أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس عن تشديد للعقوبات المفروضة على إيران سيتم الإعلان عنها خلال 48 ساعة، وستكون قوية جدًا، وذلك غداة إعلان واشنطن أنها تدرس خيارات الرد على احتمال تورط إيران المباشر في الهجوم على المنشأتين التابعتين لشركة النفط السعودية «أرامكو»، نهاية الأسبوع الماضي.
ونشر ترامب في تغريدة على حسابه بموقع تويتر: «لقد أصدرت توجيهات لوزارة الخزانة الأميركية الآن، لزيادة العقوبات على إيران بشكل كبير».
وقال ترامب في تصريح للصحفيين بمطار لوس أنجلوس أمس « الولايات المتحدة في موقف قوي جدًا الآن، ولدينا أقوى جيش في العالم، وجميع الخيارات مطروحة في التصدي لإيران بما فيها خيار المواجهة العسكرية، ولكننا سننتظر ونرى ما ستؤول إليه الأوضاع».
وأمس أكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال اتصال هاتفي تلقاه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رغبة بلاده في إجراء تحقيق بمشاركة دولية، بشأن الهجمات الإرهابية وذلك «ليطمئن المجتمع الدولي إلى سلامة إجراءاته» بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس).
وعبر بوتين خلال الاتصال عن «إدانته الشديدة» للاعتداءات التي طالت البنية التحتية الاقتصادية، خصوصا أنها تؤثر على الإمدادات النفطية للأسواق العالمية.
كما أعلن الرئيس الروسي استعداد بلاده للمشاركة مع الخبراء الدوليين في التحقيق لمعرفة مصدر تلك الهجمات.
وجرى أيضا خلال الاتصال، بحث السبل الكفيلة لاستقرار أسواق الطاقة، بما يدعم الاقتصاد العالمي.
ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مستقبلا بومبيو (واس)
وأمس أفادت مصادر دبلوماسية لوكالة فرانس برس أن خبراء من الامم المتحدة سيصلون إلى السعودية لإجراء تحقيق دولي في الهجمات.
وقال أحد هذه المصادر مشترطا عدم نشر هويته إن «اجراء تحقيق دولي هو أمر جيد جدا»، فيما أكد دبلوماسي أن هؤلاء الخبراء هم في طريقهم إلى السعودية أو قد يكونون وصلوا إليها.
من جهته أكّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في مستهلّ زيارة للسعودية أمس أن الهجوم الذي استهدف منشأتين نفطيتين في السعودية السبت هو «عمل حربي» شنّته إيران وليس المتمرّدون الحوثيون الذين هدّدوا من جهتهم بضرب «عشرات الأهداف» في الإمارات.
واستقبل الأمير محمد بن سلمان أمس الوزير الأميركي لبحث تداعيات الاعتداء على منشأتي أرامكو بحسب (واس).
وقال بومبيو لصحافيين كانوا يرافقونه في الطائرة التي أقلّته الى جدّة إن الهجوم «لم يكن مصدره الحوثيون. كان هجوماً إيرانياً. إنّها ليست مسألة يمكنك تلزيمها لتدمير خمسة في المئة من إمدادات الطاقة في العالم، والاعتقاد أنه بإمكانك التنصّل من المسؤولية».
ووصف بومبيو الهجوم بأنه «عمل حربي»، مؤكداً أن ما «يزعمه كذباً» الحوثيون عن مسؤوليتهم عنه لا يخفي «بصمات آيات الله» الإيرانيين عن اعتداء «هدّد إمدادات الطاقة العالمية».
وأوضح الوزير الأميركي أن الأسلحة التي تم استخدامها في الهجوم «ليست أسلحة يمكن أن تكون في حوزة الحوثيين»، مشدّداً على أنّ مصدر الهجوم «لم يكن من الجنوب»، أي من اليمن، مضيفاً «نعلم بأن الإيرانيين لديهم أنظمة لم ينشروها في أي مكان خارج بلادهم». وقال أيضاً أنّ «لا إثبات على أن (الهجوم) مصدره العراق».
وقبيل اللقاء قال الوزير الأميركي للصحافيين «مهمتي هنا أن أعمل مع شركائنا في المنطقة، كما أننا نعمل مع شركائنا الأوروبيين»، مضيفا «نعمل على بناء تحالف لوضع خطة لردعهم».
وبعثت إيران برسالة إلى الولايات المتحدة نفت فيها أي دور لها في الهجمات، محذرة من أي تحرّك ضدها، حسبما أفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية أمس.
لكن وزارة الدفاع السعودية عقدت مؤتمرا صحفيا أمس وعرضت فيه حطام طائرات مسيرة وصواريخ قالت إنها أدلة على العدوان الإيراني «لا يمكن دحضها».
وقال المتحدث العسكري العقيد الركن تركي المالكي في مؤتمر صحافي في الرياض عرضت فيه بقايا صواريخ وطائرات مسيرة «الهجوم انطلق من الشمال (...) وبدعم من إيران بدون أدنى شك».
وأضاف «نواصل تحقيقاتنا لتحديد الموقع الدقيق الذي انطلقت منه الطائرات المسيرة والصواريخ».
وقال المالكي إن الهجوم الإرهابي الذي تم بواسطة 7 صواريخ كروز و18 طائرة مسيرة، جاءت إلى المملكة من الشمال وليس من الجنوب، حيث يقع اليمن، فضلا عن أن ميليشيات الحوثي «لا تمتلك مثل هذه الأسلحة»، في إشارة إلى طائرات مسيرة والصاروخ الإيراني «يا علي».
وكانت إيران قد كشفت عن صاروخ «يا علي» من نوع كروز قبل 5 أعوام، وأعلنت وقتها أن مداه يصل لـ700 كيلومتر، وهو أكثر من ضعف المدى الذي تصله صواريخ كروز الإيرانية السابقة.
وقطع المالكي الشك باليقين، عندما قال إن تحليل بقايا الأسلحة التي استخدمت في الهجوم تظهر أنها إيرانية الصنع، مؤكدا أن طهران تملك التقنية الخاصة بهذه الطائرات، كما أكدت الأرقام التسلسلية أنها إيرانية.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع السعودية إن «هذه الأدلة لا تبقي أي مجال للشك بشأن وقوف إيران وراء هذا الاعتداء الإرهابي»، مشيرا إلى سوابق نظام طهران ووكلائه في زعزعة استقرار المنطقة واستهداف المدنيين، والمنشآت النفطية والاقتصاد العالمي.
وفي اليمن هدّد المتمردون الحوثيون أمس بشن هجمات ضد مدن إماراتية بينها أبوظبي ودبي، مؤكّدين أن لديهم «عشرات الأهداف» في الإمارات.
وقال يحيى سريع المتحدث باسم قوات المتمردين في مؤتمر صحافي في صنعاء «لدينا عشرات الأهداف ضمن بنك أهدافنا في الإمارات منها في أبوظبي ودبي، وقد تتعرض للاستهداف في لحظة».
وأضاف «للنظام الإماراتي نقول: عملية واحدة فقط ستكلفكم كثيراً، ستندم نعم ستندم اذا ما قررت القيادة اصدار توجيهاتها للقوات المسلحة بتنفيذ أي عملية رد خلال الايام او الأسابيع القادمة».
دبلوماسياً، بحث الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في اتصال هاتفي أمس ضرورة توصل المجتمع الدولي الى «ردّ دبلوماسي موحد» على هجمات أرامكو، مشدّدين على «وجوب عدم تمكين (طهران) من حيازة السلاح النووي»، بحسب ما أعلنت لندن.
وردا على تغريدة ترامب بشأن تشديد العقوبات قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إنّ واشنطن «تتعمد استهداف» المدنيين الايرانيين، وخصوصاً بعدما حملت الولايات المتحدة ايران مسؤولية الهجمات على منشآت نفطية في السعودية.
وكتب ظريف على تويتر أن ترامب عبر إعلانه عقوبات جديدة على طهران، «انما يقر بأن الولايات المتحدة تستهدف عمدا مدنيين عاديين»، واصفا الاجراءات الاميركية بانها «غير قانونية وغير انسانية».
الى ذلك أعلنت الكويت أمس أنّها «رفعت حالة الاستعداد القتالي لبعض وحدات» الجيش في «إجراء احترازي» بعد تقارير أفادت عن اختراق طائرة مسيّرة أجواء البلاد في نفس اليوم الذي تعرّضت فيه منشآت نفطية في السعودية لهجمات غير مسبوقة.
وقالت رئاسة أركان الجيش في بيان إنّه «نظراً لما تمرّ به البلاد من أوضاع متصاعدة، تعلن رئاسة الأركان العامة للجيش عن رفع حالة الاستعداد القتالي لبعض وحداتها».
وأوضح البيان أن هذا الإجراء يندرج «ضمن الإجراءات الاحترازية الواجب اتخاذها في مثل هذه الظروف حفاظاً على أمن البلاد وسلامة أراضيها ومياهها وأجوائها من أي أخطار محتملة».
وأضاف أنّه «في هذا الصدد يقوم الجيش الكويتي بتنفيذ التدريبات الجوية والبحرية للوصول إلى أعلى درجات الجاهزية والكفاءة القتالية».
وكانت صحيفة «الرأي» الكويتية ذكرت أنّ طائرة مسيرة بحجم سيارة صغيرة هبطت فجر السبت إلى ارتفاع 250 متراً وحلّقت فوق قصر أمير الكويت قبل أن تنير أضواءها وتغادر الموقع.
وعقب ذلك أعلن مجلس الوزراء «إجراء تحقيق شامل وفوري بشأن تحليق طائرة مسيرة في مناطق على الجانب الساحلي من مدينة الكويت»، مشددا على «ضرورة تشديد الإجراءات الأمنية حول المواقع الحيوية داخل البلاد».
(أ ف ب - رويترز - واس - سكاي نيوز)