بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 تشرين الأول 2020 12:00ص إذا مش التنين... الخميس!!

حجم الخط
«إذا مش التنين... الخميس».. وإن الخميس لناظره قريب.

استحقاقات متسارعة في لبنان تسابق بعضها بعضاً، ضمن أولويات تشكل في ما تشكّل رسم خريطة طريق للمسار الحكومي من خلال إما الإبقاء على موعد الاستشارات النيابية الملزمة في قصر بعبدا، أو تأجيلها إلى خميس آخر ربما لا نستطيع تحديده بالوقت الراهن ريثما تنجلي صورة الاتصالات الحثيثة الجارية على قدم وساق ومن وراء الكواليس لإزالة العثرات والعقبات التي لا تزال حتى الساعة تعترض التكليف بالتزامن مع عدم وضوح المشهد السياسي عمّا إذا كان الرئيس سعد الحريري هو الأوفر حظاً حتى الآن لتكليفه بتشكيل الحكومة العتيدة أم ان هناك مفاجآت ما قد تظهر في اللحظات الأخيرة تقلب الأمور رأساً على عقب لكي يعود موضوع التكليف إلى نقطة الصفر وتبدأ لعبة شد الحبال بين المسؤولين والسياسيين في لبنان من جديد، فيما يبقى المواطن اللبناني وحده يدفع ثمناً غالياً لمثل هذه المماحكة والمماطلة في الموضوع الحكومي حتى يقدر الله امراً كان مفعولا.

انطلاقاً من ذلك، فإن معاناة لبنان والاقتصاد اللبناني وتدهور سعر العملة فيه، والغلاء الفاحش والاحتكار الجاري من قبل عدد من التجار للمواد الأساسية والحياتية للناس كالادوية والمحروقات والسلع الغذائية الأخرى إضافة إلى ما يسرب من هنا وهناك عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عن قرب رفع الدعم عن تلك المواد الأساسية في البلد، يجعل الجميع يعيش في هاجس وخوف على المصير والحياة اليومية والاجتماعية للبنانيين جميعاً في ظل غياب حكومة وما أدراك ما يعني غياب الحكومة في أي بلد من البلدان، فكيف بالاحرى في بلد كلبنان يُعاني ما يعانيه حالياً من كوارث مالية واجتماعية واقتصادية ونقدية أوصلته إلى حافة الانهيار.

وفي سياق تشكيل الحكومة الجديدة، مع ما يواكب ذلك من تسميات ومواصفات لها وعما إذا كانت ستشكل من اخصائيين أو تكنوسياسية أو حكومة مهمة لستة أشهر فقط، وأياً يكن من أمر فإن الخلطة الحكومية المنتظرة في حال تمت الاستشارات النيابية الملزمة يوم الخميس المحدد في 22 الجاري، فإن موضوع التأليف سيشهد مخاضاً عسيراً، والحكومة الجديدة لن تبصر النور في وقت قريب بحسب جميع الأوساط المعنية بهذا الشأن لأن الطريق لن تكون معبدة امامها بشكل يسير، ولن تكون مفروشة بالحرير حتى ولو كلف بتشكيلها الحريري نفسه، والأمور ستأخذ مداها إلى آخر المطاف لأسباب عديدة أوّلها الصراعات والخلافات بين المكونات السياسية والحزبية في لبنان من جهة، زد على ذلك ترقب  العالم لنتائج الاستحقاق الرئاسي من خلال الانتخابات الأميركية المقبلة في الثالث من تشرين الثاني المقبل والذي من شأنه ان يُشكّل عاملاً مؤثراً وفاعلاً جداً على صعيد وضع الأمور في لبنان في ثلاجة الانتظار ريثما يتم تشكيل الادارة الاميركية الجديدة ورسم خرائط جديدة أيضاً للعالم ومن ضمنها منطقة الشرق الأوسط التي تأتي ضمن أولويات وإهتمامات الولايات المتحدة الأميركية وغيرها من الدول الكبرى في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها المنطقة والعالم. وكي لا نكون متشائمين، علينا ولو بالحد الأدنى ان نعطي فرصة تشكيل الحكومة في لبنان مداها، وهذا الأمر يتطلب تبصراً وحكمة ووعياً، وإدراكاً للمخاطر، وما يخطط للبنان في الغرف المغلقة إقليمياً ودولياً لتظهير صورة واقع لبنان جديد، وصورة حكومة جديدة أياً يكن رئيسها لتبدأ مسيرة الإصلاحات وفق المبادرة الفرنسية التي أطلقها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الا في حال ان تفرض المفاجأة نفسها بعزوف الرئيس سعد الحريري عن قبول تشكيل حكومة جديدة في لبنان، وعندها يكون قد وقع ما لم يكن في الحسبان عند المعنيين بالشأن اللبناني جميعاً.

انطلاقاً من هذه الأحداث المتسارعة في كل من لبنان والمنطقة والعالم فإن شهر تشرين الثاني المقبل سيكون مفصلياً بكل ما للكلمة من معنى، باعتبار انه سيشهد الانتخابات الرئاسية الأميركية، وبعدها سيبدأ العد العكسي لانتهاء العام الحالي 2020 والتحضير للعام الجديد 2021 الذي لم تتضح مسار التطورات خلاله بعد، من خلال خلط الأوراق والاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية لا سيما في ما يتعلق بما يحضر ويحكى عن اتفاق أميركي - إيراني قد يقود إلى متغيرات جذرية وأساسية لا بل مصيرية في سياسات عدد من دول المنطقة والعالم والتي من شأنها ان تقلب الموازين وتفرض واقعاً جديداً في دول عديدة ومن بينها لبنان بالطبع، لمرحلة مقبلة قد تطول على أمل ان تحمل معها بشائر أمن واستقرار سياسي واقتصادي للجميع وأن تفتح باباً واسعاً للتوافق بين اللبنانيين أنفسهم بعيداً عن التدخلات والضغوط من هنا أو من هناك، اللهم الا إذا كان قد كتب ما قد كتب وعندها سيُصار إلى وضع لبنان والشعب اللبناني امام مصيره والأمر الواقع في ما تمّ التخطيط له إقليمياً ودولياً وبناءً عليه يمكن وضوح المشهد على صعيد مستقبل هذا البلد.

وهنا، لا بدّ من القول للسياسيين في لبنان، كفى سجالات ومناكفات ومهاترات وتشنجات فالناس قد ملّت ويئست من كلامكم الفارغ الذي لا يغني عن جوع، وباتوا يتعطشون إلى بارقة أمل وبصيص نور لاخراجهم مما هم عليه من فقر وجوع وعوز كما انهم يبحثون عن كيفية مواجهة اخطار انتشار وباء كورونا الذي بات يُهدّد الجميع في لبنان والعالم، لذلك لا بدّ من قول كلمة حق يراد بها حق وليس باطلاً، ألا وهي ان كفوا عن مهاتراتكم السياسية، واعتمدوا لغة الصمت في هذه المرحلة واحجروا انفسكم لأن خطركم بنظر النّاس بات أكبر وافظع واخطر من الكورونا.