في سابقة منذ بدء الهجمات الصاروخيّة ضدّ المصالح الأميركيّة في العراق قبل ثمانية أشهر، يعيش العراق منذ ليل أمس، تصعيدًا أمنيًا تمثّل بمداهمة قوات الأمن العراقيّة مقرّ "كتائب حزب الله" الموالية لإيران، جنوب بغداد، واعتقلت ثلاثة من قادته، وصادرت صواريخ كانت معدّة للإطلاق، ما دفع الميليشيا إلى الردّ بكيل من التهديد والاتّهامات بالعمالة بحقّ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.
في التفاصيل، أفادت وكالة الصحافة الفرنسيّة بأنّ قوة من جهاز مكافحة الإرهاب، اعتقلت عددًا من عناصر الميليشيا، بحسب ما أكد مسؤولون للوكالة، بينما قال مصدر حكوميّ ومسؤولان أمنيان آخران، إنّ الأشخاص الذين تمّ اعتقالهم في منطقة الدورة، في جنوب بغداد، ضبطوا وفي حوزتهم صواريخ معدة للإطلاق.
في السياق أيضًا، أبلغ مسؤول في الحكومة العراقيّة،
وكالة "رويترز"، في وقت متأخر أمس، أنّأحد الزعماء الثلاثة
المحتجزين في عمليّة مداهمة مقر "كتائب حزب الله" في بغداد هو إيرانيّ
الجنسية. لكنّ الوكالة
لم تذكر أيّة تفاصيل أخرى بشأن هويّة هذا الإيراني.
ردّ الميليشيا على ما أصابها لم يتأخّر، بل جاء على لسان المتحدث الأمنيّ باسمها، فشنّ هجومًا عنيفًا على رئيس الحكومة العراقيّة مصطفى الكاظمي، واصفًا إياه بعميل الأميركيين و"المسخ الغادر"، مهددًا إياه بالعقاب و"العذاب"، قائلاً: "نتربّص لكم"، مقرًّا بأنّ ميليشيات حزب الله، حاصرت بعض المناطق في العاصمة، لا سيما في المنطقة الخضراء التي تضمّ مؤسسات عامة، وسفارات، ومراكز رسميّة، فضلاً عن مساكن لمسؤولين عراقيّين في الدولة.
كما زعم المتحدّث أنّ أنصار الميليشيات، الذين جابوا شوارع العاصمة في وقت سابق فجر اليوم الجمعة، مستعرضين قوّتهم وسلاحهم، وموجّهين رسائل تهديد ووعيد ضدّ كلّ من يمسّهم، أطلقوا سراح العناصر الذين اعتقلوا ليل الخميس، إثر مداهمة قوّة من مكافحة الإرهاب لأحد مراكز هذا الفصيل في العراق، حيث وجدت صواريخ معدّة للإطلاق، بحسب ما أفاد مسؤول حكومي في وقت سابق.
في المقابل، نقلت "رويترز" أنّ مسؤولين
حكوميّين ومصادر شبه عسكريّة قدّموا روايات "متضاربة" لما حدث بعد عمليّة
المداهمة. ففيما ذكر
مسؤول حكوميّ أنّ من اعتقلوا نقلوا بعد فترة قصيرة إلى الجناح الأمنيّ لقوات الحشد
الشعبي، نفى مسؤول
حكوميّ آخر ذلك، وقال إنّ المعتقلين لا يزالون محتجزين لدى أجهزة الأمن.
كما ذكرت المصادر أعدادًا مختلفة للمعتقلين. وقال
مسؤول من الحشد الشعبيّ إنّ العدد 19، بينما أفاد مسؤول حكوميّ بأنّ العدد 23.
بالتزامن، نشر عدد من العراقيين مقاطع مصوّرة تظهر تجوّل سيارات عدة محملة بعناصر موالية لحزب الله، محمّلين بالسلاح، ومندّدين بمحاولة المسّ بأيّ منهم، وسط شوارع العاصمة، لا سيما في محيط المنطقة الخضراء، في رسالة تهديد للقوات الأمنيّة، بخاصة رئيس الحكومة و"جهاز مكافحة الإرهاب"، الذي نفّذ المداهمة الليليّة.
(سيارات الميليشيات تجوب العاصمة العراقية)
تأتي هذه التطورات بعدما كان رئيس الحكومة العراقيّة مصطفى الكاظمي، قد أكد سابقًا أنّه سيكون صارمًا مع الفصائل المسلحة التي تستهدف منشآت أميركيّة. كما توعّد في لقاء مع إعلاميين وصحافيين أمس الخميس، بشنّ حملة ضد "الفاسدين". إذ نقلت عنه وكالة الأنباء العراقيّة (نينا) قوله: "الفساد أخطر من الإرهاب، لأنّه يساعد الإرهابيين، وستكون لدينا حملة لمتابعة أسباب هذا الفساد وملاحقة الفاسدين.
لكنّ واقعة المداهمة وما تلاها من تصعيد، تسلّط الضوء أيضًا على مدى صعوبة مواجهة بعض الفصائل، لا سيما التي توصف في البلاد بالـ "ولائية" أيّ الموالية لإيران.
فميليشيا "كتائب حزب الله" تنشط في العراق وسوريا وصنّفتها واشنطن تنظيمًا إرهابيًا عام 2009، كما تتّهمها بإطلاق صواريخ على قواعد تستضيف القوات الأميركيّة ومنشآت أخرى في العراق.
أمّا جهاز مكافحة الإرهاب الذي يضمّ قوات النخبة، والذي نفّد عملية الدهم والاعتقال، فيعدّ الأفضل عتادًا وتدريبًا في البلاد، وقد أنشأه الأميركيّون بعيد الغزو عام 2003، وعادة ما تناط به المهمات الأكثر صعوبة.
إعداد: اللواء