مرّت سنوات عجاف على اللبنانيين وهم يُشيّعون الأيام باللعنات كلّ مساء، وتنتعش تمنياتهم مطلع كل نهار بأن يأتي هذا اليوم «بما لم تستطعه الأوائل» من استقرار ورغد عيش وراحة بال وكرامة وأمان وتفاهم ومحبة.. وإرساء الإنتماء غير المشروط إلى الوطن!
بالنسبة إلى لقمة العيش، انتظر الجميع أن يَشبع «أكلة الجبنة» لربما يحظى الناس بفُتات يُقيم أودهم وأود عيالهم، ويُوقف هجرة فلذات أكبادهم.
وبالنسبة إلى الوضع الداخلي، انتظر الجميع «أن يهدّي الله» الزعماء والمتزعمين و«الزوعيميين» وأشباه الزعماء والطامعين بالزعامة، وكل «من ركب على ظهرنا»، وأن يتركونا نهنأ بالعيش أشهراً قليلة، أو حتى أسابيع، من دون نكد ومُساجلات وجرّ البلد إلى الصدام وحافة الإنفجار والتفكك.. «عالصغيرة والكبيرة».
أما بالنسبة إلى السياسة الإقليمية والدولية، فالجميع انتظر وراهن على تطور الأحداث الإقليمية، وهدوء بقايا براكين «الربيع العربي»، ونتائج الوضع النهائي في سوريا، والحرب على «الإرهاب»، وتطورات المواجهة المُستعرّة مع إيران.
وهكذا نحن.. انتظرنا «فيض» الآخرين تجاهنا، و«فتات رضاهم». ومرّ العمر قهراً وعُسراً، وانتظرنا يوماً بعد يوم، وسنة تتبعها أخرى .. في إطار مقولة «لعل وعسى»، و«غداً يوم آخر».
وكالأغنام البلهاء الصاغرة الذليلة.. سرنا خلف زعيم زُقاقنا، وحيّنا، ومنطقتنا، ومذهبنا.. وأعدنا انتخابه وتثبيت موقعه وسلطته (هو وعائلته وسليلته وأنسباؤه) مثنى وثلاث ورباع وسُباع، كي يُحسن التسلّط علينا والإمساك برقابنا.. واغتصابنا!!
لكن بقيت الحقيقة حقيقة، ولو علاها الصدأ والغبار والضباب وغشيتها المغالطات.. وهي أن مستقبلنا ومستقبل أبنائنا وأحفادنا لا يجوز أبداً أن يُصيغه الزعيم، ولا يجوز أبداً أن يصنعه الآخرون، ولا يجوز أبداً أن يكتبه الآخرون، ولا يجوز أبداً أن يصبغه الآخرون، وأن قدرنا بيدنا إذا شئنا ذلك وإذا عقدنا العزم على ذلك، وما عدا هذا فهو وهمٌ وسراب وخداع وباطل.
أملنا واعد، أن يتمخض الحَراك ويلد انتفاضة تُشعل ثورة شاملة لا تُبقي ولا تذر من بنيان الفاسدين والطُغاة.