18 كانون الأول 2020 12:02ص أبو سليمان لـ«اللواء»: رفع الدعم كاملاً يعني أن 70٪ من اللبنانيين سيصبحون تحت خط الفقر

حجم الخط
لا إحصاءات دقيقة ورسمية ويومية حول نسبة الفقر في لبنان التي تتعرض لتبدل مستمر طبقا للأوضاع السياسية والاقتصادية المنحدرة باستمرار في لبنان، لكن جميع المؤشرات تلفت الى وضع يزداد سوءا مع الأيام وينذر بالمزيد.

تشير دراسة أخيرة لـ«اللجنة الإقتصادية والإجتماعية لغربي آسيا» (الإسكوا) الى نسبة وصلت الى ان 55 في المئة من اللبنانيين هم تحت خط الفقر. وهي نسبة ضخمة ومرشحة لأرقام أكبر من ذلك في ظل الجمود السياسي وعدم تشكيل الحكومة. 

ومعنى الفقر هنا أن يكون الدخل اليومي للفرد تحت الـ100 دولار شهريا على سعر الصرف الأول أي 1515 ليرة للدولار، وهو رقم جد سلبي حسب الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان في حديث لـ«اللواء».

وفي موازاة ذلك تحضر مسألة «الفقر المدقع» أي عدم تمكن المرء من كفاية حاجاته الجسدية من السعرات الحرارية ماديا. وهي شريحة عاطلة عن العمل بلغت نسبتها 23 في المئة كما أنها في إرتفاع مستمر حسب الخبير الاقتصادي، الذي يشير الى أن الفقر في وتيرة متصاعدة أكثر من السنوات الماضية لأنه مرتبط بالوضع النقدي والاقتصادي والمالي، وخاصة ارتفاع الدولار «كوننا نستورد نحو 90 في المئة من منتوجاتنا من الخارج عبر الدولار الذي يتناقص في لبنان».

وفي ظل مؤشرات جديدة على اللاسيطرة في ظل ذلك على سعر الصرف، فإن الطبقة الوسطى ستختفي أما الطبقة الفقيرة فتزيد فقرا. كما أن نسبة البطالة في زيادة وقد ناهزت الـ40 في المئة من القوى العاملة مع الأخذ بعين الاعتبار أن النسبة المتبقية لا يعمل معظمها براتب كامل، وبذلك لنا أن نستشف ماهية القدرة الشرائية لدى اللبنانيين. كما يجب التوقف عند مؤشر هام هنا: إن 65 في المئة من اللبنانيين المسجلين في الضمان الاجتماعي لا يتخطى راتبهم المليون ليرة شهريا، وهو ما يعني كارثة حقيقية في ظل سبات عميق ومحزن للمسؤولين!

ناهيك عن أن 85 في المئة من اللبنانيين المنتجين يتلقون مدخولهم بالليرة اللبنانية التي فقدت 80 في المئة من قيمتها وهو ما ينقلنا تلقائيا الى موضوع يشغل بال اللبنانيين يتعلق برفع الدعم.

هنا يؤكد أبو سليمان أن الدعم ليس خيارا والمسألة بسيطة: إذا توافرت العملة الأجنبية يستمر الدعم واذا فقدت فلا دعم. لذا لا نعرف عن مصير سعر الصرف، ويشير الى أن ما بين 55 و60 في المئة من الدعم يذهب الى المحروقات أي بين مليارين و750 مليون دولار الى ثلاثة مليارات دولار، بينما يذهب نحو 150 مليون دولار الى دعم الطحين ما لا يشكل أكثر من 5 في المئة ويجب حمايته.

لكن يبدو الأفق غامضا اليوم على صعيد مسألة الدعم وثمة حديث عن ترشيده، وهو الذي يشرحه الخبير الاقتصادي بأنه «توجيه» له وذلك قد يحصل عبر بطاقات تموينية شهرية بمبلغ معين لمن هم دون خط الفقر يستطيعون عبرها شراء المحروقات مثلا.

على أن الدعم كما هو قائم اليوم لا يمكن الاستمرار به ويذهب كثير منه الى غير المستحقين له. فمثلا على صعيد دعم المحروقات، فإن 40 في المئة من أبناء الطبقة الميسورة يستفيد منه وكذلك الأمر لمن يتلقون العملة الصعبة من الخارج ومنهم الأجانب الذين باتت تنكة البنزين تكلفهم ثلاثة دولارات! 

كما تُهرب نسبة 30 في المئة الى سوريا وتدفع عشرة في المئة عملات للتجار، وتبقى نسبة الـ20 في المئة باقية للأسر الأكثر حاجة، وهو ما يشير الى هدر كبير في آلية الدعم الحالية.

وبالنسبة الى السلة الغذائية، فقد دعمت الحكومة بمبلغ تقريبي يبلغ نحو 450 مليون دولار، إستفاد منها بعض التجار بـ250 مليون دولار أي أكثر من 50 في المئة من القيمة!

سيكون ترشيد الدعم حلاّ مُرا لمسألة أمَرّ حسب أبو سليمان، وسيكون الدعم برمته متعلقا باحتياطي الدولة من الدولار في مصرف لبنان الذي قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة انه يستطيع الصمود عبره شهرين الى الامام وقد تبقى منها ستة أسابيع!

ومع ارتفاع الدعم على سلع في السوق سيرتفع الطلب على الدولار، وثمة من خرج لتبشير اللبنانيين بقرب مد اليد على إحتياطي الذهب، لكن هذا الامر في حاجة الى مشروع قانون في المجلس النيابي وهو في الاصل مستبعد في هذه اللحظة.

الحل سياسي.. وخشية من إضطرابات

في كل الأحوال، فإن الحل سياسي في الدرجة الاولى وأولى خطواته تشكيل حكومة للبنانيين تكون قادرة على اجراء الاصلاح وجلب العملة الصعبة بعد مفاوضات مع «صندوق النقد الدولي». 

لكن ذلك لن يجلب فورا المال المطلوب من الخارج، ويجب الإنتظار أربعة الى خمسة أشهر في افضل الأحوال حسب أبو سليمان، لإنجاز إتفاقية على هذا الصعيد والشروع في إصلاحات يطلبها المجتمع الدولي من تدقيق في مصرف لبنان ومؤسسات أخرى يعرف أيضا اللبنانيون من خلاله كم تبقى لديهم من أموال بعد كل تلك الازمات! وسيكون على لبنان تلبية تحديات كبيرة يطلبها الخارج مثل إعادة هيكلة الإدارة لمعالجة «الحشو» في التوظيف ومعظمه سياسي وطائفي، ويجب أن يكون ذلك متوازيا مع 

خلق وظائف جديدة كما مناطق حرة لتدعيم القطاع الصناعي وغيره من الحلول البديلة.

يختم أبو سليمان بإشارة حول ما إذا رفعت الدولة الدعم بالكامل، حينها يمكن أن نصل الى رقم الـ70 في المئة من الشعب سيصبحون تحت خط الفقر، وهو ما قد يعني أن نتحول الى دولة فاشلة ونعاني من إضطرابات إجتماعية وأمنية خطيرة!