بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 كانون الأول 2017 12:01ص أوهام؟!

حجم الخط
يودع اللبنانيون السنة على وعد من رئيس الجمهورية بأن السنة القادمة ستكون أفضل من السنة الماضية، اللبنانيون يتمنون ان تساعد الظروف رئيس البلاد لأن يصدق بوعده، وتكون السنة القادمة أفضل من السنة الماضية، لكنهم في ذات الوقت ليسوا مطمئنين إلى المستقبل الذي ينتظرهم وينتظر بلدهم، لعدم وجود أية بوادر إيجابية أمامهم، ويساورهم الشكوك بأن تكون وعود رئيس البلد بسنة أفضل مجرّد تمنيات لتبديد بعض من القلق على المستقبل الذي يقضّ مضاجعهم ليل نهار. فعلى ماذا استند الرئيس لكي يتفاءل بالسنة الجديدة وتعمم تفاؤله على اللبنانيين، وكل ما حولهم يشي بعكس ذلك تماماً، فلا الوضع الاقتصادي مستقر ولا يوجد في الأفق المنظور أية بوادر على أن العجلة الاقتصادية ستتحرك بما يضمن للبلاد والعباد الاستقرار الاقتصادي، حتى لا نقول النمو لأن النمو يحتاج إلى استقرار سياسي وإلى ظروف إقليمية ودولية مهيأة، في حين يرون ان الاستقرار السياسي معدوم في ظل استمرار الخلافات العميقة بين كل المكونات السياسية حول حتى أصغر الأمور، وما نشهده على أبواب السنة الجديدة، من مواجهة بين الرئاستين الأولى والثانية حول مرسوم يتعلق بإعطاء أقدمية لدورة ضابط، وتحوله إلى قضية ميثاقية سوى دليل ساطع على ان ثمة مشاكل كثيرة، بين المسؤولين من أرباب السلطة تنتظر السنة الجديدة، وكذا الأمر داخل الحكومة التي تعمل في الحد الأدنى للحفاظ على استمراريتها، وتتجنب الغوص في عمق الأزمات المتراكمة، خوفاً من ان تسقط هي في الرمال المتحركة. ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتردي جداً وغياب الحلول والخطط لإعادة الدورة الاقتصادية الى ما يجب ان تكون عليه لينعم لبنان بالاستقرار الاقتصادي ويخطو الخطوات المطلوبة دولياً نحو النمو المضطرد، فهذا البلد يُعاني من الركود الاقتصادي إلى درجة ان الصناديق الدولية وضعته في دائرة الخطر، والحكومة القائمة بمتناقضاتها تبدو عاجزة عن تحريك هذا الركود ولو في الحدود التي تعطي اللبنانيين بصيص أمل ولو ضعيفاً بإمكانية تخطي هذه الأزمة الحقيقية التي يعيشونها منذ اكثر من أربع سنوات، بسبب الانقسام العامودي بين مكونات البلد بدءاً من الانتخابات النيابية وصولاً إلى أزمة الاستقالة، وما قبلها وما بعدها حول سياسة النأي بالنفس عن صراعات المنطقة وعن التدخل بالشؤون الداخلية للدول العربية التي كانت داعمة لبنان، وتشكل الأساس الصلب لنموه وازدهاره الاقتصاديين، فأين الدول العربية اليوم من هذا الدور، أولسنا في شبه عزلة عربية شبه تامة بسبب تدخلنا في شؤونهم الداخلية، فلا مساعدات ولا استثمارات ولا أي شيء مما اعتدنا عليه من الأشقاء العرب في تلك السنين الغابرة التي كانوا فيها يعتبرون لبنان بلدهم الثاني، ويتوافدون بمئات الآلاف إليه على مدى ايام السنة تعزيزاً للدورة الاقتصادية وتنشيطاً للحركة السياحية.
الرئيس عون متفائل بطبعه وربما يبني تفاؤله بالسنة الجديدة على ما انجزه عهده في السنة الماضية كإقرار سلسلة الرتب والرواتب، والموازنة العامة وقانون الانتخابات، الا انه لا يُمكن الاعتداد بهذه الانجازات ليبني عليها تفاؤله، الا إذا اقترنت باستقرار سياسي، وعملية إصلاح لقطع دابر الفساد من كل شرايين الدولة، وتضع خطة اقتصادية شاملة وقابلة للتطبيق، وتعيد العلاقات مع الدول العربية إلى ما كانت عليه في السابق، الامر الذي لا يزال حتى الآن في عالم الغيب، ولا يعطي اللبنانيين أي أمل بأن تكون السنة القادمة أفضل من السنة التي مضت غير مأسوف عليها، ومع كل ذلك ما من لبناني الا ويتمنى ان يتحقق وعد الرئيس وينعم بلده بالنمو المضطرد والازدهار.