دعت لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا امس الفصائل المسلحة الى مغادرة المناطق السكنية في ادلب لحماية المدنيين من الهجوم الوشيك لقوات النظام على المحافظة، التي تعد آخر معقل للفصائل الجهادية والمعارضة في سوريا في حين قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل امس إن ألمانيا لا يمكنها أن تدير ظهرها لدى حدوث هجوم كيماوي في سوريا.
من جهتها، قالت مصادر تركية ومن المعارضة السورية إن تركيا تعزز مواقعها العسكرية داخل محافظة إدلب في مسعى لردع هجوم النظام تقول إنه قد يؤدي لكارثة إنسانية على حدودها.
وقالت ميركل لمجلس النواب «لا يمكن أن يكون الموقف الألماني هو مجرد قول «لا»، بصرف النظر عما يحدث في العالم».
وقال ماس في مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية نشرها موقع الوزارة إن ألمانيا تعطي الأولوية للسبل الدبلوماسية للحيلولة دون استخدام أسلحة كيماوية وإن أي إجراء ألماني سيتم بحثه مع النواب الألمان.
جاء ذلك بعد أيام من تصريح الحكومة الألمانية بأنها تجري محادثات مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين بشأن إمكانية المشاركة في عمل عسكري.
من جهته، قال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان إن القصف العشوائي الذي تنفذه القوات الروسية والسورية والإيرانية على محافظة إدلب قد يصل إلى حد جرائم حرب.
وقال لو دريان لنواب في البرلمان «لا يمكن استبعاد فرضية جرائم الحرب... بمجرد أن يبدأ المرء في قصف السكان المدنيين والمستشفيات عشوائيا».
وقال لو دريان «الوضع خطير للغاية. نحن على شفا كارثة إنسانية وأمنية هائلة».
وأضاف أنه ينبغي بذل الجهود على الفور استعدادا لأزمة إنسانية كبرى إذا تسببت المعارك في نزوح الآلاف.
من جهة اخرى، قالت مصادر تركية ومن المعارضة السورية إن تركيا تعزز مواقعها العسكرية داخل محافظة إدلب.
وخلال اجتماع في طهران الجمعة الماضي مع رئيسي روسيا وإيران، كان ينظر له على أنه آخر فرصة واقعية لتفادي هجوم شامل في المحافظة التي تسيطر عليها المعارضة، فشل أردوغان في انتزاع تعهد من أكبر داعمين للأسد بوقف إطلاق النار.
لكن وزير دفاعه خلوصي أكار يقول إن تركيا لا تزال عازمة على وقف الضربات الجوية المستمرة منذ أسابيع على إدلب وتأجيل الهجوم البري بينما يحذر مسؤولون من أن تركيا سترد إذا تعرضت قواتها في إدلب للقصف.
وأبلغ ثلاثة من مسؤولي الأمن والحكومة التركية «رويترز» بأنه جرى إرسال جنود ومركبات مدرعة وعتاد إلى الحدود السورية.
وذكر مصدر أمني كبير أن الجيش عزز 12 موقعا للمراقبة العسكرية داخل إدلب نفسها.
وقال المصدر «لدينا وجود عسكري هناك وإذا تعرض الوجود العسكري لضرر أو هجوم بأي شكل، فسيعتبر ذلك هجوما على تركيا وسيقابل بالرد المطلوب».
وقال قيادي كبير في المعارضة السورية إن تركيا أرسلت عشرات المركبات المدرعة والدبابات بالإضافة إلى مئات من أفراد القوات الخاصة إلى إدلب وهي خطوة قال إنها مؤشر على أن إدلب لن تلقى مصير المناطق الأخرى التي كانت خاضعة للمعارضة.
وقال مصطفى سيجري إن هناك تعزيزات كبيرة للقوات التركية داخل سوريا وإن مواقع المراقبة هذه أصبحت في الواقع قواعد عسكرية دائمة.
ولا يعلق الجيش التركي على تحركات القوات لكن لقطات لتلفزيون «رويترز» أظهرت قوافل عسكرية متجهة إلى المنطقة الحدودية في الأسبوع الماضي.
وقالت مصادر من المعارضة إن تركيا زادت أيضا الإمدادات لقوات المعارضة في إدلب في الأيام القليلة الماضية بما في ذلك الذخيرة والصواريخ.
على جبهة أخرى في سوريا، أكد التحالف الدولي بقيادة أميركية بدء قوات سوريا الديموقراطية المؤلفة من فصائل كردية وعربية المرحلة النهائية من عملياتها ضد الجيب الأخير لتنظيم داعش في محافظة دير الزور (شرق).
وقال رئيس لجنة التحقيق الدولية بشأن سوريا باولو بينيرو في مؤتمر صحافي في جنيف «معظم تلك المجموعات الارهابية ومجموعات مسلحة أخرى موجودة في المدن.
واعتبر بينيرو أن «كثافة السكان والمجموعات المسلحة التي تم نقلها الى ادلب كانت بمثابة قنبلة موقوتة»، في اشارة الى مقاتلي المعارضة والمدنيين الذين تم اجلاؤهم على مراحل من مناطق أخرى في البلاد اثر هجمات واسعة لقوات النظام.
وشدد على أن «كافة الكوارث» التي شهدتها مدن أخرى في سوريا اثر شن هجمات واسعة عليها «ستكون بمثابة أحداث بسيطة مقارنة مع ما يمكن أن يحدث في ادلب».
ودفع تصعيد القصف على ادلب ومحيطها منذ مطلع الشهر الحالي، أكثر من ثلاثين ألف شخص الى النزوح حتى يوم الأحد وفق الأمم المتحدة.
إلا أنه مع تراجع وتيرة القصف الذي اقتصر امس على قذائف متفرقة بحسب المرصد السوري، بدأ سكان بالعودة الى قراهم التي نزحوا منها.
وقال أبو عمار بعد عودته الى بلدة الهبيط في جنوب ادلب «نزحت قبل يومين بعدما استهدفنا النظام بالغارات والبراميل المتفجرة. ولكن مع توقف الطيران منذ أمس عدنا الى بيتنا».
وشكل الوضع في ادلب محور جلسة عقدها مجلس الأمن ليل الثلاثاء في وقت حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن شنّ هجوم شامل «سيطلق العنان لكابوس إنساني لم يسبق له مثيل في الصراع السوري الدموي».
وشدّد غوتيريش في تصريحات من الامم المتحدة على ضرورة تعاون روسيا وإيران وتركيا «أكثر من أي وقت مضى لإيجاد وسيلة لعزل الجماعات الإرهابية وتفادي أن يدفع المدنيون ثمن الحلّ في إدلب».
في عمان، دعا العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني امس الى «تكثيف الجهود» من أجل إيجاد حل للنزاع في سوريا «يحفظ وحدة سوريا واستقرارها»، حسب ما افاد بيان صادر عن الديوان الملكي.
وقال البيان ان الملك عبد الله شدد خلال استقباله لوفد من مجلس أمناء جمعية الشؤون الدولية على «أهمية تكثيف الجهود لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، يحفظ وحدة سوريا واستقرارها، ويحقق تطلعات الشعب السوري بالعيش في وطنهم بأمن وسلام».
(ا.ف.ب - رويترز)