أعربت تغريدة رئيس الوزراء الاسرائيلي بينيامين نتنياهو بتاريخ 24 آب 2020 بعد تصريحات الناطق باسم الخارجية السودانية المُقال حيدر بدوي، عن عميق اعجابها بالتوجه السوداني نحو التطبيع مع تل أبيب.
فالبنسبة لنتنياهو فإن تطبيع العلاقات مع السودان سيسمح لتل أبيب باعادة آلاف السودانيين العاملين في اسرائيل إلى بلادهم، وهم بالمناسبة يشكلون نحو خمس العمالة غير المسجلة في اسرائيل وهذا ما هو مرحب به من قبل الجمهور الاسرائيلي لأن العمال السودانيين ينافسون العمالة الاسرائيلية.
لا غبار على أن السياسة الاسرائيلية ساهمت مساهمة فعالة في موضوع انفصال جنوب السودان وقد لعبت العلاقات الاسرائيلية مع حركة تحرير جنوب السودان ومع زعيم الحركة جون قورنوق دوراً هاماً بايلاء اسرائيل اهتماماً كبيراً ودقيقاً للملف السوداني نظراً لتمتع السودان بأهمية اقتصادية كبرى، إذ يقدر احتياط النفط فيه بحوالي مليار ومائتي برميل نفط معظمها في الجنوب والغرب وخصوصاً في اقليم دارفور الذي يحيا على بحيرة من النفط تنتج 220000 برميل يومياً يتم استهلاك 60000 برميل منها محلياً وتصدير 169000 برميل.
وتشير المصادر المحلية إلى أن الاحتياطي الاجمالي يصل إلى 3 ملايين برميل، ويذكر أنه لم يتم اكتشاف إلا 20% من المساحة التي يحتمل تواجد نفط فيها.
ويمتلك السودان أهم الموارد المائية المتمثلة بنهر النيل حيث تقدر اراداته السنوية بحوالي 85.6 متراً مكعباً، كذلك فإن السودان يعتبر من الدول الغنية بالذهب حيث وصل الانتاج في عام 1998 إلى 5.67 طن بعائدات 54 مليون دولار.
والجدير ذكره أن الاطماع الاسرائيلية تزايدت في السودان عقب توقيع الخرطوم اتفاقيات اقتصادية واستثمارية مع الصين وأهمها اتفاقية تجارية مع شركة ebe الصينية كان قد تم التوافق عليها في كانون الثاني 2020 وهي بقيمة 680 مليون دولار.
أما من الناحية الجيوسياسية، تعتبر السودان قبل الانفصال أكبر دولة في قارة افريقيا، وتمتلك حدود مشتركة مع 9 دول وتبعد عن البحر الأحمر حوالي 390 ميلاً قبالة شواطئ المملكة العربية السعودية، وتزيد جزرها عن 36 جزيرة في هذا البحر الذي يعتبر ممراً للسفن العسكرية و التجارية.
وبما أن مساحة السودان الواسعة تمكنها من ارهاق العدو وانهاكه، تصبح امكانياتها كبيرة في تهديد اسرائيل.
من هنا، تسعى تل أبيب إلى التطبيع مع السودان، وهو الامر الذي دفع آفي ديختر وهو وزير أمن اسرائيلي سابق في محاضرة ألقاها في العام 2008 إلى القول بأن أسباب اهتمام اسرائيل بالسودان يعود إلى أن هذا البلد الافريقي بموارده ومساحته الشاسعة وعدد سكانه سيصبح حتماً دولة عربية افريقية قوية منافسة لبلدان عربية رئيسية.
لذا أصبحت السودان موضوعاً هاماً بالنسبة لاسرائيل ومحط أنظارها، فساهمت تل أبيب مساهمة فعالة في تقسيمها إلى دولتين كخطوة أولى، مع العلم بأن غولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل السابقة كانت قد أكدت على أن اضعاف كل من العراق والسودان يتطلب اثارة النعرات الطائفية والعرقية فيها وهذا ما عاد وحدث.
وقد واصلت المؤامرة الاسرائيلية إلى حد المشاركة في تفتيت هذا البلد، إذ يذكر كتاب اسرائيل والحركة الشعبية لتحرير السودان الذي أصدره مركز دايان لأبحاث الشرق الاوسط وافريقيا التابع لجامعة تل أبيب، بان اسرائيل تسعى إلى تقسيم السودان إلى خمس دويلات، وهي دارفور، جبال النوبة، الشرق، السودان الجديد، والسودان الشمالي، بهدف اضعاف خاصرة السودان مصر وحرمان العرب من مصدر تمويني وغذائي كبير اضافة إلى استغلال اسرائيل مياه النيل.