل.
كما قال ثلاثة مسؤولين أميركيين، اشترطوا عدم نشر أسمائهم لرويترز، إن الهجوم على منشأتي النفط بالسعودية شمل طائرات مسيرة وصواريخ كروز، مما يظهر أن الهجوم شمل قدرا من التعقيد والتطور أعلى مما كان يُعتقد في بادئ الأمر.
أما الرئيس دونالد ترامب، فقال الاثنين انه يريد ان يكون متأكدا من مصدر الهجوم، كما انه يرغب بالتشاور مع الرياض بشأن أي رد محتمل.
وأمس استعاد بنس الصياغة الحذرة للرئيس قائلا «يبدو» ان ايران تقف وراء هذه الهجمات. وقال «تقوم أجهزة استخباراتنا بتحليل الأدلة في هذه اللحظة بالذات»، مضيفا أن ترامب سيقرر ما يجب القيام به «في الأيام المقبلة».
في غضون ذلك، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أنّ «الولايات المتحدة في حالة إنكار» للواقع لرفضها ان تصدق أنّ الهجمات انطلقت من اليمن وليس من بلاده.
وقد رفض المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي في وقت سابق اليوم احتمال التفاوض مع الولايات المتحدة.
كما أعلن ترامب أمس أنّه يفضّل أن لا يلتقي نظيره الإيراني حسن روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وقال ترامب ردّاً على سؤال لأحد الصحافيين عمّا إذا كان من الممكن أن يلتقي روحاني في نيويورك «أنا لا أستبعد شيئاً أبداً، لكنّي أفضّل أن لا ألتقيه».
إلى ذلك دعا وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان في القاهرة الى «وقف التصعيد» في الخليج.
وقال لودريان «لقد أشرنا الى رغبتنا المشتركة في وقف التصعيد (..) ونعتقد أنه من الضروري تضافر كل الجهود من أجل وقف التصعيد».
كما دعت بريطانيا وألمانيا المجتمع الدولي أمس إلى تشكيل «رد جماعي» على الهجمات. وتراجعت أسعار النفط بنسبة خمسة بالمئة أمس بعد ارتفاع اليوم السابق، اثر توقعات عدد من المحللين عودة الانتاج السعودي إلى سابقه خلال فترة اقصر من المتوقع.
(أ ف ب - رويترز)