بيروت - لبنان

اخر الأخبار

2 حزيران 2020 12:01ص أين نحن من المفتي حسن خالد؟

حجم الخط
كُثُرٌ يقاربون موضوع العفو العام وفقاً لرؤى كل منهم لهكذا نوع من المسائل، أو وفقاً لزاوية تموضعهم في السياسة، أو في المناطق، أو تموضعهم تجاه قدسية القانون .. لا أحد يطرح سؤالاً ولو على نفسه، انطلاقاً من رؤيته لكل هذا الكم من مشاريع القوانين والخطط التي تعمل عليها الحكومة والمجلس لمكافحة الفساد، وانطلاقاً من متابعته لكل تلك الأحاديث عن الفساد المستشري التي لطالما طرقت أبواب آذاننا نحن المواطنين جميعاً من قبل سياسيين وإعلاميين وغيرهم دون أن نرى فاسداً يحاسب .. يُطرح سؤال وهو: كم من مظلوم يا تُرى يُحتمل أنْ يكونوا قابعين خلف القضبان في السجون في ثوب متهم، أو ثوب مجرم بسبب وقوعه ضحية فاسد تربّص به تحت سقف حسن نواياه، في شارع من شوارع الحياة على أنواعها، أو في أي طريق نحو العدالة وجعله يقبع حيث هو يقبع في الثوب الجرمي أو الإتهامي الذي يقبع به، وهو مما هو متهم به، أو مدان به، أو موقوف بسببه براء؟..

إنّ تطبيق الدول للقوانين في أي مجتمع يحتاج من تلك الدول من ضمن أولويات ما تحتاجه هكذا مسائل هامّة أن تصون الدولة كل شوارع الحياة فيها، وكل طريق تؤدي الى العدالة من كل عابث أو فاسد، أو منعدم لديه الضمير، أو الأخلاق، أو متواطئ، أو مرتشٍ، أو متآمر، أو خائن ثقة أو خائن أمانة، أو لديه غايات مشبوهة من أي نوع.. إلخ إلخ .. وإلا بدون ذلك كيف يمكن الجزم بأن كل من هو خلف القضبان هو مجرم فعلاً أو مرتكب لذنب ؟..

لا يفهمنَّ أحد أنّني أقصد أحداً بعينه، أو جهة معينة مختصة أو غير مختصة، ولا حتى القضاء الذي نحترم ونجل .. أنا أتحدث عن شوارع الحياة وكل طريق الى العدالة في ظل المناخ غير الصحي على كل صعيد الذي نعيشه منذ العام 2005 .. هذه الشوارع وهذه الطرق التي قبل أن تنتهي عند تلك المنصات الموقرة التي نحترمها ونجلها سواء كانت منصات تحقيق أو منصات اتهام أو أحكام، والتي تقول هذا مذنب وهذا بريء تمر بمحطات كثيرة من كل نوع أحيانا تكون فيها التحديات كثيرة التي يقع في شركها الأبرياء ممن لا ذنب لهم سوى حسن النوايا .. 

أنْ يكون هناك موقوفون لسنوات في السجون بدون محاكمة فهذا أمر تتحمّل مسؤوليته السلطات السياسية المتعاقبة التي تعاقبت على الحكم في كل زمن كان هناك فيه موقوفون بلا محاكمات ولم تكترث لهم .. هذه السلطات السياسية تتحمل المسؤولية، فهناك قضايا لا يمكن أن تبقى خارج مسؤولية السلطات السياسية، مع احترامنا لكل جهة اختصاص.. الدولة بمَنْ يمثلها من سلطات سياسية هي مسؤولة عن شعبها وعن حقوقهم، وهي لا تستطيع أن تتبرّأ من هكذا مسؤوليات تحت أي ذريعة أو سبب، وإلا ماذا تعني المسؤولية في بلد تحكمه مؤسسات ولا أحد فيه إلا وتحت سقف التراتبية والقانون ..

في بلد تحكمه المؤسّسات لا يُلقى الناس في السجون سنوات بلا محاكمة، وإلا الذي يفعل هذا، من أين يأتي لفعله هذا بالمشروعية ؟.. 

في ما أعرفه عن والدي المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد .. أنه (رحمه الله) كان طلب في يوم من الأيام في زيارة له الى احدى الدول العربية من رئيس تلك الدولة، الذي كان يكن له كل تقدير واحترام الإفراج عن نجل أحد القادة في تلك البلاد، الذي كان موقوفاً في السجن في تلك المرحلة من الزمن مع والده في قضية معينة مبرّراً طلبه هذا بكون لا ذنب للإبن في ما ارتكبه الأب في حال كان فعلاً الأب ارتكب ذنباً .. وكان للشيخ حسن خالد، الذي كان مطلعاً على تفاصيل القضية من عائلة الموقوف، ما أراد وتمَّ فعلاً على الفور إطلاق سراح الإبن..

هكذا تكون القيادات .. الشيخ حسن خالد دافع عن المظلوم في وجه السلطة السياسية في بلد غير بلده وكان له ما أراد ورفع الظلم عنه.. فأين نحن من أمثاله في بلد يحتاج فيه المواطن المسكين سواء كان موقوفاً بلا محاكمات لسنوات، أو حرّاً يعيش من سنوات التعاسة، كثيرٌ من أمثاله ليقفوا الى جانبه في لقمة عيش، أو في حرية إن كان يستحقها ..لا أدافع في ما أقول عن أي مجرم .. أدافع عن الحق ولا نريد سواه ..