بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 شباط 2023 12:44ص أحزاب وتجمعات سياسية قامت ثم تلاشت .. تحالفات ودماء في زمن الحرب (6 )

95 يوماً على الشغور الرئاسي.. العداد يواصل تصاعده بلا حدود

من اجتماعات المجلس السياسي المركزي للحركة الوطنية من اجتماعات المجلس السياسي المركزي للحركة الوطنية
حجم الخط
95 يوماً على الشغور الرئاسي في لبنان، من دون ان تلوح في الأفق أي بوادر بانجاز هذا الاستحقاق قريبا ،وفيما لم تسفر الجلسات الانتخابية الـ11 عن أي نتيجة ، تستمر الحكومة الميقاتية الثالثة التي تعتبر مستقيلة منذ بدء ولاية  مجلس نواب 2022 في 22 أيار الفائت في مهام  تصريف الاعمال، في وقت يواصل الدولار الاعيبه وتحليقه ، مترافقا مع ارتفاع  جنوني في   الأسعار وتدهور حياة الناس الاقتصادية والمعيشية والصحية  والتربوية ، فيتواصل الشغور الرئاسي  ويستمر  عداد فراغ الكرسي الأولى بالتصاعد ، بانتظارإشارة مرور خارجية ، عبر توافق دولي ، وإقليمي وتحديدا عربي  كان يطلق عليه  «الوحي» الذي يحوله النواب في صندوقة الاقتراع باسم الرئيس العتيد ، وفي المفارقات الرئاسية منذ أول رئيس استقلالي ، انه  كانت تقوم مع كل رئيس جديد   تكتلات وجبهات سياسية وحزبية جديدة ، وتختفي أخرى .  
  بأي حال ، فإن  «كلمة السر» الحاسمة بشأن الانتخابات الرئاسية  لم تصدر بعد ، ليحولها نواب «الأمة «الى حقيقة في صندوقة الاقتراع الزجاجية ، وبالتالي سيتواصل  عداد أيام الشغور في الكرسي الأولى بالتصاعد  «حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا»، فيما تتواصل معه مرارات اللبنانيين التي باتت تطال كل تفاصيل حياتهم اليومية، وخصوصا الصحية  والاجتماعية  والتربوية والاستشفائية والدوائية والغذائية، إضافة الى النور وحركة النقل، لكن  ثمة سؤال يبقى يلح في خاطر اللبنانيين عن كيفية ولادة تجمعات وتكتلات أو أحلاف سياسية في كل فترة زمنية ثم لا تلبث أن تذهب الى  التلاشي والإختفاء .  
بعد انتخاب الرئيس سليمان فرنجية في عام 1970 ، كان ملامح الاشتباك مع المقاومة الفلسطينية تتكون في الأفق اللبناني والتي كانت نذرها قد بدأت في عهد الرئيس شارل حلو ، وخصوصا بعد مظاهرات لبنانية في 23 نيسان 1969 التي انطلقت تحت شعار حماية المقاومة الفلسطينية فكان الصدام مع القوى الأمنية ، فسقط ضحايا ضحايا وجرحى من المتظاهرين ، فقدم الرئيس الشهيد رشيد كرامي استقالة حكومته  ،  فلم يشأ الرئيس حلو قبول الاستقالة أو رفضها، لأنه أدرك أن البلاد على حافة الهاوية، وأن كل مناورة سياسية تقليدية من شأنها نقض الميثاق الوطني، مع ما يستتبع ذلك من أخطار. وهكذا في اول تشرين الأول 1972  قامت جبهة سياسية جديدة تحت اسم « الجبهة العربية المشاركة في الثورة الفلسطينية» تهدف الى تنظيم العلاقة مع المقاومة الفلسطينية ، وانتخب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الشهيد كمال جنبلاط أمينا عاما لها ، وضمت هذه الجبهة :الحزب التقدمي الإشتراكي، الحزب الشيوعي اللبناني، حزب البعث العربي الإشتراكي،الحزب السوري القومي الإجتماعي ، حزب الهشناق، منظمة العمل الشيوعي ووحدة القوى الناصرية.

تحالفات وكتل في ظل الحرب الأهلية
مع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان في 13 نيسان 1975 ، وتطور الاشتباكات والمعارك ، تعددت الأصوات المطالبة بالحوار الوطني فكان أن أعلن الرئيس رشيد كرامي في ظل سعي سوري، تشكيل هيئة الحوار الوطني في 24 أيلول، ضمت شخصيات تمثل مختلف القوى والتوجهات السياسية والاجتماعية في البلاد بغية الوصول إلى اتفاق عله يشكل مدخلاً صالحاً لحل الأزمة المتفاقمة، وقد تألفت هذه الهيئة من: كامل الأسعد، رشيد كرامي، كميل شمعون، عبد الله اليافي، صائب سلام، مجيد أرسلان، فيليب تقلا، غسان التويني، كمال جنبلاط، بيار الجميل، ريمون إده، رينيه معوض، خاتشيك باباكيان، الياس سابا، رضا وحيد، عباس خلف، نجيب قرانوح، ادمون رباط، عاصم قانصوه، وحسن عواضه.
عقدت هذه الهيئة اجتماعها الأول في 25 أيلول الذي تميز بمشادة حادة بين ريمون إده، وبيار الجميل، على قاعدة سيادة واستقلال لبنان، حيث اتهم إده الجميل وحزب الكتائب بالتفريط بسيادة لبنان واستقلاله منذ العام 1969. وفي ختام اللقاء الأول اجمع المتحاورون على ضرورة إعادة الامن والحياة الطبيعية إلى لبنان والتمسك بصيغة التعايش ووحدة الشعب والأرض وأن الوطن للجميع، كما شكلت لجان مختلفة لوضع تصور لإصلاح سياسي ودستوري في البلاد كان أبرزها كيفية الإصلاح السياسي، لكن كل ذلك لم يحل دون مزيد من تدهور الاوضاع حيث مورست ابشع أنواع عمليات الخطف والقتل والدمار. وبعد عدة لقاءات واجتماعات سواء لهيئة الحوار أو لما تفرع عنها من لجان مختلفة، عقدت هذه الهيئة اجتماعاً في 24 تشرين الثاني فتغيب عنه كميل شمعون وكمال جنبلاط، مما دفع الرئيس صائب سلام والعميد ريمون إده إلى الانسحاب فانفرط عقد الهيئة نهائياً دون أن تتمكن من الوصول إلى أي نتيجة.
الجدير بالذكر أنه في 4 تشرين الأول من عام 1975 كانت قد عقدت قمة اسلامية - مسيحية في بكركي ثم في دار الفتوى، وكان الحوار رائعاً كما خرجت بتوصيات تؤكد التمسك بصيغة العيش المشترك والسيادة الوطنية ورفض التقسيم، كما دعت الدولة إلى استعجال الاصلاح واستعمال اقصى ما يخولها إياه القانون، لكن كل ذلك لم يؤد إلى التهدئة فاستمرت الأوضاع على تدهورها.
خلال ذلك استمرت ولادة الجبهات والتحالفات  السياسية المختلفة، ففي 31 كانون الثاني 1976 اعلنت ولادة «جبهة الحرية والانسان» في الكسليك التي ضمت في اول اجتما لها : الأباتي شربل قسيس، والرئيس كميل شمعون، ورئيس حزب الكتائب بيار الجميل، ورئيس الرابطة المارونية شاكر أبو سليمان، والدكتور شارل مالك، والشاعر سعيد عقل والدكتور فؤاد الشمالي. الجدير بالذكر هنا ان  الحركة الوطنية اللبنانية قد أعلنت في السابق قيام صيغة ائتلافية للقوى والأحزاب والحركات الوطنية والتقدمية اللبنانية تحت اسم «المجلس السياسي المركزي للحركة الوطنية» ، وفيما بعد تحولت «جبهة الحرية والانسان» إلى «الجبهة اللبنانية» وفي 11 تموز 1976 أعلن ولادة «جبهة الاتحاد الوطني» التي ضمت الرؤساء: رشيد كرامي، صائب سلام، أحمد الداعوق، ورشيد الصلح، النائبين مخايل الضاهر والبير منصور، وكلا من: أمين بيهم الدكتور نجيب قرانوح وغيرهم من الشخصيات، كما ولدت أيضاً «الجبهة القومية» في مواجهة المجلس السياسي المركزي للحركة الوطنية برئاسة كمال شاتيلا وكانت مدعومة من سورية.
لقد حفلت سنة 1976 بعدة تطورات كان أبرزها إعلان الرئيس سليمان فرنجية الوثيقة الدستورية في شهر شباط وانقلاب العميد عزيز الأحدب في آذار والمطالبة بإستقالة الرئيس فرنجية بواسطة عريضة وقعها 66 نائباً، ثم انتخاب الرئيس الياس سركيس رئيساً للجمهورية الذي كان قد سبق بحرب الثكنات وانقسام الجيش اللبناني لتستمر الأوضاع في تدهورها بحيث لم تفلح كل مساعي التسوية، في نفس الوقت الذي تمت فيه حركة تهجير من كل المناطق، بالرغم من المحاولات التي جرت لوقف عملية التهجير التي اقتربت من عمليات الفصل الطائفي. 
في مطلع شهر أيلول عام 1976 عقد وزراء الخارجية العرب اجتماعاً طارئاً قرروا بموجبه عقد قمة خاصة بالأزمة اللبنانية في النصف الثاني من شهر تشرين الأول فعقدت في القاهرة ثم تحولت هذه القمة إلى قمة سداسية عقدت في الرياض في 18 تشرين الأول وضمت كلاً من مصر، سورية، فلسطين، الكويت، المملكة العربية السعودية، ولبنان، فتقرر في هذه القمة حل الازمة اللبنانية وتقرر إنشاء قوات ردع عربية ووقف القتال في صورة نهائية والالتزام به التزاماً كاملاً من جميع الأطراف وفتح جميع الطرقات والمعابر، كما قرر المؤتمر الالتزام بإزالة آثار النزاع والأضرار التي حلت بالشعبين اللبناني والفلسطيني وتنفيذ اتفاق القاهرة وملاحقه.
تصفيات داخلية وحروب الأخوة 
 لم يستطع الحوار اللبناني - اللبناني الذي أراده الرئيس سركيس أن يتقدم ففي شهر أيار وقع الصدام الأول بين «القوات اللبنانية» والجيش السوري في قرية بلا في الشمال لتتصاعد بعده الصدامات تدريجياً والتي كانت تترافق مع تصعيد مستمر للاعتداءات الاسرائيلية، وكانت المحطة الأخطر في 9 تشرين الثاني 1977 حينما زار الرئيس المصري أنور السادات القدس المحتلة فكانت هذه الزيارة بالنسبة إلى لبنان زلزالاً قلب الكثير من المعادلات توجت في 14 آذار 1978 بعدوان اسرائيلي واسع على الجنوب تحت اسم «عملية الليطاني» وأعلنت تل أبيب على أثره تنصيب العميل الرائد سعد حداد مسؤولاً على المنطقة التي احتلتها .. لتتصاعد بعد ذلك وتيرة الصراعات والانقسامات الداخلية، ففي فجر 13 حزيران 1978 شن نحو 1500 مسلح من «القوات اللبنانية» هجوماً على اهدن واغتالوا النائب طوني سليمان فرنجية وزوجته وطفلته ابنة السنتين، كما ارتكبوا مجزرة مروعة بحق الأهالي كما هزت الطائفة المارونية تجربة ثانية في 7 تموز 1980 حينما هاجم المئات من مسلحي «القوات اللبنانية» منطقة الصفرا في عملية واسعة لتصفية التنظيم العسكري لحزب الوطنيين الأحرار، وطوال الحرب الأهلية لم تنفع كل محاولات الحوار والدعوات إليه، وكانت الخلافات في كل منطقة تصل في كثير من الأحيان إلى الصدام المسلح ،كما شهدت المناطق الغربية كما كان يطلق عليها مزيدا من الحروب والصراعات والقتال بين أبناء «الصف الواحد» وطوال الحرب الأهلية لم تنفع كل محاولات الحوار والدعوات إليه،  والحوار الذي كان يعقبه هدوء مؤقت لم يكن أبداً من صنع اللبنانيين بل كان نتيجة تدخلات ومساع عربية ،واستمر الوضع على هذه الشكل التراجيدي حتى العام 1982 ..ليكون لبنان أمام مرحلة جديدة .  
(يتبع )