بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 حزيران 2020 08:12م بغداد تُخاطب مينيابوليس: "نحن أيضًا نُريد أن نتنفّس"

حجم الخط
"هذا وعد هذا وعد، تكساس ما تسكت بعد". بعد 17 عامًا من دخول القوات الأميركية لبلادهم، وثمانية أشهر من أكبر الاحتجاجات التي شهدتها بلاد الرافدين، يبعث العراقيون رسائل تضامنية وتحذيرات وتوجيهات عملانية إلى المتظاهرين في الولايات المتحدة.

سواء في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، أو على منصة "تويتر"، يُراقب العراقيون الاحتجاجات غير المسبوقة التي أثارها مقتل جورج فلويد.

يقول ياسين علاء ابن العشرين عامًا في إحدى خيم المتظاهرين في ساحة التحرير المركزية وسط العاصمة: "أعتقد أن ما يفعله الأميركيون شجاع، ويجب أن يكونوا غاضبين، لكن أعمال الشغب ليست الحل".

ولم يبق سوى بضع عشرات من العراقيين في الخيم في ساحة الاحتجاجات الرئيسية في بغداد، التي شهدت قبل أشهر فقط إطلاق قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي على المتظاهرين، الذين ردّوا بالحجارة أو في بعض الأحيان بزجاجات مولوتوف.

وخلّف عنف التظاهرات أكثر من 550 قتيلًا، لكن أحدًا لم يتعرّض للمحاسبة تقريبًا، وهو بحسب عراقيين، مُشابه لحالات الوفاة على أيدي رجال الشرطة في الولايات المتحدة.

لذا، يسعى العراقيون اليوم إلى مشاركة خبراتهم ودروسهم المستفادة، خصوصًا أن كثيرين منهم ما زالوا يؤمنون بـ"الحلم الأميركي".

يقول علاء لوكالة "فرانس برس" متوجّهًا إلى الأميركيين: "لا تُضرموا النار بأي شيء. ابقوا بعيدين عن ذلك، لأن الشرطة ستُعاملكم بالقوة منذ البداية وقد تتصرّف بشكل غير متوقع"، مضيفًا أن الأهم من ذلك، هو وحدة الصف.

ويتابع "إذا اتحد السود والبيض ونبذوا العنصرية، فلا يمكن للنظام أن يوقفهم أبدًا".

"ظلم" مشترك

وجد العراقيون في كل أنحاء البلاد أوجه تشابه بين جذور الاحتجاجات الأميركية ومجتمعهم.

يقول حيدر كريم (31 عاما)، الذي تعيش أسرته في الولايات المتحدة وقد شارك في الاحتجاجات المطلبية في ساحة التحرير: "إنها حرب عرقية في الولايات المتحدة ، بينما هنا هي حرب سياسية وطائفية".

ويضيف لوكالة "فرانس برس": "لكن الشيء المشترك بيننا هو الظلم".

وللعراق تاريخه الخاص في العنصرية، وخصوصًا ضدّ أبناء أقلية من أصول إفريقية في جنوب البلاد تعود بجذورها إلى عرق البانتو في شرق إفريقيا.

ففي العام 2013، قُتل القيادي العراقي من أصول إفريقية جلال ذياب بالرصاص في مدينة البصرة الغنية بالنفط، لكن التمييز ضد هذه الأقلية غير عنيف في الغالب.

يقول أحد أبناء هذه الأقلية علي عصام (34 عامًا)، الذي أخرج مسرحية شعبية حول احتجاجات العراق العام الماضي إن "عنصريتنا مختلفة عن عنصرية الولايات المتحدة".

ويضيف: "هنا يطلقون النكات والمزاح عن السود، ولكن في الولايات المتحدة إذا كنت أسود فالبعض يعتبرك تهديدا".

امتد التضامن إلى وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا، مع قيام العراقيين بتعديل هتافاتهم وشعاراتهم الاحتجاجية لتتناسب مع الولايات المتحدة.

ففي أحد مقاطع الفيديو، يظهر عراقي مسن وهو ينشد "هوسة" أي هتاف إيقاعي موزون يشتهر به العراقيون في الأفراح والأتراح وكان أساسيًا في الاحتجاجات، ليُحاكي الهبة الأميركية قائلًا: "هذا وعد هذا وعد تكساس ما تسكت بعد"، وممازحا "كنتاكي ما نأكل بعد".

وينصح هذا المسنّ الأميركيين بالحفاظ على عفوية واستقلالية احتجاجاتهم ومنع أي تدخّل أجنبي "من السفارات العربية فيها"، على غرار تحذيرات الحكومة الأميركية للعراقيين العام الماضي.

واستخدم ناشطون آخرون هاشتاغ "أميركا تنتفض"، في نسخة عن الشعار الشعبي المستخدم في احتجاجات العراق ولبنان.

وترجم البعض الكلمات الأخيرة لفلويد وحوّلوها إلى هاشتاغ "نحن أيضا نريد أن نتنفس".

"يذكرنا ببغداد"

على الرغم من ذلك، لم تكن كل المقاربات باعثة على الارتياح.

فقد قال حاكم مينيسوتا، حيث تقع مينيابوليس، إن عنف الشوارع "يُذكّرنا بمقديشو أو بغداد".

والقوات التي نشرها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لفترة وجيزة لتهدئة الاضطرابات في واشنطن العاصمة، كانت من الوحدة 82 التي عادت لتوها من عملها في العراق.

وقال مرشح "الحزب الديموقراطي" ونائب الرئيس الأميركي السابق جو بايدن إن "ترامب يستخدم الجيش الأميركي ضد الشعب الأميركي".

لكن العراقيين ردّوا على ذلك بقوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي قائلين: "توقّفوا عن ربط بغداد بالاضطرابات".

وقد اتجه آخرون إلى السخرية.

وتعليقًا على مقاطع فيديو لحشود اقتحمت متاجر في مدن أميركية، سارع العراقيون إلى اقتباس قول غير محبّب من وزير الدفاع الأميركي السابق دونالد رامسفيلد في العام 2003، ردًا على سؤال صحافي حول عمليات نهب واسعة النطاق والفوضى في بغداد بعد الغزو الأميركي.

حينها كان جواب رامسفيلد إن "الفوضى والنهب هما نتيجة طبيعية للانتقال من الديكتاتورية إلى دولة حرة".

(ا ف ب)