بيروت - لبنان

اخر الأخبار

9 شباط 2021 11:00ص أزمة تشكيل الحكومة الجديدة متوقفة على حل إشكالين أساسيين:

إنهاء ذيول الفيديو الفضائحي والإتفاق المسبق على كل الخلافات حول التشكيلة الحكومية

حجم الخط
لا يبدو في الأفق ما يؤشر إلى إمكانية إنهاء مرحلة الجمود في عملية تشكيل الحكومة الجديدة ومعاودة اللقاءات بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري لاستئناف التشاور والبحث في الخطى المطلوبة لإنجاز عملية التشكيل بفعل استمرار الخلافات والأسباب التي توقفت عندها مشاورات التشكيل منذ ما يقارب الخمسين يوماً، بسبب انقلاب عون على التفاهمات الثنائية المعقودة مع الحريري بإيحاء من صهره النائب جبران باسيل وإصراره على تجاوز صلاحياته الدستورية ومحاولته الالتفاف على مفهوم المبادرة الفرنسية وحكومة الاختصاصيين الإنقاذية لاستنساخ حصة الثلث المعطل في التشكيلة الوزارية المرتقبة لتكريس نفوذ استئثار رئيس «التيار الوطني الحر» بقرار الحكومة وتوجهها السياسي بهدف تعويمه سياسياً وسلطوياً بعد توسع النقمة الشعبية ضده، إن كان من خلال التظاهرات العارمة التي تناولته في العام الماضي، إنطلاقاً من فشله الذريع بالأداء السياسي السيىء أو اهداره عشرات مليارات الدولارات من خزينة الدولة على قطاع الكهرباء دون طائل.
ولذلك، لا تجدي دعوات رئيس «التيار الوطني الحر» وبياناته المتكررة للرئيس المكلف للصعود إلى قصر بعبدا مجدداً لاستئناف المشاورات مع رئيس الجمهورية حول تشكيل الحكومة الجديدة نفعاً أو تجاوباً، لأنها ظاهرياً تهدف إلى امتصاص النقمة السياسية والشعبية التي تعتبر رئيس الجمهورية بأنه المسؤول المباشر عن عملية التعطيل ومحاولة إلصاق تهمة التعطيل زوراً بالرئيس المكلف فيما كافة المواقف بالداخل والخارج معاً توجه الانتقادات لرئيس الجمهورية تحديداً وتتهمه بالمسؤولية المباشرة عن تعطيل تشكيل الحكومة، انطلاقاً من موقعه الدستوري ودوره في عملية التشكيل، وأقوى دلالة على هذا الواقع الدعوات المتكررة والانتقادات التي وجهها البطريرك الماروني بشارة الراعي بهذا الخصوص.
بعد أكثر من محاولة قام بها «التيار الوطني الحر» لتعطيل مهمة الرئيس المكلف وحمله على الاعتذار والتوقف عن متابعة عملية التشكيل وكان آخرها الفيديو الفضيحة الذي اتهم فيه رئيس الجمهورية الرئيس المكلف بالكذب خلافاً للواقع، جوبه بإصرار قوي من الحريري على عدم التراجع عن تشكيلته الوزارية المرتكزة إلى المبادرة الفرنسية، بتركيبتها وتوزيع الوزراء وإصراره على عدم الاعتذار، ما فرض واقعاً جديداً، حصنه الرئيس المكلف بسلسلة من الخطوات، مستنداً إلى صلاحياته الدستورية الواضحة كل الوضوح وتتعارض مع التفسيرات الملتوية والالتفافية التي يحاول رئيس الجمهورية التلطي خلفها لتبرير عرقلته التشكيلة الحكومية والاستئثار بحصة وزارية تتجاوز هذه الصلاحيات شكلاً ومضموناً.
إزاء هذا الواقع الذي وجد فيه العهد برئيسه وفريقه انه لن يستطيع تجاوز مواقف الرئيس المكلف في ظل موازين القوى السياسية القائمة والرغبة العربية والدولية الداعمة لتولي الحريري لرئاسة الحكومة والمضي قدماً في تأليفها، أصبحت دعوات «التيار الوطني الحر» والموالين للرئاسة، توجه للرئيس المكلف للقاء عون واستئناف التشاور حول تشكيل الحكومة الجديدة بالاعلام بعد انقطاع التواصل بينهما طوال المرحلة، فيما تصطدم معاودة هذه المشاورات بعقبات عديدة تتطلب أولاً إزالتها والبحث الجدي في نقاط الخلاف التي أدت إلى تعثر مسار تشكيل الحكومة ومنها:
أولاً: الاتفاق على صيغة أو مخرج لإنهاء ذيول واقعة الفيديو الفضيحة الذي اتهم فيه عون الرئيس الحريري بالكذب، لأنه من الصعوبة بمكان معاودة اللقاءات بين الطرفين وكأن شيئاً لم يحصل على هذا الصعيد.
فلا يمكن إعادة الأمور والعلاقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف إلى طبيعتها من دون جلاء ملابسات هذه الواقعة المسيئة بكل المفاهيم للرئاسة الأولى، ولا بدّ من إيجاد صيغة ملائمة تنهي ذيولها وتعديل العلاقة إلى ما كانت عليه، وإلا ستبقى الأمور على حالها من التردي واستمرار خطى تشكيل الحكومة معطلة.
ثانياً: التفاهم المسبق على حل جميع نقاط الخلاف ومسببات تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، لكي تُكرّس لقاءات التشاور مبدأ الاتفاق النهائي على التشكيلة الحكومية وإنجاز خطى ولادتها بالكامل، لأن البلد لم يعد يحتمل مزيداً من اللقاءات والمشاورات التي تستهلك الوقت من دون نتيجة أو الدوران في حلقة الشروط والمطالب التعجيزية بلا طائل كما كان يحصل في السابق.
ولذلك، فمن دون تحقيق هذين المطلبين المهمين في معاودة مسار تشكيل الحكومة العتيدة، ستبقى كل الدعوات الصادقة والمزيفة تتردد في وسائل الإعلام والمنابر السياسية للاستهلاك الشعبي ومن دون أي نتيجة، ويبقى المطلوب لتحقيق معاودة التشاور حول تشكيل الحكومة الجديدة وجود جهة أو شخصية بارزة، تستطيع القيام بمبادرة مميزة لجمع رئيس الجمهورية والرئيس المكلف من جديد، تمهيداً لاستكمال الخطى المطلوبة لتشكيل الحكومة وفيما يبقى السؤال المطروح، من هي الجهة الفاعلة أو الشخصية التي تستطيع القيام بهذا الدور، وهل سيبقى لبنان في دائرة الانتظار حتى ذلك الحين؟